صدقي حطاب.. قامة أدبية عميقة ترحل
نشر بتاريخ: 2017-10-30 الساعة: 13:41رحل قبل أيام في العاصمة الأردنية (عمان) المترجم والمفكر الفلسطيني صدقي حطاب (85 عاما)، المولود في قرية كفر صور في طولكرم عام 1932، بعد حياة مفعمة بالأدب، والفكر، والترجمة.
أخبار شحيحة وتكاد تكون معدومة عن رحيل حطاب، رغم انجازاته الفكرية، والأدبية، والعلمية، ذائعة الصيت في الكويت، التي عاش بها سنين عديدة، وعمل في فضائها الثقافي، ليكون واحدا من الأسماء العملاقة التي أثرت المكتبات العربية بالأدب المترجم، والمجلات الفكرية.
حصل حطاب على ليسانس في الأدب الإنجليزي من جامعة القاهرة 1955، ثم الماجستير من جامعة لندن 1967 عن رسالته: مذهب ريتشارد في النقد الأدبي، ثم حصل على الدكتوراه من جامعة لندن عن رسالته "أثر إليوت في الأدب العربي المعاصر".
عمل منذ عام 1955، وأسس عام 1957 قسم اليونسكو بدائرة المعارف في الكويت، وفي عام 1977 عُين مديراً لدائرة الشؤون الثقافية والفنية في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت، حتى عام 1989، ثم مديرا للمشروعات الثقافية فيه حتى اغسطس 1990.
كما شغل عضو مؤسس ونائب رئيس اللجنة الدائمة للثقافة العربية والتابعة للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) حتى عام 1990، ومدير الثقافة والإعلام في جامعة العلوم التطبيقية بالأردن منذ عام 1991.
اضافة لكون الراحل كان عضو هيئة التحرير في كل من: سلسلة عالم المعرفة من يناير 1978 وحتى أغسطس 1990 الكويت، ومجلة الثقافة العالمية من عام 1981 وحتى عام 1990، الكويت، ورئيس تحرير مجلة «المشكاة» منذ عام 1992، ومدير تحرير مجلة العلوم التطبيقية، (الأردن) حتى عام 1998.
ترجم عدداً من الأبحاث والدراسات والكتب منها: منهج المدرسة الابتدائية 1965، ولروبير دوتران، واليونسكو، والكويت، ووسائل وتقنيات جديدة في التربية 1966، لعدة مؤلفين، اليونسكو. الكويت، وناظر المدرسة الناجح، لجاسوانت 1966، الكويت، وفن المسرحية 1966، لايديس وبنتلي، بيروت، ودراما اللامعقول، أربع مسرحيات ليونسكو وأداموف وأربال وألبي، سلسلة من المسرح العالمي، الكويت 1970، وفن السيرة الأدبية لليون إيدل 1972.
وكتب عدداً من البرامج الثقافية لإذاعة الكويت، حيث قام بإعداد العديد من البرامج في تلفزيون الكويت منهم برنامج «الأدب في أسبوع» مع سليمان الشطي وعبد العزيز السريع.
ونقلا عن مقال لوزير الثقافة المصري الأسبق جابر عصفور، نشرته مجلة العربي الكويتية قبل أشهر: حطاب من أصدقاء الزمن الجميل بسنواته التي لا تنسى، والتي لا أزال أراها بمنزلة الحلم الذي كان يجمعني بشخصيات هي رموز مضيئة في كل مجال من مجالات المعرفة، إن إسهام صدقي حطاب في تأسيس سلسلة "عالم المعرفة" كان عظيما، فهو الذي كان بمنزلة "الدينامو" الذي كان يكمن وراءها، وظل يعمل على استمرارها، وتجددها إلى أن اضطرته أحواله الصحية إلى التخلي عنها، والعودة إلى مستقره الدائم في عمان.
وبحسب جريدة "الأخبار" فإن البصمة الحقيقية في ابداع وتجربة حطاب أنّه طرق أصعب الترجمات أي فن المسرح مبكرا وسط ازمات سياسية واجتماعية علت وشائجها وأوشحتها البلاد العربية والعالم قبيل النكسة، وكان طرح ترجمة «فن المسرحية» عبر «دار الثقافة» في دمشق. ومنه نهل كبار مبدعي العمل المسرحي على خشبة المسرح وفي الجامعات ومسرح الشارع وغيرها من المؤثرات الهامة.
وكانت تجارب حطاب مؤثرة أدبيا، وفنيا، من خلال احتكاكه برواد المسرح في فلسطين والكويت، ما جعله يجرؤ على ترجمة مهمة جداً في مستواها التاريخي- ومستولاتها الابداعية في ما بعد. فقد استفاد فن المسرح العربي من ترجمة حطاب، ما أعلى من فهم الجمهور لدلالات العمل داخل خشبة المسرح.
حطاب حرك أسئلة المترجم- المفكر، فتناول معضلات منها: لماذا اختار مارتن إسلين مسرحيات يونسكو وبيكيت وجينيه وأداموف، لتكون نموذجاً حرياً بالجمع بين دفتي كتاب «مدهش» أولاً، ويلقي بسلاله عبر رواد المسرح نحو ثقافة ابداعية جادة» من المعروف أن مصطلح العبث أو اللا معقول يعود إلى إسلين في خمسينيات وستينيات القرن المنصرم.
مقالة ألبير كامو التي كتبت في عام 1942، منحت المصطلح مشروعيته امام النقاد والجمهور، وفيها دعا الى تقديم الموقف الإنساني بشكل مهيمن وأساسي على أنّه موقف عبثي لا معنى له. وبعد إسلين، تداول الكتاب والنقاد المصطلح بما يعني العبث واللا معقول.
عندما ظهرت مسرحيات يونسكو وبيكيت وجينيه وأداموف على المسرح للمرة الأولى، حيّرت معظم النقاد والمشاهدين، وأثارت سخطهم، وهذا ما يتركه الفن المختلف الذي يثير القلق.
ومع ترجمة الراحل، نجحت تلك المسرحيات في اثارة نمط مختلف من المقاومة، وفهم دلالة وعي الجماهير للفن وقوته في تشكيل عقل الشعوب، هنا تميزت مبادرة صدقي حطاب - البصمة!
khl