الرئيسة/  ثقافة

شارع حطين وتاج محل والزهراء.. بدايات السينما في نابلس

نشر بتاريخ: 2018-10-31 الساعة: 11:35

نابلس-وفا-عرفت نابلس في تاريخها سبع دور سينما، نادرا ما تُذكر منها ثلاث: سينما بلا اسم في شارع حطين، و"سينما الزهراء أو المنشية"، و"سينما تاج محل"، وهي أولى دور سينما عرفتها المدينة، في ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي.

تشير غالبية مذكرات وكتابات المهتمين والمطلعين على الشأن الثقافي والتاريخي لمدينة نابلس، أن خمسينات القرن الماضي شهدت ظهور السينما الحقيقية في المدينة، من خلال سينما غرناطة سنة 1951، وسينما العاصي 1953، وسينما ريفولي سنة 1957.

ويعرف الجيل الجديد سينما واحدة فقط، هي سينما ستي الواقعة في المجمع التجاري في قلب مدينة نابلس، والتي افتتحت عام 2009، وهي الوحيدة العاملة في المدينة بعد إغلاق دور السينما الست السابقة منذ عشرات السنوات.

أثار موضوع وجود دور سينما قديمة في مدينة نابلس طرحه الكاتب والناقد عادل الأسطة على صفحته الشخصية على فيسبوك، ذكريات النابلسيين حول دور السينما الأولى وما عرفوه عنها.

المواطن بلال حمودة، قال: بالفعل كانت سينما قديمة في شارع حطين تعرض أفلام تشارلي شابلن الصامتة، وموقعها فوق محلات الكيلاني وهي ملك آل النابلسي، اليوم، يباع فيها أحذية صينية وكانت قبل ذلك مخيطة بدلات للمرحوم ابي السعيد البسطامي .. لم يكن اسم الشارع "حطين" الذي أطلق عليه حديثا كان يكنى بشارع السينما القديمة وكان يطبع العنوان على فواتير المحال هناك.

حافظ النمر، يقول:  بالفعل كان هناك سينما قبل غرناطة وهي سينما صيفية، وحرقت ولا يزال اسم الشارع شارع السينما العتيقة، وأصبح شارع حطين وكان يعتبر أهم شوارع مدينة نابلس، حيث كان فيه فرع لبنك الأمة.

وأكد مهندس البلدية، زياد عميرة، أن الأقواس الحجرية فوق دكان الكيلاني هي موقع السينما في بداية شارع حطين من الناحية الغربية.

وبحسب وثائق وأرشيف ومصادر مكتبة بلدية نابلس، فقد بدأ تاريخ السينما في نابلس في وقت مبكر من القرن العشرين في أواخر الثلاثينات وأوائل الأربعينيات. وقد تكون السينما التي أقيمت في منزل في شارع حطين أول دار للسينما ولم يكن لها إسم. إلا أن تاريخ السينما بدأ فعلياً مع سينما الزهراء ومكانها "هو قاعة مكتبة بلدية نابلس الحالية"، ومنهم من قال عنها سينما المنشية في مقهى المنشية في الجبل الجنوبي على طريق رفيديا، وكانت تُعرض الافلام العربية المصرية. ثم تم افتتاح دار سينما أُخرى بعد النكبة الأولى كانت تحمل إسم "تاج محل" وهي سينما صيفية غير مسقوفة، كانت مقامة فوق أسطح مجموعة من الدكاكين في السوق التجاري الجديد – كما كان يسمى في تلك الأيام – وكانت محاطة بأكياس من الخيش والستائر القماشية، وقد تخصصت بعرض الأفلام الأجنبية وكونها غير مسقوفة كانت عروضها ليلية.

أما الدعاية للأفلام في ذلك الوقت، فكانت هناك لوحة خشبية كبيرة لها قائمان يوضع عليها منظر الفلم المختار عرضه، وكان صبيان يحملان هذه اللوحة برفقة المنادي الذي يحمل جرسا، وكان يقف في مناطق حساسة من البلدة ثم يبدأ بقرع الجرس فيتجمع الصبية والكبار والصغار ليستمعوا إلى شرح مشوق عن الفلم.

وأُغلفت سينما تاج محل لتحل محلها سنة 1950 أو 1951 سينما غرناطة، وقد بنيت غرناطة لتكون دار سينما حقيقية أُسوة بدور السينما المدونة في العالم في ذلك الوقت. وتقع في الشارع الذي يحمل اسمها حالياً. وأول فلم عربي عرضته سينما غرناطة كان بعنوان (سيف الانتقام) وهو نسخة عربية مقتبسة للقصة العالمية (الكونت دي مونت كريستو) بطولة أنور وجدي، كما أنها لم تقتصر على الأفلام العربية بل كانت أيضاً تعرض الأفلام الأجنبية – وخاصة الاجتماعية منها - وكذلك الأفلام الهندية.

ثم افتتحت سينما العاصي أبوابها سنة 1953 – 1954 وكانت سينما حقيقية أصغر من سينما غرناطة وفيما بعد أُنشئ أستوديو العاصي كسينما ملحقة بسينما العاصي، وقد تخصصت في الغالب بعرض الأفلام الأجنبية والهندية، وكان أول فلم لها فلم "ياسمين"، من بطولة أنور وجدي وطفلة اسمها فيروز، ثم تم افتتاح سينما ريفولي، وهناك من يقول أنها افتتحت في عام 1957 ومنهم من قال أنها افتتحت في بداية الستينات.

ومن مزايا دور السينما الحديثة "غرناطة والعاصي وريفولي" أنها كانت مكونه من طابقين: قاع سفلى وفي نهايتها بنوارات (أماكن خاصة) وقاعة عليا تسمى اللوج. وكان الدخول الى هذه السينمات بتذاكر تحمل اسم السينما وسعر التذكرة الذي يتراوح ما بين خمسة قروش أردنية للصالة، وسبعة قروش ونصف للبنوار، واثني عشر قرشا للوج. وكان يميز التذاكر لكل سعر لونه الخاص، والفرق في الكراسي والمقاعد، فثمة الخشبية، وثمة المنجدة وهي ثابتة .

أما الدعاية للأفلام في عهد السينما الحديثة فكانت هنالك واجهات عرض (بترينات) تعلق عليها مناظر من الفلم المعروض، كما أن هناك أماكن خاصة على جدران المدينة مخصصة لكل دار سينما تلصق عليها إفيشلت الأفلام المعروضة، وكانت دور السينما آنذاك تعمل على تشجيع حضور الأفلام والترويج لها، ويتمثل ذلك باستضافة بعض نجوم السينما المصرية المشهورين مثل مريم فخر الدين، ومحمد فوزي، ومحرم فؤاد.

وأخيراً يمكن القول أن السينما في نابلس قد شهدت عهداً ذهبياً، وظل هذا العهد يتراجع شيئاً فشيئاً حتى لم يعد هنالك سينما بسبب الاحتلال الإسرائيلي للمدينة سنة 1967، الانتفاضة الأولى سنة 1987، وانتشار التلفزيون والفيديو والفضائيات.

وفي مقال بعنوان "نابلس والسينما" يروي الشاعر لطفي زغلول، أن السينما  شكلت مساحة أساسية من بهجة العيد ومتعته، وقضاء أوقات بالنسبة للنابلسيين، واعتادت أن تتنافس على تقديم برامج مكونة من عدة أفلام عربية وأجنبية وهندية، كانت تعرض على مدار اليوم ابتداء من الساعة الثامنة صباحا حتى ساعة متأخرة من الليل. ويمكن القول ان من مظاهر الاحتفال بالعيد كان التجمع أمام دور السينما والاكتظاظ أمام شبابيك التذاكر. وفي كثير من الاحيان كانت التذاكر تنفد، وتباع في السوق السوداء .

ويضيف زغلول: كان الذهاب الى السينما ومشاهدة فلم سينمائي متعة كبيرة، بل ربما شكل امتيازا لأناس على أناس، فقد كان البعض يتباهى ويتفاخر بحضور فيلم لم يحضره الآخرون، أو أن يحضره قبل عرضه في نابلس في القاهرة أو بيروت، وكان الذهاب الى السينما عند البعض نزهة تحضر لها التسالي والنقارش والساندويشات والحلويات و"الكازوز" وقد كثر الباعة قرب دور السينما، وكان في كل دار سينما بوفيه، كانت الجارة تروي لجارتها قصة الفلم الذي شاهدته بالتفصيل، وفي الاستقبالات كانت بعض السيدات اللواتي حضرن فلما يروينه للواتي لم يحضرنه كأنها الحكواتي بصورة أخرى .

  وراجت في تلك الفترة الأفلام العربية ذات القصص الحزينة، كنا نسمع عن سيدات يعشقن هذه الافلام وحينما كانت سيدة من هؤلاء تشجع أخرى على حضور فلم تمتدحه بقولها (بموت من العياط والبكا) .

باختصار كانت الروايات السينمائية ذات قوة تأثيرية كبيرة على مزاج الناس وتصرفاتهم وأذواقهم في اللباس والتصرف وفي استعمال كلمات أو تعابير أو أمثال، وكان لها يد طولى في اختيار أسماء أبنائهم وبناتهم التي انتقوها من أسماء الممثلين والممثلات، أو اختيار أسماء لمحالهم وعلاماتهم التجارية أو غير ذلك.

يُشار إلى أنه بعد خروج الاحتلال وإنشاء السلطة الوطنية عام 1994 عادت دور السينما للعمل في بعض المدن الفلسطينية، لكنها في نابلس لم تعد تعمل لأنها قد تحولت عبر السنوات الماضية إلى قاعات أفراح أو متاجر أو مشاغل.

khl
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024