الرئيسة/  ثقافة

قصة البحث الدؤوب للكاتب البريطاني كيبلينغ عن ابنه القتيل في الحرب الأولى

نشر بتاريخ: 2018-10-30 الساعة: 08:45

باريس - أ ف ب- بذل الشاعر والكاتب البريطاني راديارد كيبلينغ قصارى جهده ليضمن مشاركة ابنه الوحيد في الحرب العالمية الأولى ... لكنه أمضى السنوات التالية بحثا عنه بعد فقدانه على الأراضي الفرنسية إلى أن أدرك وفاته متأخرا.

حين وصلت برقية من السلطات العسكرية إلى منزل راديارد وكاري كيبلينغ في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر من العام 1915، كانا يعلمان أن ابنهما أصيب في معارك شمال فرنسا.
لكن البرقية حملت خبرا آخر، وهو أن ابنهما فقد أثره في معركة محاولة استعادة قوات الحلفاء مناطق في شمال فرنسا من الألمان.

انطلق هذا الهجوم في الخامس والعشرين من أيلول بقيادة الجنرال دوغلاس هيغ، ولم يتمكن من تحقيق أي تقدّم، وانتهى بمجزرة في قوات الحلفاء إذ خسر البريطانيون 15 ألف جندي قتلوا أو فقدوا إضافة إلى 35 ألف جريح في بضعة أيام.

إثر ذلك انطلق الكاتب في رحلة البحث عن ابنه على أمل أن يعثر عليه في مشفى ميداني أو أن يكون وقع في الأسر.

اشتهر كيبلينغ بعد حصوله على جائزة نوبل في العام 1907، ووظّف كل معارفه في مهمة البحث عن ابنه، وصولا إلى أميرة من العائلة المالكة في السويد، البلد الذي التزم الحياد في الحرب.
أكثر من ذلك، ذهب إلى حد إرسال من يبحث له عن ابنه خلف خطوط القتال، بحسب مايك كيبلينغ رئيس جمعية "كيبلينغ سوسايتي" وذي القربى مع الكاتب الراحل.

وسبق للكاتب وزوجته أن فقدا ابنتهما جوزفين التي أودى بها التهاب رئوي، فلم يبق لهما سوى إلسي ذات التسعة عشر عاما وجون الذي بلغ سنّ الثامنة عشرة في السابع عشر من آب 1915.

ولذا، توسّل الكاتب المكتب العسكري لكي لا يُعلن ابنه قتيلا بل مفقودا فقط، وذلك تجنّبا لإصابة زوجته بصدمة إضافية.

كان ألم العائلة كبيرا جدا، زاد منه أن الشاب لم يكن مؤهلا لدخول الجيش والذهاب إلى القتال، لكن والده المعروف باندفاعه الوطني استخدم معارفه ليسهّل له ذلك ... فلم يعد.

وكتبت كاري في رسالة لصديقة لها "لم يكن ممكنا أن نرى الآخرين يذهبون ليُقتلوا دفاعا عنا" فيما جون باق في بيته.

بعد سنة من التمرينات العسكرية، أصبح جون ضابطا برتبة ملازم، وحطّ في في فرنسا وهو ابن 18 عاما، وقضى في ساحة القتال في السابع والعشرين من أيلول.

وتطلّب الأمر وقتا طويلا حتى تستوعب العائلة خبر مقتله الذي أعلن رسميا في العام 1919.

وفي تعبير عن الألم الذي اعتصر عائلات كثيرة في الحرب، نشر الكاتب في العام 1916 قصيدة "ابني جاك" تتحدّث عن بحار شاب غرق في معركة ووالده يسأل عنه.

بناء على اقتراح من كيبلينغ، صارت السلطات تضع على شواهد قبور الجنود المجهولة هوياتهم "لا يعرف من هو سوى الله".

في هذه القبور المجهولة الأصحاب قرب أرض المعركة في شمال فرنسا، عثر على جثمان جون أخيرا في العام 1992، ونقش اسمه على القبر.

وفي ما كان كيبلينغ من المتحمسين للدعاية البريطانية، يبدو أنه عبّر في أحد أبياته عن الشعور بالذنب تجاه ابنه حين قال على لسان جندي شاب "إن سأل أحد لم قُتلنا ... قولوا لهم لأن أهلنا كذبوا علينا". 

amm
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024