الرئيسة/  ثقافة

ناي البرغوثي .. تُطرب وتُلحّن وتُجدّد وتتنقل بين اللغات والأنماط الموسيقية والأجيال

نشر بتاريخ: 2018-07-24 الساعة: 09:06

رام الله- الايام- أمام العرض المبهر الذي قدمته الفنانة الفلسطينية الشابة ناي البرغوثي، مساء أول من أمس، في قصر رام الله الثقافي، ضمن فعاليات مهرجان فلسطين الدولي للرقص والموسيقى، تبقى الكلمات غير قادرة على محاكاة ذلك الإبداع على مستوى الأداء، والصوت، والحضور، والتجديد، وتعدد اللهجات واللغات، والتحكم بعُرب الصوت باقتدار المحترفين، فكانت أم كلثوم، وفيروز، وبيلي هوليدي، وكارم محمود، والشيخ إمام، وصوت الجدات القادم من أعراس قرون خلت، مازجة بين أنماط موسيقية مختلفة، ولغات عدة، فطوعت الإنكليزية لعُرب الغناء العربي، وكان لها ألحانها الخاصة المثيرة للاهتمام، كما إسهاماتها وفريقها في التطوير على ألحان موسيقيين كبار، فجاء التجديد جديراً وبديعاً دون شوائب.

وفضلت ناي، التي عبرت عن سعادتها لكونها تغني في فلسطين "أحلى محل في حياتي"، إطلاق حفلها المختلف برائعتين لزياد الرحباني غنتهما العملاقة فيروز: "يا ليلي" و"سلملي عليه"، حيث قدمت في الأولى تنويعات أكدت فيه على قدراتها الإبداعية على مستوى الصوت والحضور والتحكم بالطبقات صعوداً وهبوطاً، والتنقل السلس ما بين المقامات العربية والموسيقى الأجنبية، فـ "سلطنت" الجمهور الذي غصت به قاعة قصر رام الله الثقافي منذ اللحظة الأولى، وأسرته بما قدمته على مدار أكثر من سبعين دقيقة.

وأهدت ناي أغنية الأخوين رحباني "انسى كيف" لـ"الأسيرات والأسرى في سجون الاحتلال"، مشددة على أن "شمس الحرية ستشرق لا محالة"، وسبق أن غنتها فيروز أيضاً في مسرحية "لولو"، لتشدو بصوتها العذب القوي الحنون الحماسي الرومانسي الطربي الحداثي "أنسى؟ كيف والـ 15 سنة كنت بهالدني وما كنت بهالدني، وتصيّف وتشتّي بدوني الدني إنسى إنسى؟.. إذا بقدر إنسى إنسى؟ كيف والحبس وأيام السهر مشتاقة للقمر وخلف الطاقة القمر لا سأل عني يوم ولا ودّا خبر وينسى ينسى؟ متل الكل بينسى".

وقدمت ناي مقطوعة موسيقية من ألحانها بعنوان "خطوات" مزجت فيها أنماطاً موسيقية شرقية وأخرى غربية في نسيج بأنامل ماهرة، وحنجرة ذهبية قادرة ليس فقط على الغناء المتميز بل النفخ في الفيولا فتخرج موسيقى كأنها السحر.. هذه المقطوعة بدأت البرغوثي في تلحينها، العام الماضي، بينما كانت تسير في أحد شوارع أمستردام، حيث تدرس الموسيقى هناك، على وقع أصوات القطارات والدراجات والمارة، وباتت ترتبط لديها بـ"الخطوات المختلفة للحب"، وأهدتها إلى والديها عمر البرغوثي وصفاء طميش وكانت من المطربات الرئيسيات في فرقة الفنون الشعبية الفلسطينية.

وفي إطار وجبة غنائية موسيقية متكاملة قدمت ناي أغنيتين من أشعار الشاعر المصري القدير أحمد فؤاد نجم الذي قالت إنه والشيخ إمام ساهما بشكل رائع في تطوير الأغنية الاحتجاجية والثورية العربية، فكانت الأولى بعنوان "وين راحت الأرواح" ولحنها الفنان الفلسطيني طارق عبوشي وقدمت لأول مرة، والثانية الشهيرة "همّا مين وإحنا مين" من ألحان الشيخ إمام وأعادت المطربة الموسيقية تلحينها بأسلوبها الخاص الذي أضفى نكهة محببة للأغنية ذات الشعبية الطاغية.

وبطريقتها الخاصة قدمت ناي أغنية الجاز الشهيرة (Softly As in a Morning Sunrise Lyrics)، وغناها عديد المطربين الأجانب، إلا أنها تمكنت من تطويع الجاز لأنماط الغناء الشرقية، وليس الموسيقى هنا، لتؤكد أن حنجرتها جواز سفر رفيع المستوى إلى العالم.

وبعد أن قدمت ترنيمة "يا مريم البكر"، أطلقت مساحات صوتها في ملعب الطرب فسجلت عديد الأهداف الرائعة عندما غنت بطريقتها رائعة أم كلثوم "أنا في انتظارك"، تلتها أغنية كارم محمود الشهيرة "أمانة يا ليل"، مؤكدة على أهمية الحفاظ على التواصل ما بين الأصالة والمعاصرة، وما بين موروثنا الفني وواقعنا المتعدد، قبل أن تهديهما إلى جدتها وفية وجدها محمد.

وفي فقرة الأغنيات التراثية الفلسطينية، واشتملت على مواويل أبرزت القوة الكامنة في صوت ناي، خاصة حين صدحت "ع الله تعود بهجتنا والافراح"، قبل أن تغني "ع الأوف مشعل"، و"من مزرعتي"، أهازيج مغناة من وحي "الزفة الفلسطينية"، وغيرها.

وقبل أن تختم بأغنية "الحق سلاحي" لجوليا بطرس، قدمت أغنية "فاكهة غريبة" باللغة الإنكليزية، مؤكدة أن القضية الفلسطينية إنسانية بامتياز، وان المعاناة الفلسطينية بسبب الاحتلال هي جزء من معاناة شعوب تتواصل في مواجهة الاضطهاد والعنصرية، وخاصة ذوي البشرة السوداء في الولايات المتحدة الأميركية.

وأضافت: مسيرة العودة الكبرى التي يقودها شعبنا في قطاع غزة المحتل والمحاصر والمليء بالكرامة منحتنا الأمل، وقدمت لنا دفعة معنوية كبيرة لتصعيد مقاومتنا الشعبية بأشكالها المتعددة باتجاه تحقيق كافة مطالبنا العادلة وأهمها حق العودة للاجئين مهما كانت الصعوبات، وفي المقابل شاهدنا مشاهد مروعة من قتل وقنص ومجازر مارسها الاحتلال وجنوده أعادتني إلى الظلم التاريخي الذي تعرض له "السود لقرون من العبودية، وبعدها عقود من الجرائم العنصرية"، لافتةً إلى أن أغنية "فاكهة غريبة" تتحدث عن الإعدام بالشنق على أغصان الأشجار للسود من الجنسين ومن كافة الأعمار، مهدية إياها للمناضلين في غزة ضد الاحتلال، وللمناضلين ضد العنصرية في أميركا. 

amm
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024