قصة حماس ومحكمة الجنايات الدولية
نشر بتاريخ: 2024-11-27 الساعة: 01:34كتب/ تيسير عبد
وكأن حماس وجدت في مذكرتي محكمة الجنايات الدولية للقبض على نتنياهو وغالانت ساحة جديدة لتسجيل انتصاراتها. ومما أصبحت تفتقده في قطاع غزة. فبياناتها وكلمات متحدثيها عن التغني بالعدالة والقانون الدولي. وشجب موقف واشنطن من قرار المحكمة. ومطالبة الدول بالتعاون لإلقاء القبض على المتهمين. تملأ الصحف الإخبارية.
أقرأ هذه التصريحات بكثير من الابتسامات. مال حماس ومال المحكمة الدولية والقانون الدولي. لو اهتمت بإنقاذ أرواح الأبرياء في غزة. وتوفير الطحين والحماية لهم. لكان أولى لها بدل هذه التصريحات التي تقترب من النكت الظريفة والمسلية:
1. فحماس كانت ضد مشاركة فلسطين في محكمة الجنايات الدولية. وقد اتهمت الرئيس أبو مازن عام 2014 حين تقديمه الطلب للانضمام لاتفاقية روما في المحكمة. اتهمته أنه يريد الانضمام من أجل اعتقال قادة حماس. (التصريحات لا تزال إلى الآن موثقة على وسائل الإعلام).
2. وهي لا تؤمن بالقانون الدولي. وتصنفها أكثر الدول المشاركة في المحكمة على أنها "منظمة إرهابية" . ولا تعترف هي حتى بالقانون الفلسطيني. وينال حديث مسؤولين السلطة عن الرأي العام العالمي والقانون الدولي. والمؤسسات الأممية. الكثير من الاستهزاء في إعلامها الساخر.
3. مذكرات القبض التي صدرت من محكمة الجنايات الدولية بالأمس تجرم حماس وإسرائيل مناصفة. وبنسبة 50% لكل طرف منهما.
اثنان من الاحتلال. وثلاثة من حماس وقد امتنعت المحكمة عن إصدار مذكرات القبض لاثنين (هنيية والسنوار) لأنهما توفيا. وأصدرت للضييف لأنه مشكوك في وفاته.
في المحصلة فإن مذكرات الاتهام صدرت ضد الطرفين. لكن الغريب والمدهش أن حماس تحتفل بنسبة حصولها على 50% لاتهام قادة الاحتلال. وتتجاهل أن المحكمة شيطنتها مع الاحتلال. فقرار المحكمة عمليا ساوى بين حماس والاحتلال. أو ساوى بين الجلاد والضحية. وعرضت صورة الضيف متلاصقة مع صورة نتنياهو في الإعلام العالمي.
مذكرات الاعتقال صدرت ضد قادة الاحتلال ليس لأنهم قتلوا أعضاء من حماس. ولا لأنهم يقاتلون حماس ولا لأن حماس مظلومة.
مذكرات الاعتقال صدرت كما ورد فيها بسبب الهجوم على (مدنيين) ومنع إدخال المساعدات مما أدى إلى التجويع.
فإن كان ثمة انتصار. فهو انتصار دماء الأبرياء وجوعهم. ولا يجب أن يستغل هذا الانتصار لأهداف غير صحيحة لتعزيز مواقف خاطئة.
العمليات البهلوانية الإعلامية التي يقوم بها قادة حماس في الوقت الحالي لتضخيم مذكرات اعتقال قادة العدو. وتقزيم مذكرات اعتقال قادتهم أو تجاهلها. هي محاولة منها للتغطية على تدنيس صورة الرواية الفلسطينية الطاهرة للمقااومة والتي تم تجريمها لأول مرة في تاريخ الصراع. منذ أكثر من 76 سنة. لأول مرة تصدر محكمة دولية مذكرات قبض لمن يفترض أنهم مقاوومين للاحتلال.
من لا يريد أن يرى الكأس كاملا. ويصر على رؤية النصف الممتلئ الذي يعجبه. ويتجاهل النصف الآخر الذي يدينه في أخطر قضية تتعلق بروايتنا. هو يواصل مسلسل الخداع والتضليل ويصر على لعب دور البهلوان بين القانون الدولي. وجهااد الدفع. وفقه المصالح. في إزدواجيات مربكة ومتناقضة. أدت إلى شلال من الدماء.
روايتنا الفلسطينية لأول مرة تصبح في خطر. قد يؤدي إلى فتح باب تجريم نضالنا التاريخي كله. ذلك يحدث عندما يستمر إخضاع الصراع وأرواح الناس للمغامرة والتجريب وألعاب الخفة