الرئيسة/  مقالات وتحليلات

علم الإسفاف عند الإخوان

نشر بتاريخ: 2018-09-19 الساعة: 07:58

عمر حلمي الغول منذ تاسست جماعة الإخوان المسلمين في 1928 في مصر، حملت التناقض في توجهاتها وخلفياتها وأهدافها، فهي إدعت، كما أعلن مؤسسها حسن البنا، انها جماعة دعاوية، هدفها حماية مكانة الإسلام بعد إنهيار دولة الخلافة التركية 1917 في أعقاب الحرب العالمية الأولى. ولكن هذة الجماعة كما إتضح من مسار تجربتها ووثائقها، انها ولدت بناء على رغبة وأهداف دولة الإستعمار الإنكليزية. لا سيما وان السفير البريطاني منح البنا مبلغ 500 جنيه مصري عند التأسيس. أضف لذلك، فإن الجانب الدعوي لم يكن سوى الجانب الشكلي لتعميم تجربة الجماعة في الأوساط المصرية والعربية، وكون البعد السياسي والأمني كان الأساس لعمل الجماعة، ولعل إنشاء التنظيم الخاص المسلح للجماعة، الذي قام بإغتيال العديد من الشخصيات القيادية المصرية ومن ابرزهم، محمود فهمي النقراشي باشا بعد شهر من إعلانه حظر الجماعة في ديسمبر 1948، وبعد ذلك محاولة إغتيال الزعيم الراحل جمال عبد الناصر عام 1954، رغم انه حرص مع قيادة الثورة المصرية على بناء علاقات إيجابية مع الجماعة. لكنها كانت (الجماعة) تريد بسط هيمنتها على الثورة، وحين رفض عبد الناصر قاموا بجريمتهم النكراء.

وهنا يلاحظ المتتبع لتاريخ الجماعة، انها إعتمدت خطابا علنيا مغايراً للإهداف والمشاريع، التي تعمل لتحقيقها، وفقا وإستنادا لمبدأ "التقية". ومن يعود لتاريخ البنا وكل من تحملوا مسؤولية المرشد للجماعة، يجد انهم مارسوا الكذب دون وجل أو خجل خدمة لإهدافهم وأهداف وأجندات سادتهم الغربييين.

كما ان الجماعة منذ تشكلت ناصبت الدولة الوطنية والقومية العداء، وهاجمت العلمانية، ورفعت شعارات واضحة لا لبس فيها، ترفض قيام الدولة المدنية، أو دولة كل مواطنيها، وحرصت على زرع بذور الفتنة بين اتباع الديانات والطوائف والمذاهب والإثنيات المختلفة، وبالتالي عملت على تعطيل عملية التحرر من ربقة الإستعمار، رغم انها رفعت شعارات ديماغوجية مضللة عكس ذلك. وإدعت انها مع "تحرير فلسطين"، ودعت لـ"الجهاد"، ولكنها حالت دون إرسال المجاهدين إلى فلسطين، ومن ذهب منهم، ذهب على عاتقه الخاص. وحتى الأتوبيسات، التي كانت مخصصة لنقل المجاهدين، تم إلغائها.

ومن يعود لمبادىء وشعار (اللوقو) الجماعة يجد انه نسخة طبق الأصل من لوقو الماسونية، التي أعلن سيد قطب في جريدة التاج المصرية، انه إنتسب لها. ومن يدقق في منصب رئيس الجماعة الماسونية يجد أنه يدعى"الخليفة". وهذا التكامل بين الجماعة والماسونية لم يأت من فراغ، انما جاء وفق تخطيط ومنهجية قوى الأعداء. ويعكس وحدة الحال بين الجماعتين عميقتي الصلة مع المعسكر الرأسمالي الغربي المستهدف وحدة شعوب الأمة العربية، والمشروع القومي العربي النهضوي.

وحيثما وجدت فرعا لجماعة الإخوان المسلمين في العالم العربي خصوصا والعالم عموما، تجده أداة للدولة، التي يعيش بين ظهرانيها، وللغرب عموما. ومن يعود لما يسمى الربيع العربي 2011، فإنه يلمس لمس اليد وبالعين المجردة، ان التنظيم الدولي للجماعة كان أداة أميركا وإسرائيل لتنفيذ مخططهم الإستعماري، وبناء شرق اوسطهم الجديد أو الكبير. وكانت حركة حماس، فرع الإخوان في فلسطين، رأس حربة مشروعهم التفتيتي لوحدة دول وشعوب الأمة العربية اواسط عام 2007. وما فعلته الجماعة في مصر لاحقا بين عامي 2012 و2013، أي العام الذي حكم فيه مرسي المخلوع كشف عن عمق التناقض بين الشعار المطروح والممارسات الفعلية. وكذلك الأمر في تونس مع جماعة حركة النهضة (فرع الإخوان هناك)، الذي تدارك الإنفضاح أكثر فأكثر، فتراجع نتيجة هزيمة خياره في اوساط الشعب التونسي، وهكذا في ليبيا وسوريا والعراق والسودان والجزائر وحتى بعض دول الخليج.

ومن رحم تلك الجماعة نبتت كل مجموعات التكفير والزندقة، من تنظيم القاعدة إلى تنظيم "داعش" إلى تنظيم النصرة أو كما يسمي نفسه الآن "فتح الشام"، وغيرها من المسميات، التي لا تمت للدين الإسلامي الحنيف بصلة، بل كانت ومازالت قيادتها المركزية والفرعية عنوانا للمتاجرة بالدين والدنيا، وعنوانا  للفسق والإنحراف والإسفاف.

علم الإسفاف، هو علم الإنحطاط والرذيلة، علم الديماغوجيا والردح والبلطجة، لإفتقاد الناطقين بإسم الجماعة للغة المنطق والعقل، ولإنهم يحفوا العقل على مقاس مقولات التضليل والتحريف، وفتاوي الشيطنة والتخوين والتكفير، وتغليب مصالح الأعداء على مصالح الشعوب المسحوقة والمناضلة من اجل حريتها وإستقلالها. هو علم الأراجيف والإبتذال وتحقير قيمة الإنسان، وتعظيم شأن الحكام المتآمرين على مصالح شعوبهم لتأبيد حكمهم وسلطانهم. غير ان هذا العلم وأتباعه سرعان ما يندحروا ويزولوا، لإن وعي الناس الفطري تمكن من كشف زيف روايتهم وأهدافهم في كل المراحل التاريخية. ولن يكن مصير أتباعهم في اللحظة التاريخية أفضل حالا من مصير من سبقوهم من مرسي وعاكف ومن والاهم.

amm
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024