هوشنك أوسي .. "كاتب كردي سوري من فلسطين"!
نشر بتاريخ: 2019-07-16 الساعة: 10:11رام الله- الايام- "كاتب كردي سوري من فلسطين"، هكذا عكف الروائي والشاعر والكاتب هوشنك أوسي على تعريف نفسه، قبل كل مداخلة مهما كبرت أو صغرت، خلال مشاركته ضيفاً في ملتقى فلسطين الثاني للرواية العربية.
وعن ذلك قال لـ"أيام الثقافة": لماذا لا أقولها وأنا أشعر بها .. نعم أنا كاتب كردي سوري من فلسطين، خاصة عندما يستدعي الألم الفلسطيني أن أكون مشبعاً به، وأنا كذلك .. أنا أنتمي للقيم الإنسانية .. أنا كائن هشّ سريع الانتماء إلى الأمكنة ببشرها وشجرها وحجرها .. هذه كيميائي، ولا يمكن أن أكون ضدها أو على خلاف معها".
وأضاف أوسي: بكل تأكيد فلسطين لها حمولة حضارية تاريخية ثقافية نضالية سياسية ملهمة، وحاضرة في الوجدان الكردي والوجدان العربي والإنساني .. زيارتي إلى فلسطين ومشاركتي في هذا الملتقى تشكل إضافة كبيرة لي، لكوني بحاجة لأن يساعدني الفلسطيني في فك حصار الغربة .. أتينا كي نتعلم من الفلسطينيين، لا كي نعلمهم ما هو الأدب والرواية والقضايا الثقافية، فالفلسطينيون مشبعون بأسئلة وقيم الإبداع، وليسوا بحاجة لي أو لغيري، لكننا حاولنا أن نشكل قيمة مضافة لهذا المشهد الفلسطيني الزاخر بالقامات الثقافية في شتى صنوف الإبداع، وآمل أن نكون وفقنا في ذلك.
ولفت أوسى إلى أن "ثمة بشراً لا يمكن أن تفرقهم عن الحجارة، وأعني البشر الخالين من القيم والمشاعر والأحاسيس ويتعاملون بفجاجة وفق منطق المصالح"، وأن "ثمة حجراً مسكوناً بروح وبذاكرة المكان، والحجر الفلسطيني من هذا الصنف، ومن لا يتفاعل مع الحجر الفلسطيني فهو حجر في مكان آخر خالٍ من الذاكرة، والحسّ الإنساني، ومن الضمير أو الخيال.
وانتقد أوسي الفعالية التي نظمتها وزارة الثقافة فيما يتعلق بالرسم والكتابة على جدار الفصل العنصري .. وقال: أقف بالضد أن يذهب وفد الكتاب المشاركين في الملتقى إلى حيث هذا الجدار، ورسم غسان كنفاني عليه، وكتابة الشعارات، والتقاط الصور عنده .. أرى أن هذا تسويقاً له، لذا لم أكتب على الجدار الذي مصيره السقوط، وبالتالي ستسقط كل هذه الصور معه .. هذا الجدار لا يستحق الزيارة التي هي ليست شجباً برأيي الذي هو ليس مقدساً .. أعتقد أن رد الفعل الفلسطيني تجاهه يجب أن يكون أكثر حدة، كأن يتجمع الذكور الفلسطينيين دفعة واحدة، ويتبوّلون عليه، لا أن يرسموا عليه صور الشهداء والمناضلين والقادة.
وكشف أوسي إلى أنه انبهر بالقدرة الفلسطينية على الصمود، واختراع آليات للصمود كما في حال أبناء الأسرى من النطف المهربة المعروفين بلقب "أطفال الحرية"، وإلى أنه سيعمل على توظيف هذا الأمر روائياً .. وقال: السردية الفلسطينية تحضر في روايتي الأولى والثانية، وستحضر في روايتي المقبلة.
وشدد أوسي على أهمية حضور المبدعين الأكراد ممن يكتبون بالعربية في هذه الدورة في الملتقى، وقال: هنالك إجحاف من النقاد والمؤسسات العربية للاهتمام بالثقافة الكردية، التي هي ثقافة شعب جار وشقيق وشريك لهم في الحضارة والدم .. الأكراد حكموا مصر وبلاد الشام في زمن الأيّوبيين، وحرروا القدس، وللأسف، فإن الكردي الآن في جلّ الوعي الجمعي، ولدى بعض المثقفين العرب "مشتبه به إلا أن يثبت العكس" .. آن لهذه الرؤى المقيتة أن تتبدد، وملتقى فلسطين للرواية العربية شكل خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح لجسر الهوّة، والتعريف ليس فقط بالثقافة الكردية المكتوبة بالكردية على أهميته وضرورته، ولكن بالكتاب الأكراد ممن يكتبون بالعربية، والذين هم قيمة مضافة للأدب العربي، فأدبهم كرديّ مكتوب بالعربية، ولذا يجب أن يحظى باهتمام مضاعف .. ما حصل هذا العام في ملتقى فلسطين للرواية العربية يجب البناء عليه في هذا الجانب، بحيث تكون الثقافة الكردية ضيف معرض الكتاب في فلسطين وفي مختلف العواصم العربية، كما حال السينما الكردية، والعكس صحيح.
وأكد أوسي: لي في فلسطين بقدر ما لك فيها، إن لم يكن أكثر، فهناك دم كردي سال من أجل فلسطين وثورتها وتحررها واستقلالها من الاحتلال، أي أن هناك سهماً كردياً في أي منجز فلسطيني، فعشرات بل مئات الأكراد استشهدوا في الحركات الوطنية الفلسطينية، بحيث امتزج الدم الكردي بالفلسطيني .. عندما يأتي الكردي إلى فلسطين، فإنه لا يأتي غريباً، ولا يحب أن يُنظر إليه بنظرة اشتباه أو تشكك، بل هو يأتي إلى بيته، فلكل كردي بيت في فلسطين، كما لكل فلسطيني بيت في كردستان، وأية أصوات خارج هذا السياق، هي ليست إلا نغمات نشاز في سياق سيمفونية جميلة أسس لها الملتقى.
amm