مارسيل خليفة يفتتح مهرجانات بعلبك: "تصبحون على وطن"
نشر بتاريخ: 2019-07-08 الساعة: 09:58بعلبك- رويترز- بين أعمدة وهياكل بعلبك الرومانية الغارقة في الزمان، شيّد الفنان اللبناني مارسيل خليفة وطناً من حفل موسيقي غنائي بعنوان (تصبحون على وطن).
وقد أحيا خليفة، الليلة قبل الماضية، أولى ليالي مهرجانات بعلبك الدولية في معبد باخوس، برفقة فرقة موسيقية تضم 85 عازفاً من الأوركسترا الفيلهارمونيّة اللبنانية بقيادة المايسترو لبنان بعلبكي، وجوقة سيدة اللويزة بقيادة الأب خليل رحمة.
وقدم خليفة في الحفل أغنيات صاحبت تاريخ الحرب الأهلية في لبنان، والتي امتدت خمسة عشر عاماً، مستذكراً أولى تجاربه الموسيقية التي سبقت اندلاع شرارة الحرب بيوم واحد في 13 نيسان عام 1975.
واسترجع خليفة هذه اللحظات مع الجمهور قائلاً: إن الفنان عبد الحليم كركلا (مدير فرقة كركلا للرقص الشعبي) قد اختبره في مقطوعة موسيقية لحنها خليفة في زمن قصير لكن الراقصة (أميرة) أصيبت برصاصة حرب في عمودها الفقري فكانت مقطوعة (رقصة العروس).
وأضاف خليفة: "تحية لأميرة ماجد المقعدة كل الحياة وأول ضحية في الحرب اللبنانية".
وعلى المسرح وجّه خليفة التحية لكل من اعتلى معبد باخوس من فنانين رحلوا وظلت آثارهم بين الهياكل، وإلى هؤلاء قدم خليفة معزوفة (صلاة موسيقى الليل) والتي تداخلت فيها أصوات آلات الوترية كالعود والفيلون وتمازجت مع أصوات نحو 70 منشداً قبل غناء الجوقة مقطوعة شعبية اسمها (الحنة)، أعاد مارسيل صياغة موسيقاها.
وغنى خليفة (بين ريتا وعيوني بندقية) للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش و(انهض يا ثائر) للشاعر السوري أدونيس و(اكتبني قصيدة) للشاعر والصحافي اللبناني حبيب يونس و(يما مويل الهوا) من التراث الفلسطيني، حيث دعا المسؤولين المتواجدين في الحفل إلى مشاركته ترديد الموال الغنائي.
وقدم خليفة أيضاً قصيدة (عصفورة) من ديوان شاعر العامية المصري الراحل صلاح جاهين، والتي وجّه فيها تحية للفنان المصري الراحل سيد درويش، وقال: إنه استوحى اللحن من إيقاع درويش في الأغنية الشعبية ومن عبقه ونغماته.
ويشارك مارسيل خليفة بالعزف على عوده مع تشيللو ابن شقيقه ساري وابنه رامي على البيانو، ليقدموا ثلاثية موسيقية كافتتاحية قبل الدخول في أغنية (بغيبتك نزل الشتي) للشاعر ابن بعلبك طلال حيدر.
وتوقف خليفة في الحفل بحثاً عن الشاعر حيدر، قائلاً: "شاعر مجنون يشبه آلهة بعلبك" ومن ثم صدح صوت مارسيل بطبقاته العالية بين أروقة الآثار التاريخية قائلاً: (بغيبتك نزِل الشتي. قومي طلعي ع البال. في فوق سجادة صلا والعم بيصّلوا قلال. صوتن متل مصر المرا وبعلبك الرّجال، ع كتر ما طلع العشب بيناتنا بيرعى الغزال).
وقدم رامي على البيانو مقطوعة موسيقية جنائزية لبيروت لكنها تبحث عن الأمل، وقال مارسيل: "هذه الموسيقى تبحث عن أمل مستحيل، لم يعد لدينا غير المستحيل نؤمن به. علّ وعسى".
وعند منتصف الحفل استعاد خليفة طيف والدته، قائلاً: "سألوني مين بتحب يكون موجود بالمكان، فأجبت كنت بتمنى تكون أمي، لكن أمي ذهبت قبل القصيدة وقبل الأغنية، فأنا أحن إلى خبز أمي وقهوة أمي". وغنى أغنيته الشهيرة التي كتبها درويش إضافة إلى أغنية (سلام عليك وأنتِ
تعدين نار الصباح).
وقال خليفة بعد الحفل، لرويترز: "لقد حاولنا الليلة أن نركّب وطناً، بالقصيدة، بالمعزوفة، بالأغنية. ولا أعرف عندما تنتهي الحفلة إذا الناس رح يسنوا هالوطن. كرمال هيك تصبحون على وطن".
وتفاعل الحضور مع مارسيل وردّد معه أغانية المحببة بصوت عال.
وقالت جمال العشي، لرويترز: "هذا حفل فيه الكثير من الأرقي أداء وتنظيماً تجلى باختيار مارسيل خليفة لافتتاح مهرجانات بعلبك.
استمتعنا بهذه الليلة التي أشرقت فيها شمس بعلبك ليلاً".
وقالت زميلتها سهى الشامي: "ابنه رامي أتحفنا أيضاً بقطعة موسيقية رائعة. فعلاً مارسيل خليفة أعاد إلى مدينة بعلبك بريقها".
وأضافت الشامي، التي قالت إنها تعيش في كندا لرويترز: "مارسيل هو تاريخ وطني ونحن في الخارج لا ينسينا غربتنا إلا هذه الأصوات مثل فيروز ووديع ومارسيل".
أما حسانة زبيب التي تعيش في فرنسا، فوصفت الحفل بأنه "مميز بكل المقاييس. الأجواء كانت ساحرة اختلطت فيها موسيقى مارسيل الراقية بأعمدة معبد باخوس التاريخي، فكان دمجاً مبهراً بالصوت والصورة بين الماضي والحاضر أبدع فيه مارسيل خليفة كعادته بتقديم أعلى مهاراته
الموسيقية والغنائية العريقة".
وقالت رئيسة المهرجان نائلة دو فريج لرويترز: إن "الفنان مارسيل خليفة كان نجمة في بعلبك فهو رمز لتاريخ لبنان ومقاومته".
وأضافت: إن "بعلبك حافل وسوف يتضمن موسيقى البوب والجاز والموسيقى الكلاسيكية، وطالما رح نقدر نكمل رح نكمل ونخلي المستوى عالي".
وتستمر مهرجانات بعلبك الدولية حتى الثالث من آب المقبل، وتتضمن عروضها حفلة، اليوم، لنجمة الجاز الأميركية ميلودي جاردو، التي ذاع صيتها عالمياً بعد أن تعرضت لحادث سير مؤلم غيّر حياتها وكتبت الأغاني والألحان وهي على سرير المستشفى.
وستستعيد مهرجانات بعلبك، في العشرين من تموز، أغنيات الفنان الراحل عبد الحليم حافظ الذي سبق وأن صوّر مشاهد من أفلامه على أدراج المدينة. ويحيي هذه الأمسية الفنان الفلسطيني محمد عساف ترافقه الأوركسترا الرومانية بالتعاون مع الأوركسترا الوطنية اللبنانية بقيادة المايسترو المصري هشام جبر.
وفي أول آب، تستضيف المهرجانات الكاتبة والمغنية الفرنسية جين. وفي الثاني من آب، تستقبل مدرجات القلعة الموشحات مع الفلامنجو تحييها المطربة اللبنانية جاهدة وهبي، يرافقها عازف العود العراقي عمر بشير وفرقته الموسيقية من أوروبا ولبنان.
وتختتم مهرجانات بعلبك لهذا العام، في الثالث من آب، مع عمر بشير بحفل عود حول العالم.