الرئيسة/  ثقافة

"ثلوج الليلة الأخيرة" .. رواية جديدة للراحل جمال ناجي أنجزها قبل رحيله بأيام

نشر بتاريخ: 2019-05-13 الساعة: 01:47

رام الله- الايام- يبدو أن الروائي الراحل جمال ناجي، الأردني من أصل فلسطيني، كما كان يعرّف نفسه، أصر على فعل الكتابة حتى أيامه الأخيرة، وهو ما ترجم في رواية صدرت حديثاً عن دار الشروق للنشر والتوزيع في عمّان ورام الله، بعنوان "ثلوج الليلة الأخيرة"، كان أنجزها قبل أيام على رحيله.

ومن اللافت أن الغلاف حمل لوحة من آخر اللوحات التي رسمها جمال ناجي، ليطلعنا على بعد آخر من إبداعاته، إذ قام برسمها في العام 2017، ليقدر لها، هي الأخرى، أن تكون جزءًا من العمل الأخير للراحل المبدع، لتتحدث عن نفسها، كما أراد لها ناجي.

وعلى الغلاف الخلفي للرواية كتب "أسرة جمال ناجي"، وتحت عنوان "هذه الرواية" .. "يقدم جمال ناجي هذه الرواية لتكون آخر إبداع يخطه الراحل كاملًا منذ البداية حتى النهاية، إذ وضع لمساته الأخيرة عليها قبل رحيله مساء السادس من أيار 2018 بأيام قليلة، واختار لها عنوان "ثلوج الليلة الأخيرة"، ليختم بها رحلة إبداع دامت قرابة الأربعة عقود.. وعلى الرغم من خروج هذه الرواية إلى الحياة يتيمة دون مبدعها، إلا أنها تسطر عالماً جديداً يخوض فيه الراحل آخر جولاته مع العمل الروائي، ليقدمه للقارئ كاملًا دون نقصان".

وبرواية "ثلوج الليلة الأخيرة"، فإن ناجي يختم مشواره الذي بدأ منذ العام 1982، واستمر حتى العام 2018، وقد تُرجم العديد من أعماله إلى لغات أجنبية.

لم تنحصر أحداث روايات ناجي في أماكن متكررة أو أزمنة محددة، وإنما كان لكل رواية مكانها وزمانها وبيئتها وحوادثها المختلفة عما سبقها، فتناول الصحراء، وتحدث عن الشتات الفلسطيني، وتناول حياة الغجر وترحالهم، وكان للاقتصاد والحياة الإنسانية والاجتماعية حضورها أيضاً.

تتبع هذه الرواية قصة الصديقين كايد وعثمان والتطورات التي تحصل معهما في ليلة المعطف التي خلخلت مساحات السلام بعد أعوام طويلة من العلاقة الملتبسة بينهما.

وكتب ناجي في مقدمة الرواية كلمة بعنوان "قبل القراءة"، كتب فيها "سارد ما خلق شهرزاد من العدم، فتمكنت من هزيمة الموت ألف ليلة وليلة.. سارد آخر أو حكّاء، أوجد أنكيدو كي يتصدى لكلكامش، لتبدأ دورة البحث عن سخف الخلود.. هوميروس الشاعر خلق أوديسيوس في الأوديسة، وأحاطه بالمخاطر والمحن، لكنه تغلب عليها، وعاد إلى مملكته إيثاكا ظافراً ومحققاً حلمه بالانتقام ممن نكّلوا بزوجته الوفية بينيلوبي.

وأضاف: من عاش في أفكار الآخر، وسيرها؟ .. شهرزاد أم من أطلق شرارة ألف ليلة وليلة؟ .. كلكامش، أنكيدو أم من أوجدهما من العدم؟ .. أوديسيوس المبصر أم هوميروس الشاعر خلق الأعشى؟

وكشف: شخوص هذه الرواية تسللوا إلى تعرجات ذاكرتي، عبثوا في مساحات روحي وأوراقي.. كانوا نزلاء متجانسين، متعبين إلى حد أن تمييزهم تطلب وضع علامات وإشارات على جباههم أو أجسادهم خشية الخلط بينهم.. كل ما فعلته أنني أعدت ترتيب حكاياتهم، ومناكفاتهم، ومؤامراتهم.. لا يمكنني الادعاء بأنني من خلقهم أو أوجدهم، فهم موجودون من دوني.. ربما أنطقتهم، لكني لا أستبعد أن أكون وقعت في شرك أفكارهم التي أطلقوها في فضاء هذه الرواية.. لا أستبعد أن أكون قد عشت في عوالمهم، وليس العكس، مثلما قد يخطر في البال.

ومما جاء في الرواية: جدي هو حلمي السواسي أول من تعلم اللغة الألمانية في الأردن، وأبي، عاهد، كان مدير مصرف في عمّان منذ خمسينيات القرن الماضي، أما اسم العائلة، فمشتق من كلمة سواسية، ويقال إنهم أطلقوا عليها هذا المسمى، لأن العائلة كانت تملك مضافة واسعة يلتقي الناس فيها، ويقوم جدّي الأول بمساعدة المحتاجين وحل مشكلات الناس بالعدل والمساواة .. لكن كل هذا التاريخ لا يعنيني، إنه عبء عليّ، ولو لم أعرفه لكنت في حال أفضل.

"تنهدت: .. مشكلة التاريخ أنه كالموتى، لا يستطيع الدفاع عن نفسه، ولا تصويب ما يقوله الأحياء عنه. ثم، أنا أعرفك لا تحب التاريخ، ولا تجد فيه أمراً حرياً بالجدية، ما الذي اختلف اليوم لتتحدث بهذا الاستمتاع عن آل السواسي؟ .. فمدّ وجهه نحوي، قائلاً: أتدري؟ من أسباب إبقاء علاقتي بك أنكَ من أخبث الكائنات، ومن الأسلم أن أظل على وفاق معك".

ومن أجواء الرواية "يحتاج المحبّون إلى استراحة من الحبّ، إن ما يحيل حكايات قيس وليلى وروميو وجولييت وما شابهها إلى قصص مملة، هو أنها زاخرة بمجرد الحب، ولا تصلح إلا للبائسين اليائسين.. الحب ليس كافياً، لابد من جرعات من المشاكسة أو البغض، بوسع المرء أن يميل إلى إنسان ما، فيحبه ويحبه إلى أن تنتهي جرعة الحب.. ماذا يفعل بعد ذلك؟ .. يسيء إليه كي يتخلص من أعباء حبّه الثقيلة، بعض المحبة قسرية، لأنها مرتبطة بالحب المجرد، وأحياناً، بالإحسان".

"ثم عدّل جلسته، قائلاً بطريقة من حضرته فكرة مفاجئة لا يريد نسيانها: أتدري من أين جاءت تلك الحكمة القائلة: اتق شرّ من أحسنت إليه؟ .. من شرور الإحسان، الذي هو في حقيقته قيد وطوق ثقيل، يحيط بالمُحسَن إليه، ويرغمه على إظهار حبّه للمحسن، وطاعته، وإرضائه، إن شبراً واحداً في أرض الكرامة والعوز خير من إقطاعية في غابة الإحسان".

ورواية "ثلوج الليلة الأخيرة"، جاءت بعد عديد الأعمال الإبداعية التي قدمها الراحل جمال ناجي منذ العام 1982 حتى 2018، حيث بدأ مشواره مع رواية "الطريق إلى بلحارث"، التي ترجمت للغة الروسية، و"وقت" (1984)، و"مخلفات الزوابع الأخيرة" (1988)، و"الحياة على ذمة الموت" (1993)، و"ليلة الريش" (2004)، و"عندما تشيخ الذئاب" (2008) ترجمت إلى اللغة الهندية الماليبارية، و"غريب النهر" (2011)، و"موسم الحوريات" (2015) وترجمت إلى اللغة الإنكليزية.

وفي مجال القصة القصيرة صدر له: "رجل خالي الذهن" (1989)، و"رجل بلا تفاصيل" (1994)، و"ما جرى يوم الخميس، (2006)، و"المستهدف" (2011). 

amm
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024