الرئيسة/  ثقافة

مصمم رقص فلسطيني يحوّل صدمات الحرب في سورية إلى رقصات معبرة

نشر بتاريخ: 2019-03-25 الساعة: 10:03

باريس - أ.ف.ب- في طفولته، كان نضال عبده الصبي الوحيد في مدرسة لرقص الباليه في دمشق، وهو بات اليوم مصمم رقص يستعد لتقديم أول عرض له في باريس يتناول فيه المنفى وصدمات الحرب.

ولد عبده (29 عاماً) بمخيم اليرموك في العاصمة السورية من أب فلسطيني وأم أوكرانية، وقد غادر سورية قبل ثماني سنوات، بعد أشهر قليلة على بداية النزاع.

ويقول مصمم الرقص الطويل القامة، المقيم في باريس منذ العام 2016، في مقابلة مع وكالة فرانس برس: إنه اضطر إلى الاختيار بين "أن أبقى في سورية وأسحب إلى الجيش وأخسر كل ما أسست له فعلياً، أو أن أخرج وأؤسس نفسي من جديد كي أتمكن من التقدم".

ويضيف، خلال تدريبات في معهد العالم العربي: "كنت أبني حياتي كفنان ولم أكن أتخيل أن أكون على المسرح يوماً وأحمل السلاح وأقف على الجبهة في اليوم التالي".

وقدم، أمس، في معهد العالم العربي عرض "شو إذا بكرا" (ماذا لو غداً) ضمن النسخة الثانية من "ربيع الرقص العربي"، التي تستمر من 22 آذار إلى 28 حزيران. ويضم المهرجان هذه السنة 13 مصمماً من لبنان وصولاً إلى جزر القمر مروراً بتونس.

ويتمايل نضال والراقصون الثلاثة الآخرون في فرقته "نفس" التي أسسها العام 2018، ويؤدون حركات مؤثرة ومضطربة في آن على مدى 20 دقيقة، معبرين فيها عن مشاعرهم جراء المنفى.

ويأتي الرقص على موسيقى هي مزيج من الموسيقى الشرقية والإلكترونية من توقيع "أسلوب" وهو مغني راب فلسطيني والثلاثي جبران من فلسطين أيضاً.

ويوضح نضال أنه لم يختبر الحرب مثل رفاقه في الفرقة، لكنه أراد الحديث عن أعراض اضطراب ما بعد الصدمة "التي يعاني منها غالبية من تهجروا من دون أن نعرف ما هي"، قائلاً: إن أصدقاء سوريين له في باريس لا يزالون يرتعدون عندما يرون شرطياً أو يسمعون هدير طائرة.

إلى جانب الراقصين سامر الكردي وعلاء الدين بكر وماهر عبد المعطي المقيمين أيضاً في أوروبا، أراد عبده أن يعبر عن المعاناة الناجمة عن عدم تمكن المرء من العودة إلى بلده، وهذا النزاع بين الماضي والحاضر.

ويضيف الفنان: "رغم أننا صرنا في مكان أفضل ونتمكن من تكوين وبناء حياتنا من الصفر لكن هناك شيئاً يشدنا إلى الماضي".

هذا الماضي يعيده إلى المدرسة في اليرموك وحارات المخيم "والألفة، حيث كل الناس يعرفون بعضهم بعضاً"، وإلى بداياته المميزة في الرقص.

ويروي: "أمي أوكرانية كانت معلمة بيانو. في سن التاسعة أخذتني إلى مدرسة الباليه في المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق. كان الأمر صعباً في البداية إذ كنت الشاب الوحيد مع بنات، خصوصاً في دمشق"، مقلداً اللهجة الساخرة التي كانت تستخدم معه.

وفي ختام السنة الثانية، ومع تشجيعات والدته ووالده الأستاذ الجامعي، بدأ الصبي الأشقر صاحب الشعر الطويل يستمتع بتحريك جسمه، ما يمكنه أن يعبر عن مشاعره من دون الكلام بل عبر الرقص.

ويوضح: والدتي كانت تقول لي: اصبر، غداً سترى، فيما كان والدي يسميني الفنان.
وقد تدرب بعد ذلك على تقينات أخرى من فولكلور وجاز مع فرقة إنانا الدمشقية للرقص التي باتت الآن في كندا. وبعد رحيله عن سورية، قام بجولات عالمية مع فرقة الرقص اللبنانية الشهيرة كركلا.

ويقول عبده: "كان الأمر مشوقاً جداً أن أتعلم من عبد الحليم كركلا (مؤسس الفرقة) الذي تدرب على يد مارثا غراهام" بلندن، في إشارة إلى مؤسسة الرقص الحديث.

وهو ينتمي إلى هذا الجيل من مصممي الرقص العرب الشباب الذين يحاولون ترك بصمتهم على الرقص المعاصر الدولي. ويوضح: "نحن لدينا تراث منذ آلاف السنين لا يزال يشكل جزءاً منا.. يمكننا إضافة لمسة التشريق بروحنا وموسيقانا والحركات، فلدينا تركيز على حركات الأيدي والخصر والجذع".

ويقول نضال وهو عضو في "ورشة الفنانين في المنفى": "اليوم أنا محظوظ لكوني هنا" في باريس، مشدداً على أن "الحياة تستمر". 

amm
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024