"خيل" لفرقة وشاح .. عرض مبهج لم ينج من فخ الشعاراتية
نشر بتاريخ: 2019-03-21 الساعة: 10:01رام الله- الايام- "ما خضت هذه الحرب كي انتصر، لكن لأحمي الحق وهو لينا .. إحنا ما جرحنا حدا حتى بورد، هما اعتدوا وصاروا أعادينا".. هذه واحدة من رسائل العرض الجديد لفرقة وشاح للرقص الشعبي، وحمل عنوان "خيل"، ليدمج بالاعتماد على رواية "زمن الخيول البيضاء" للروائي إبراهيم نصر الله، ما بين الموسيقى، والغناء، والرقص، ومشاهد الفيديو، وشيء من المسرح، عن كلمات وألحان عبد الحليم أبو حلتم، ورؤيا وإخراج محمد عطا، الذي قام بتصميم الرقصات بالاشتراك مع كل من: لينا عبد القادر، وثائر أبو زيادة، وشادي بكر.
وعلى مدار واحد وعشرين لوحة ابتدأت بـ"قصتنا"، قدم الراقصون: نرمين إدريس، وحنين الخليلي، وصمود أبو خضير، وسارة مبيض، ورنا عوري، وعفاف شامية، ومريانا مسلم، وثائر أبو زيادة، وفارس حمدان، ومهند المالكي، ومحمد الريماوي، وسيف عايد، وأحمد سجدية، ومحمد دراوشة، محاكاة للرواية التي اعتبرها النقاد ملحمة أدبية فلسطينية تدور أحداثها في نهايات القرن التاسع عشر، خلال فترتي الحكم العثماني لفلسطين، وتتواصل حتى الحرب العالمية الأولى، بحيث قدمت صورة لمرحلة مفصلية مرّ بها التاريخ الفلسطيني الحديث، والصراعات التي لم تتوقف على أرض فلسطين، وخاصة ذلك الصراع مع الاستيطان.
وكان لحضور الفيديو أهمية خاصة في العرض، وذلك لتعذر استقدام الخيول على خشبة المسرح من جهة، ولتقديم رؤية ليست مغايرة أو جديدة، ولكنها سعت لجعل الفيديو وسيطاً مهماً لإكمال الحكاية التي تخطها أجساد الشبان والفتيات على المسرح، حيث لم يغب الراوي، والحكواتي، عن العرض، كما تم توظيف لقطات الفيديو لصالح الأغنيات التي كتب إبراهيم نصر الله بنفسه آخرها "في الليل"، وغناها كل من: دينا ضرار، ويوسف كيوان، وعبد الله كيوان، وهامة أبو حلتم، وعلي سلامة، وجمال عابد، وعلياء عابد، وميسون الشيخ.
واتسمت لوحات العرض بالرشاقة، والروح ذات البعد الحماسيّ الواضح والتي بثت في مسرح قصر رام الله الثقافي، مساء الاثنين، حماسة تلقفها الجمهور، وحولها تصفيقاً وتفاعلاً بطرق شتى، كما تميز بأنه من العروض القليلة التي اعتمدت على أغنيات كتب غالبيتها العظمى كما لحنها عبد الحليم أبو حلتم، وهي أغنيات خاصة بالعرض، كما كان ثمة نوع من الانسجام بين أعضاء الفريق.
لكن يؤخذ على العرض، أن الاتكاء المبرر على الفيديو، لم يكن مقنعاً لجهة أداء "الممثل"، الذي يظهر في العرض راقصاً، فكان من الممكن أن يكون ممثلاً بالفعل، حيث لم يكن الأداء مقنعاً بنسبة كبيرة، كما أن الفيديو متفاوت المستوى، في حين أن أكثر من يؤخذ على العرض، وقوعه في فخ "الشعاراتية" و"الصراخ" في بعض الأحيان، ما يدفع إلى التساؤل: إذا لم تكن أجساد الراقصات والراقصين قادرة، وبمساعدة تقنيات الفيديو، والأغنيات المرافقة، وبحمولة نص إبراهيم نصر الله، على نقل الرسالة، فإن ثمة خللاً ما لا يتم إصلاحه بالتصريح الفاضح الشعاراتي كأن يصرّ أحدهم صارخاً بأن ناقته ليست للبيع، ويشتعل التصفيق! .. والأمثلة كثيرة هنا.
وأعتقد أن انفكاك العرض إلى عرضين ساهم في مثل هذا الخلل، ففرقة وشاح قدمت بداية، وبالشراكة، مع المسرح الشعبي، مسرحية "زمن الخيول البيضاء"، لكن العرض انقسم إلى اثنين، فبقيت المسرحية دون "وشاح" باسمها كما هو، واتكأت بشكل كبير على مشاهد الفيديو، في حين قدمت "وشاح" بطريقتها عرض "خيل"، وكلاهما يستند إلى رواية إبراهيم نصر الله "زمن الخيول البيضاء".. ثلاثة عروض قدمت من وحي الرواية، وكل هنا تمسك في حقه بأن يقدمها بطريقته، فسقطت جميعها، وإن كانت السقطات بدرجات متفاوتة.
وتبقى الإشارة إلى أن العرض كان فرجوياً بامتياز، وحمل من البهجة الكثير، فخرج الجمهور راضياً إلى حد ما عما قدمته "وشاح" في "خيل"، وباعتقادي، فإن العرض قد يكون أفضل في مناسبات عرضه الأخرى، حال تم تلافي بعض الأخطاء.
amm