مصر تنتزع جائزة القاسمي في مهرجان المسرح العربي بعرض "الطوق والإسورة"
نشر بتاريخ: 2019-01-20 الساعة: 09:17رام الله- الايام- ما بين مبتهج، ومصدوم، ومحبط، ومنفعل، وراضٍ عن النتيجة، وساخط عليها، أعلنت لجنة تحكيم جائزة الشيخ سلطان القاسمي الثامنة، فوز العرض المصري "الطوق والإسورة" بالجائزة، في إطار اختتام فعاليات مهرجان المسرح العربي بدورته الحادية عشرة، ونظمتها الهيئة العربية للمسرح، ومقرها الشارقة، بالتعاون والشراكة مع وزارة الثقافة المصرية، في العاصمة القاهرة، لتتوَّج مصر، للمرة الأولى، بهذه الجائزة، بعد أن وصلت إلى القائمة القصيرة ثلاث مسرحيات غيرها، هي: "ذاكرة قصيرة" من تونس، و"المجنون من الإمارات"، و"الرحمة من الكويت"، في حين أن الترشيحات كانت تصبّ لصالح العرض المسرحي المغربي "شابكة"، الذي وجدوا فيه العمل الأكثر نضوجاً بين الأعمال المتنافسة.
وقُدمت مسرحية "الطوق والإسورة" لمسرح الطليعة، للمرة الأولى منذ اثنين وعشرين عاماً، ونال مخرجها ناصر عبد المنعم جائزة أفضل عرض بمهرجان المسرح التجريبي، وهي عن نص للكاتب يحيى الطاهر عبد الله، وإعداد سامح مهران.
ولجأ سامح مهران في العرض إلى تحويل ما يسوقه لنا الراوي العليم من معلومات إلى جمل وأفعال، مستخدماً حيل الجوقة التي حملت عبء نقل المعلومات إلى المشاهد بطريقة درامية، مع امتلاكها خاصية القيام بدور أهل القرية الذين يتحاورون فيما بينهم معلقين على الأحداث أو ممهدين لها.. هكذا خلق نص العرض، وفق الناقد المصري د. علاء عبد العزيز، أستاذ الدراما بالمعهد العالي للفنون المسرحية في مصر، جوقتين: إحداهما تتكون من ثلاثة رجال، والأخرى من ثلاث نساء، لافتاً إلى أن المعدّ اختار الدمج بين شخصيتي الشيخ فاضل والشخص موسى في شخصية واحدة.
ورغم الاحتفاء النقدي المصري بالعرض قبل الجائزة وبعدها، فإنني رأيت أن المخرج حاول أن يكون "حداثياً"، أو يتحايل على صعوبة النص، بتقسيم الخشبة حيث الأحداث المحورية إلى اثنتين، ولربما حالفة التوفيق في الإيحاء، عبر ذلك، إلى حالة الاختلاف الجغرافي التي لربما وجد أنه لا يمكن التعاطي معها على خشبة واحدة، أو من خلال الممّر الواصل بين الخشبتين الصغيرتين، كمسرب عابر للزمن وللأحداث، أو وسيلة وصل أو قطع بينهما، وهنا وقعت حالة من التوهان الزمكانيّ أحياناً، مع أن العناصر المرافقة من موسيقى وغناء ورواة كانت إضافة مهمة تحسب للعرض.
ولكن.. إن كنت تجلس في ركن من ضفة المسرح الغربية، إن لم تخُنّي بوصلتي كالعادة في الجغرافيا، فأنت بحاجة إلى أن تحرك رقبتك مئة وثمانين درجة لمشاهدة الرواة الثلاثة، ما يعني أنك بعد العرض قد تكون محتاجاً إلى طبيب عظام متخصص، أو سلسلة جلسات علاج طبيعي، وهو ما ينطبق على سكان الضفة الأخرى من المسرح في المشاهد التي كانت تخرج فيها الراويات الصغيرات الملفوحات بالشمس وحنطتها التي وضعت بصمات جمالية على وجوههن الصافية والمتعبة في آن.
وتجسدت "لاعدالة المشاهدة" في عدم مقدرة متابعة أيّ ممّن يقبعون في هذه الضفة أو تلك مشاهد العرض المسرحي بكليّتها دون عناء جسدي، فيما اتضحت أكثر في حال من لم يحالفهم الحظ بالجلوس في "الصف" الأول من كل ضفة، فمع كل صف كانت تضيق مساحة الرؤية، حتى أنه مع الصفين الرابع والخامس بات مستحيلاً مشاهدة عدد من الشخصيات المحورية في العمل، كـ"حزينة"، التي خلتها، وكنت في "الصف" الرابع، خارج المشهد لولا صراخ ابنتها "فهيمة".. والأمثلة هنا كثيرة، فما كان لنا لنتابع ما تبقى من المشهد نحن سكّان الصفوف الأخيرة في ضفّتنا من المسرح المجتزأ إلا وقوفاً.
ولعل المقارنة قد تكون ظالمة ما بين الفيلم الذي أخرجه خيري بشارة العام 1986 عن الرواية ذاتها، وما بين الطبيعة الإخراجية للعمل المسرحي، فالأول امتلك من الإبهار عناصر عدة حاول الثاني مجاراتها عن قصد أو دونه، علاوة على الاختلاف الحاد ما بين تحويل نص روائي إلى عمل سينمائي وما بين تحويله إلى آخر مسرحي.
واستضافت القاهرة الدورة الحادية عشرة من المهرجان في الفترة من 10 إلى 16 من الشهر الجاري سبعة وعشرين عرضاً مسرحياً، ونحو 650 مسرحياً من مختلف الدول العربية.
وفي كلمته، خلال حفل الختام بدار الأوبرا المصرية، أعلن الأمين العام للهيئة العربية للمسرح إسماعيل عبد الله أن الدورة الثانية عشرة في العام 2020 ستكون في العاصمة الأردنية.
amm