الرئيسة/  مقالات وتحليلات

هذه حماس المُسَاوِمة!

نشر بتاريخ: 2025-05-31 الساعة: 00:37

 

الكاتب / موفق مطر


يعلم قادة حماس أن المجتمع الدولي قد أجمع على إنهاء صلاحية جماعة الإخوان المسلمين السياسية، فالأمر بات خارج منظور الزاوية بين ضلعي الاعتدال والتطرف، وكذلك الدول العربية بضرورة خروج حماس من المشهد، وإعادة قطاع غزة لولاية السلطة الوطنية الفلسطينية، وتسليم سلاحها، وخضوعها للقانون الفلسطيني، من أجل الحفاظ على مصالح الشعب الفلسطيني، إلا أن المستوى السياسي في حماس يناور في المفاوضات مع حكومة نتنياهو، ويعرقل، ويعطل، من أجل الحصول على ضمانات أميركية مكتوبة، يرونها بمثابة اعتراف أميركي بحماس، يؤهلهم لأخذ موقع ما، يقدمونه لجماعتهم وأنصارهم إنجازاً، يسوقونه انتصارا، يظنون أنه سيمنحهم شرعية الاستحواذ على موقع ما في المشهد السياسي الجديد الذي يتم بلورته دوليا وعربيا، بعد فشلهم، وعجز دول في الإقليم في فرض حماس بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية..فساسة حماس الذين هربوا من قطاع غزة ويتنعمون بالعيش في الخارج،إثر انقلاب الجناح العسكري عليهم بقيادة يحيى السنوار، وسيطرته التامة على مقدرات حماس في الداخل وبروز تيار إيران القوي داخلها، يعتقدون أن تعنت الجناح العسكري بخصوص الرهائن سيفقدهم فرصة فرض حماس على المشهد السياسي، خاصة أنهم في الخارج، يسابقون الزمن، لنيل اعتراف أميركي، قبل انعقاد المؤتمر الدولي الذي تقوده المملكة العربية السعودية وفرنسا، من أجل تنفيذ حل الدولتين، مايعني خروجهم بلا جائزة من الحرب.. وهذا مايفسر الانسداد الذي يعقب التفاؤل بعد كل جولة مفاوضات، والسبب كما نعتقد تشدد قيادات الجناح العسكري الأقوياء الباقين، وشروطهم للإفراج عن الرهائن الإسرائيليين وإنهاء الحرب التي يفرط بها قادة حماس بالخارج من أجل ضمان مصالحهم، وسلامة رؤوسهم، (ألا يتعرضوا للاغتيالات) مع تأمين أموالهم وشركاتهم التجارية وأموال حماس التي يسيطرون عليها، ونتذكر هنا أن قادة حماس في الخارج أنكروا في الأيام الأولى لعملية (7 أكتوبر 2023) علمهم المسبق، ثم سرعان ما ركبوا الموجة، وهذا دليل قاطع على أن عسكر حماس عملوا على إقصاء ساستها في الخارج نهائيا (بالطوفان) لظنهم أن إيران ستتدخل مباشرة لصالحهم، مع تأييد شعبي فلسطيني وعربي، سيمكنهم من طمس حركة التحرر الوطنية الفلسطي/نية، وإلغاء منظمة التحرير الفلسطينية، وصولا لإنشاء كيان سياسي فلسطيني حمساوي خالص ولكن بصبغة إيرانية ! ولم يخطر ببالهم أن يؤول مصير حزب الله إلى ما هو عليه الآن!.. وأن طهران -التي أدارت ظهرها لوكلائها، أو على الأقل تتنصل من العلاقة المباشرة معهم- تتفاوض مع الإدارة الأميركية ليس على الملف النووي وحسب، بل على قطع الصلة والدعم لوكلائها وحماس منهم!... وهذا يدفع حماس المُسَاوِمَة بالخارج لسرعة استخدام سلاحها للمساومة.

هنا نفترض سؤالا مهما: هل سيكون بمقدور قيادة حماس السياسية، بوجوهها الحالية في الخارج الاندماج في المشهد الوطني الفلسطيني ثم العبور نحو المحيط العربي تحت اسم حزب جديد؟ الجواب: لا، لأنهم أولا عناوين نكبة الانقلاب سنة 2007 ونكبة 2003 الأفظع على الشعب الفلسطيني، ذلك أنهم وعسكرهم قد منحوا منظومة الاحتلال الاستيطانية العنصرية ذريعة، لتنفيذ خطة الإبادة الدموية والتهجير، وثانيا: لأن الشعب الفلسطيني سيطالب بإخضاعهم لمحكمة تاريخية، لتسببهم في هدر قداسة نفس الإنسان الفلسطيني، بحسبانهم حوالي 200000 شهيد وجريح بينهم اكثر من 20000 طفل و18000 امرأة "خسائر تكتيكية" واعتبروا الشهداء منتجا ماديا يمكن مضاعفة إنتاجهم!! كما قال كبيرهم خالد مشعل الذي يعلمهم الانسلاخ من الإنسانية... فهذا منطق المساوم، وليس المقاوم، وعلى هذه الوجوه الغياب الى الأبد،ونسخها من الذاكرة الوطنية، لكنا بذات اللحظة نفترض سؤالا آخر: ماذا لو رأى المستشارون في البيت الأبيض أن منح حماس الضمانات المطلوبة، سيقطع الطريق على أوروبا العاملة الآن على الاعتراف بدولة فلسطين بالجملة، بالتزامن مع عقد مؤتمر دولي لتنفيذ حل الدولتين، الشهر القادم؟! فهذا المؤتمر إن نجح بتطبيق مخرجاته، بعيدا عن واشنطن،ستعتبره الإدارة الامريكية مخالفا لتوجهتها،وبالعودة للضمانات يجب السؤال هنا أيضا عن ماهية هذه الضمانات –إن منحت لحماس وإسرائيل- وهل تتعلق ببقاء سيطرة لحماس على قطاع غزة بحجم وشكل ما، يمكن ابتداعها؟ وستتعارض هذه الضمانات مع مسعى نتنياهو للقضاء على حماس وقدرات حكمها، للتحرر من تهمة خيانة عظمى، سيحاكم عليها إن لم يحقق هذا الهدف! ذلك أن الجمهور والمعارضة يتهمانه بالمساهمة والإشراف مباشرة على تمويل حماس، وتبادل الرسائل مع رئيسها السابق في غزة يحيى السنوار،ما يقدم شبهة التواطؤ، التي ستنسف ادعاءات حماس حول أهداف الحرب المعلنة.

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2025