"لا يوجد مشهد تخرج منه حماس.. نحن في مشهد عبثي"
نشر بتاريخ: 2025-04-06 الساعة: 17:10
- موفق مطر
الفعل مبني للمجهول، والاتجاه معاكس، والكلمات تبدو مبسطة، لكنها محشوة بمواد، قد تكون متفجرة، وربما مشعة يتحملها ذوو الصحة النفسية وذوو العقل السليم، وقد تخرب ادمغة المؤجرة عقولهم وأعمالهم!! وهاكم الصورة بتفاصيلها، قبل وضع النقاط على الحروف، ونعتقد أن القارئ سيعرف منهج الجماعة، الذي تشتق منه مثل هذه العبارات، وتطلق كل منها باتجاهات عبثية، كفقاعات الصابون التي ينفخ عليها الأطفال مبهرة لعين الناظر، أما هنا فهي مبهرة للمشاهد السامع، فلنقرأ أولا: "هذه المظاهرات وهذه الشعارات..هذا صراخ الناس الذين يُقتلون ويُذبحون ولا أحد ينجيهم" .. "ولكن هل ترى ان هناك مشهدا لتخرج منه حماس؟" .."لا يوجد الا قتل واحتلال، لا يوجد مشهد، لا يوجد حكومة، لا توجد امور خدماتية ولا مشافي" .."نحن في مشهد عبثي" .."الآن تم تدمير كل شيء، الحكومة، الأمن، لا يوجد أي مظهر إلا الاحتلال، هذه الصرخات المكلومة تقول للاحتلال ابعدوا عنا كفوا عنا نحن لسنا حماس".
ما بين كل مزدوجين منقول حرفيا عن لسان إبراهيم المدهون المعرّف في وسائل الاعلام، بالكاتب والمحلل السياسي ومدير (مؤسسة فيميد للإعلام الفلسطينية ) والمعروف بعلاقته العضوية مع جماعة حماس، قاله خلال لقاء على فضائية (سكاي نيوز) قبل ثلاثة ايام، ومنشور في مقطع فيديو بالصوت والصورة بثته ذات القناة، لكن تسليط الضوء على قوله قبل اسبوع في قناة الغد: "إن المقاومة الفلسطينية ستواصل القتال ولو بأظافرها وقادرة على مواجهة الاحتلال" يدفعنا قسرا للتشكك في أي نوايا ايجابية قد يحملها حديثه الأحدث، الذي نقلنا أهم ما جاء في بداية المقال.
والأسئلة التي تحتاج لإجابات صريحة واضحة غير قابلة للتأويل من ساسة حماس: هل عكس المدهون حقيقة فشل حماس التام في (الدعوة) و (المقاومة) و (الحكم) وأن صورة فرع جماعة الاخوان المسلمين في فلسطين (حماس) تتبدد بسبب انعدام العقلانية، والحكمة، والبصيرة، والرؤية الواقعية، باعتبارها أساسا للنجاح، قد يكون هذا اعترافا ضمنيا، ينتشر كالنار في الهشيم في قواعد حماس وقياداتها الوسطى.
والسؤال الآخر: هل تمهد حماس لأتباعها في فلسطين، ولجمهور الاخوان المسلمين، باعتبارها رأس الحربة في مشروع الجماعة، للرضوخ وقبول أمر انهيار مشروعهم الذي ارادوه مناهضا للمشروع الوطني الفلسطيني، وضاربا لحركة التحرر الوطنية الفلسطينية، بالحديث عن حكم اسلامي في غزة ينتقل تدريجيا لبلوغ مستوى (دولة اسلامية) وهذا ما روج محمود الزهار عضو المكتب السياسي لحماس، وصاحب النفوذ الأعظم في (حماس الداخل) عندما قال أمام طلبة جامعيين: "إن فلسطين تبدو بحجم عود مسواك إذا ما قارناها بمشروع الدولة الاسلامية التي تعمل حماس على تحقيقها" .. قد يكون اقرارا تمهيديا، خاصة إذا علمنا أن المدهون تربطه علاقة مميزة مع رئيس المكتب السياسي لحماس في الخارج خالد مشعل، الذي كان قد اقر بفشل حماس في الحكم.. لكن هل نذهب بعيدا في هذا الاتجاه، بينما للمدهون نفسه حديث حول دعوات لتنحي حماس وضرورة خروجها من المشهد السياسي الفلسطيني، الذي طرحه الأمين العام للجامعة العربية احمد ابو الغيط بعد قمة فلسطين الطارئة في القاهرة في بداية آذار الماضي، لقطع الطريق على منظومة الاحتلال اسرائيل، ومنعها من تدمير ما تبقى من قطاع غزة، وتنفيذ خطة التهجير القسري، فالمدهون رد قبل شهر تقريبا وقال: "هذه الدعوات لا تخدم الاستقرار ولا تسهم في إيجاد حلول حقيقية لأزمة غزة".
وهنا سؤال: ألا يستغل بنيامين نتنياهو هذا التحول السريع لدى العاكسين لمواقف حماس – منهم وفيهم - ليعتبره انجازا لمقولته: "التفاوض مع حماس تحت النار" أم أن الحديث عن عدم وجود مشهد لتخرج منه حماس، وأنه لا توجد حكومة لحماس في قطاع غزة، ولا يوجد أمن .. وقوله نحن في مشهد عبثي "محاولة لتغطية عجز حماس عن حماية المواطنين الفلسطينيين في القطاع، باعتبارها سلطة الانقلاب والأمر الواقع، والسقوط المريع لشعار (الحكم والمقاومة) وشعار (المقاومة لحماية الشعب) ولتضليل الرأي العام حول منح حماس منظومة الاحتلال (اسرائيل) الذريعة لتكوين مشهد الابادة الجماعية بالقتل والذبح والتدمير!.. فهو نفسه قال قبل سنة: "لا شك، دفعت غزة ثمنا كبيرا وباهظا "وأن عملية جماعته" في 7 اكتوبر وضعت السلمة الأولى لعملية التحرير لكامل فلسطين وأن اسرائيل خسرت الحرب وبقي أن تترجم خسارتها لوقف دائم لإطلاق النار!!.
لكن رغم كل المراوغات فإن المرء قادر على اكتشاف واقتناص الحقيقة من كلام "الاخوانيين" اذ يكفي قوله: "نحن في مشهد عبثي" وهذا اعتراف صريح بمسؤولية حماس، وبعبثية جماعة الاخوان وفرعهم المسلح في فلسطين المستدرجة للنكبات الأفظع في تاريخ شعبنا.
mat