نعم.. فلكل انقلاب عند حماس فتوى!!
نشر بتاريخ: 2025-01-30 الساعة: 12:31
موفق مطر
الجماعات والأحزاب المستخدمة للدين لتحقيق أهداف دنيوية سلطوية بأي ثمن حتى لو كان أخلاقيا، تتميز بتحريم التفكير، والبحث والدراسة على أفرادها، وتخضعهم لمقولة ابتدعوها "لا تقربوا العقل" كأفضل وسيلة للسيطرة على قواعد الجماعة، وقيادتها، بعد إقناعها بمنطق التسليم التام، وبدون نقاش، حتى لو كانت الإشارات، في الطرق كافة، التي يُسَيَرون فيها تدل على الهلاك، قبل بلوغ الهدف، اللاموجود أصلا في الواقع، أو غير ممكن بلوغه لأسباب كثيرة، فالعقلانية، والموضوعية والمنطق، يعتبرونها شكلا من أشكال الإلحاد والكفر، لذلك يبقون أفرادهم وأنصارهم الذين يستمعون اليهم، تحت تأثير الخوف، والارتياب، وفقدان التوازن النفسي والعاطفي والعقلي، ويدفعونهم لتركيز أبصارهم، وما تبقى فيهم من بصيرة، على إنجازات تبدو لناظرها، ضخمة جدا، وجميلة.
لكنها في الواقع مجرد هياكل كرتونية (جيتابل) للاستخدام مرة واحدة في كل مرحلة، كالتي تستخدم في إنتاج وإخراج الشرائط السينمائية المبهرة للبصر فقط! الخالية من أي محفزات للعقل، والقاطعة لسبل التفكير بالأحداث المتتالية، ونتائجها ووقائعها على الأرض، فهذه الهياكل العصبوية الفئوية، المعروفة باسم (جماعات إسلاموية) تعمل على زرع الخوف والرهبة، في قلوب أفرادها، الى حد رؤية قادتهم كناطقين باسم الله، لا يجوز مناقشتهم، أو مجرد التفكير بكلامهم، ومواقفهم، وسلوكهم، وأعمالهم، ويزيدون عليها تعبئة، تضفي قداسة من نوع ما على قادتهم، تمهيدا لإيصالهم الى ذروة طاعة عمياء، ليس بعدها سبيل، ولا يمكن التراجع عنها، لأنها في كلا الحالتين سبيل الفرد الى الهلاك، إما خوفا، أو اغتيالا، أو تشهيرا، أو دفنه تحت ركام الردة أو الكفر، وخيانة الجماعة!!
ليس هذا وحسب، بل وجوب اتباع منطق (الأمير)، أو رئيس المكتب السياسي، وفقا لمسمى رأس كل فرع من الجماعة، ووفقا لدرجة التأصل بالمظاهر الخادعة، التي يبدون فيها للناس، فقد يكون أحدهم بعمة وجلباب، أو بزي أجنبي (بدلة) وبربطة عنق!! وأبلغ مثال على هذا النموذج نائب رئيس المكتب السياسي لحماس موسى أبو مرزوق، الذي أفتى لجماعته بوجوب الانتقال الى درب، مخالف لبيان جماعته (حماس) وأهداف فرعها العسكري المسلح، صباح السابع من أكتوبر 2023، كما ألقاه قائد أركان قوات حماس محمد الضيف، وقال حينها: "تحرير فلسطين من النهر الى البحر وإنشاء دولة الإسلام فيها" والانتقال الى الدرب، الذي اعتبرته الجماعة منذ إنشائها حتى 7 اكتوبر 2023، درب خيانة وتنازل، وعمم ساستها ومشايخها هذه الضلالة على الناس، وهم على يقين أن كل فلسطيني حمل لواء المشروع الوطني الفلسطيني، وتمسك بثابت قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، كان وما زال وطنيا، مناضلا، حكيما، شجاعا، يحتكم للعقل، ومشبعا بالفكر الإنساني السياسي السليم، محبا للسلام، يقدس النفس الانسانية عموما، والفلسطينية تحديدا، ولا يسمح لسلطان الغرور، وحب الظهور بثوب الزعامة، وتحقيق المكاسب الشخصية والفئوية، على حساب دماء الأبرياء.
فموسى أبو مرزوق قال في حديث مع فضائية العربية: إن جماعته (حماس) قد طرحت بيانا منذ سنة 2017 اكدت موافقتها على "دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس عاصمتها" وأن هذا الموقف ليس جديدا، علما أنه وكل قيادات حماس السياسيين في الخارج، على رأسهم خالد مشعل، قالوا إنهم فوجئوا بعملية (7 أكتوبر).. لكنهم رغم ذلك تماهوا، وتحدثوا عن بداية تحرير فلسطين، أما اليوم فقطاع غزة محتل، ومؤامرة تهجير المواطنين قسرا باتت علنية، فما الذي حدث داخل جماعة (حماس)، الجواب: انقلاب قادة حماس العسكر في قطاع غزة، على قادة حماس في الخارج، وقلنا ذلك بعد بضعة أسابيع فقط من 7 أكتوبر، أما الآن وبعد إفراغ الساحة من العسكريين، يعود قادة حماس للبحث عن موضع ما، في اليوم التالي، أما الحديث عن وحي، ألهم قيادة حماس لاتباع درب الواقعية السياسية، فهذا ليس إلا محاولة لتبرئتهم من المسؤولية عن (الذريعة) التي منحها قادة حماس بدون استثناء، لمنظومة الاحتلال العنصرية (إسرائيل) لبدء حملة الإبادة الدموية المدمرة، فمن يتخذ الشعب الفلسطيني، والحق الفلسطيني، ميدانا لتجاربه الفئوية الفاشلة خلال أكثر من ثلاثين سنة، وينفذ أجندات إيران، ويسخر الدم الفلسطيني، لخدمة أجندات دول وقوى عصبوية في الإقليم، ومن كرس كل قوته مستقويا بدول في الإقليم، لضرب منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وعمل على مصادرة القرار الوطني الفلسطيني المستقل لم ولن يكون واقعيا، ولا عقلانيا، ولا حكيما، وإنما سيبقى نموذجا، للعبث والاستهتار بقيم الحياة، وعقيدة ووطنية وثقافة وشخصية الفلسطيني الإنسان.
والسؤال الآن: هل سيصدر عن حماس ما يسمونه "فتوى شرعية" تحلل ما كان عندهم محرما؟! نعم فلكل انقلاب عندهم فتوى.
mat