الرئيسة/  مقالات وتحليلات

الحرية... مفتاح الاستقلال والقرار الوطني

نشر بتاريخ: 2024-12-10 الساعة: 12:52

 

موفق مطر


الشعب الفلسطيني جزء لا يتجزأ من الأمة العربية، وفلسطين جزء لا يتجزأ من الوطن العربي، الكبير، وثقافتنا ذات جذور واحدة، ومصيرنا مشترك، لذلك اعتبرت حركة التحرر الوطنية، الفلسطينية الثورة الفلسطينية المعاصرة عربية القلب فلسطينية الوجه، انسانية وعالمية الأبعاد، فالشعوب العربية كانت وستبقى العمق الاستراتيجي التاريخي والطبيعي والثقافي والسياسي لشعبنا العربي الفلسطيني، ولكل شعب من شعوب الأمة العربية الحق بتحديد خياراته وطموحاته المستلهمة من واقعه، هذه مبادئنا كمناضلين في اطار حركة تحرر وطنية، درجت على احترام ارادة أشقائنا، وطموحاتهم الوطنية، وقرارهم الوطني المستقل، كأقوى وأمتن ضمانة لوحدة الشعب الوطنية، ووحدة ارض بلاده (دولته) المستقلة، بكل ما يعنيه مصطلح الاستقلال بوجوهه الثلاثة: السياسي والاقتصادي والثقافي، المرفوع على فكر انساني تحرري تقدمي ديمقراطي، تماما كما نرى طبيعة وجوهر القرار الوطني الفلسطيني المستقل، الذي نراه أهم اسلحتنا الاستراتيجية لاستدامة نضالنا الوطني ضد منظومة الاحتلال الاستعمارية الصهيونية العنصرية، ولبناء دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، ليس على حدودها وأراضيها وحسب، بل على قراراتها النقية من أي تدخلات او تبعية.

فالشعوب العربية تناضل لتحقيق اهداف تلائم كل مرحلة في مسارها نحو المستقبل.. فمنها من حقق هدف جلاء قوات الاستعمار الأجنبي، ويعمل على التحرر من تبعية ما، كالاقتصادية مثلا، أو للتخلص والخلاص من شبكة هيمنة سياسية من الدولة المستعمرة سابقا، أو من دول كبرى، تتخذ اشكالا جديدة (غير مباشرة) لتكريس المعنى الجديد للاستعمار، أما نحن في فلسطين فإننا نناضل للتحرر من منظومة احتلال استعماري استيطاني صهيوني عنصري، مازالت مرجعيتها الرئيسة، ترتكز على قاعدتين اساسيتين: الأولى- انكار وجود الشعب الفلسطيني وامتدادات جذوره الحضارية الانسانية العربية، والأخرى- طمس حقنا التاريخي  والطبيعي بأرض وطننا فلسطين، وهنا يكمن الفارق الجوهري، بين واقعنا وواقع شعوب عربية، ما زالت تعمل على ازالة معيقات، مانعة لاستكمال تجسيد دائرة الاستقلال الوطني، بما فيها: استقلالية القرار السياسي، والتحرر من التبعية الاقتصادية، ورفع منارات الحقوق والحريات، والعدالة والمساواة، ورفع مستوى الوعي بتطبيقات الديمقراطية، والتداول السلمي للسلطة، والاحتكام لدساتير وطنية، خالية من مصطلحات وبنود تكرس منافع ومكاسب فئوية مهما كان نوعها ومبعثها، وتقديس مبدأ "الوطن للجميع".

والأهم بعد كل ما ذكرنا، تسيير عجلة الوطن والدولة، بالاتجاه الصحيح، وبسرعة تتناسب وموضع ومكانة الوطن في الفكر والسلوك الفردي والجمعي على حد سواء، لدى الشعوب الحضارية الانسانية المتقدمة، التي اعتمدت طاقة الحرية لبلوغ مقام المقدمة، لذلك نعتقد أن استقلال الشعوب العربية ودولها، ومنها الشعب السوري الشقيق، بالمعنى الذي طرحناه ونتمناه، سيكون رافدا استراتيجيا لنضال الشعب الفلسطيني، والعكس صحيح، أي أن تجربتنا في تطبيق معنى استقلالية القرار الوطني، وتطوير منهجنا السليم لرفع اركان مؤسسات دولتنا المستقلة، وتجسيد ذلك رغم مقاومتنا الشعبية السلمية الدائمة مع منظومة الاحتلال ميدانيا على ارض فلسطين، وتعزيز مقومات صمودنا، ونضالنا القانوني والسياسي والدبلوماسي في المحافل الدولية، وتحقيق انجازات لصالح الحق الفلسطيني، لتثبيت فلسطين على خريطة الجغرافيا الطبيعية والسياسية للعالم، ستكون برهانا لشعوب امتنا العربية، على أن فلسطين التي يعتبرونها قضيتهم المركزية، ستكون نموذجا يحتذى، سيبقى حيا وحيويا، ليس بفعل ارادة وعقلانية وطنية فلسطينية وحسب، بل بانسجام مبادئ التحرر والاستقلال الوطني، مع مبدأ المصير المشترك، الذي تساهم الأفكار والنظريات والقوانين والدساتير ذات الأصول والرؤى الانسانية باتجاه حركة الزمان، التي افلحت في مساراتها شعوب وأمم، لا تقل ولا تزيد، عما لدى شعوبنا وامتنا من قدرات وعقول، فالحرية مفتاحنا السحري، لفتح ابواب سجون (الأنا الفئوية)، وتحرير عقولنا وأنماط تفكيرنا، للانطلاق في فضائها، لتقدير كيفية حماية حاضر الشعب وضمان الأمن والاستقرار والسلام والازدهار لمستقبله، وصون سيادته على ارض وطنه وضمان قراره المستقل.


 

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024