أطفال غزة...عندما تنجو من الموت لتصارع من أجل الحياة
نشر بتاريخ: 2023-12-08 الساعة: 21:09أطفال غزة...عندما تنجو من الموت لتصارع من أجل الحياة
اعلام فتح / من وفا- سامي أبو سالم
في ساحة مستشفى شهداء الأقصى بدير البلج وسط قطاع غزة، نصب الطفل نبيل الدرة (15 عاما)، مائدة العمل الخاصة به ورتب عليها عبوات الكولونيا الكلاسيكية وبعض أدوات الحلاقة.
يتحرك نبيل بخفة وهو يقص شعر أحد الزبائن بجانب والده الحلاق أيضا، ويقول، إنه يساعد والده في جمع بعض المبالغ البسيطة ليتمكنوا من شراء بعض الطعام والعلاج لعائلته.
ويحاول أطفال استغلال تكدس المواطنين في مراكز الإيواء والمستشفيات لممارسة التجارة كمصدر رزق رئيس بعد أن فقد آباؤهم مصدر رزقهم سيما أولئك الذين كانوا يعتاشون من وراء العمل بالمياومة.
وقال نبيل، إنه يساعد والده الذي يعمل حلاقا لكن ليس له قدرة كبيرة على الوقوف طويلا بسبب عملية جراحية في ساقه.
وأشار إلى أنه يستخدم ماكينة حلاقة يُعاد شحنها، لذلك يتمركز في المستشفى لإعادة الشحن وأحيانا مقابل أجر ممن لديه ألواح طاقة شمسية.
وهرب نبيل مع والده وعائلته المكونة من 5 أفراد من حي الشيخ عجلين المحاذي لشاطئ البحر بمدينة غزة ويقطن الآن شرق مدينة دير البلح وسط القطاع على الرغم من أنها منطقة خطرة.
"حاولنا اللجوء لإحدى المدارس لكنها مكتظة والمستشفيات مكتظة فكان الخيار الأخير التوجه لمنطقة ليست آمنة أفضل من النوم في الشارع،" قال خميس الدرة، والد نبيل.
وتابع، إنه مجبر على مساعدة والده عندما يرى بعينه، "الأسعار مرتفعة وأبي لا يستطيع فكيلو الملح كان بشيقل واحد والآن بعشرين شيقل، وأيضا لا أحب المكوث في المنزل وأريد مساعدة أبي."
وهناك أطفال أكبر سنا يجمعون حطبا وورقا مقوى "كرتون" لبيعه لأغراض الطبخ والخبز.
وقال فتى يجلس عند كومة حطب من أعواد خشبية، إنه جمعها من مقبرة مجاورة ويريد بيعها بهدف شراء قنينة زيت طبخ. وكان سعر قنينة الطبخ سعة 3 لترات ب 20 شيقلا وباتت الآن ب 70 شيقلا.
ويرتفع سعر زيت الطبخ بسبب شح البضائع وبسبب استخدام السائقين زيت الطبخ في تشغيل سياراتهم التي تعمل بالديزل.
ويشهد قطاع غزة ارتفاعا صاروخيا في الأسعار بسبب منع دخول المساعدات وعدم توفر السلع التي تنفذ.
وكان سعر كيس الدقيق ذو 25 كيلو من 30-40 شيقل لكن بلغ الآن بمتوسط 500 شيقل، وكذلك كيلو السكر كان بحوالي 2.5 شيقل أما الآن فحوالي 20 شيقل، وبلغ سعر كيلو الطماطم حوالي 10 شواقل وكذلك الخيار، هذا بالإضافة إلى غياب السلع من الأساس.
على مدخل مدرسة خولة بنت الأزور في دير البلح، تقف الطفلة ليان الخطيب (9 سنوات) تبيع "المهلبية" وهي خليط مطبوخ من (النشا والسكر والحليب والكاكاو) في أطباق صغيرة بسعر 2 شيقل.
وقالت ليان لـ "وفا"، إنها تبيع المهلبية لمساعدة أمها التي تقيم في المدرسة مع أطفالها الأربعة.
وأشارت ليان إلى أن أمها تطبخ المهلبية باستخدام الحطب والكرتون والورق، كي يبيعها أبناؤها وتتمكن من شراء حفاضات وحليب لطفلها الرضيع.
وفي مدرسة إيواء في مخيم المغازي تجوب الفتاة سمية عبد الله أروقة المدرسة وبيدها ابريق شاي وكؤوس بلاستيكية، وتقول سمية، إنها محظوظة وتبيع "جيدا" لأنه بإمكانها التنقل في الطوابق العليا بين النساء.
وتبيع سمية زهاء 40 كوبا يوميا وتفضل ان تصب الشاي لهم في كؤوسهم الخاصة كي توفر كؤوسا بلاستيكية ارتفع سعرها.
وتقول إنها نزحت من بيت لاهيا مع أهلها وتقطن في المدرسة نفسها، "تركنا بيتنا الكبير في بيت لاهيا ومزارعنا والآن نعيش في جزء من صف مدرسي.
وذكرت مؤسسات دولية أن أكثر من مليون ونصف المليون مواطن نزحوا من منازلهم من مختلف أنحاء قطاع غزة، خاصة من شمال ووسط وشرق القطاع، ويقيمون في مراكز إيواء ونزوح في الجنوب، هي نفسها تتعرض للقصف بشكل شبه يومي ما يضطر عدد منهم للبحث عن أماكن آمنة في العراء الأمر غير المتوفر في قطاع غزة.
وأشارت تلك المؤسسات إلى أن نحو 600 شاحنة من المواد الغذائية والتموينية والوقود كانت تدخل إلى قطاع غزة يوميا، فيما سمح حتى اليوم بإدخال نحو 100 شاحنة فقط يوميا، وهو لا يلبي الحد الأدنى من الاحتياجات في ظل العدوان المتواصل.
mat