الرئيسة/  مقالات وتحليلات

احموا الطفولة الفلسطينية ..فالاحتلال يستهدفها

نشر بتاريخ: 2020-11-08 الساعة: 08:08

موفق مطر  

متى سنرسم الخطوط الحمراء  الفاصلة بين اعداد اجيال  وطنية فلسطينية  لخوض ميادين النضال في كل المسارات  المشروعة ، وبين زج  اطفالنا وفتياننا في ميادين  مواجهات وصدام مع الاحتلال  يكاد  الراشد لا يأمن على حياته من شدة مخاطرها على حياته ، فجنود الاحتلال لا يفرقون بين كبير وصغير خاصة عندما يجن جنونهم ، فالفلسطيني الأفضل بالنسبة اليهم هو الميت أو الجريح أو المعاق ، وقد يكون الطفل  أو الفتى  الهدف الأنسب لاختبار دقة تصويبهم. 

نحن نربي اطفالنا من الجنسين اشبالنا وزهراتنا وننشئهم على الانتماء والولاء  وحب الوطن وافتدائه بالعلم والمعرفة  والعمل الصالح  والسلوك الحسن ، ونهيئهم لافتدائه بالروح والدم عندما بلوغهم سن تحمل المسئولية  وإدراك متطلبات المواجهة الميدانية  وتحديدا في خضم مسار المقاومة الشعبية السلمية ، ونعلم اطفالنا أدوارا عملية لا تشكل خطرا على حيواتهم ، لكن وطنيتنا وحرصنا على ألا نتهور  ونهبط بمستوى انسانيتنا لا نستخدمهم كأرقام أو حملة رايات ويافطات وعجلات ، فهذه مهمات صعبة قد تصعب على من هم في سن الشباب ، لذا لا يحق لأحد تحت أي مبرر زجهم في اتون محارق جنود جيش منظومة الاحتلال والمستوطنين الارهابيين  المهوسين بسفك دماء  الانسان الفلسطيني . 

تقضي قيمنا الأخلاقية وتقر علينا مسئولية حماية اطفالنا ، وليس زجهم  في ميادين الاعتصامات والمظاهرات أو حتى المواجهات  العنيفة أو السماح لهم بالاقتراب من ميادين فيها مظاهر مسلحة ، فنحن نكافح من اجل حريتهم وكرامتهم  ومستقبلهم ، وليس من اجل حملهم في نعوش على اكتافنا . 

 هو الجهل بعينه ، وتعارض مع قيم حركة التحرر الوطنية، واستهتار بحياة الانسان   وكرامته حشر الأطفال  بين نيران عسكر الاحتلال  وسموم الغازات المسيلة الحارقة للعيون  والرئات  وكذلك زخات الرصاص الحي ، وبين حجارة الشباب الذين يشاغلون جنود الاحتلال بالحجارة  ولهب العجلات المحروقة ، فالطفل  الفلسطيني ليس بحاجة لدروس عملية  سنسميها ( مناورات ) حتى يتعلم الوطنية أو يعرف واجباته عندما يكبر ويصبح شديد البأس ، ففي حياته اليومية ومشاهداته عند بعد الى جانب التربية الوطنية ما يكفي ليأخذ دوره الطبيعي في مواقع  يرى نفسه قادرا على الابداع فيها .
لا يجوز ايضا  اقحام الطفولة في ميادين الصراعات السياسية مهما كان الاجماع على شرعيتها، اذ لا تفسير لصورة يافطة  على رأس رضيع  أو بيد  طفل مكانه اللعب في الروضة أو مقعد الدراسة في المرحلة الابتدائية  ،وتضخيم ذاكرتهم بأحداث دموية، تؤثر سلبا على طفولتهم البريئة ، ولعل مراجعة سريعة لأرشيف  الصور الفلسطينية ستبين لنا حجم  الخطيئة التي ارتكبناها بحق اطفالنا  .
لا يوزع جنود الاحتلال في ميادين المواجهات وعند الحواجز العسكرية الحلوى على المتظاهرين،وانما  الرصاص بأنواعه ، والقنابل الحارقة الصوتية والغازية ،  كما أن المتظاهرين الفلسطينيين لا يوزعون الزهور على الجنود القتلة ، فهنا خطر الموت لا يوفر طفلا ولا شابا ولا امرأة  ولا رجل ، ويجب ألا يغيب عن بال الآباء والأمهات حماية فلذات أكبادهم ، وألا يكابرون ويسمحون لصغارهم الدخول الى دائرة الموت العبثي  .
إن الذي يعمل على  (تحميس) الأطفال وحشدهم في فعاليات جماهيرية  ضد جنود الاحتلال  والمستوطنين المسلحين ،يعتبر كمن يضعهم عند فوهة بركان تبدو احتمالات النجاة من شظاياه ولهبه ضئيلة جدا ..لذا فقد آن الأوان لإصدار قرارات تنظيمية وقوانين رسمية تعاقب كل مستخدم للأطفال في ميادين  المواجهات  الخطيرة، وكل من لا يتخذ اجراءات مشددة لمنع ولوج الاطفال الى مركزها  .
آن الأوان لتتحرر قيادات احزاب وفصائل وجماعات وتنظيمات من عقلية  عدم الاكتراث بصحة اطفالنا النفسية  والامتناع عن استغلال الأطفال وتحميلهم البيارق ،  والكف عن الحديث  والدعاية عن الأطفال  ضحايا ارهاب جنود الاحتلال والمستوطنين  وتصويرهم  كأبطال وزعماء  وكأنهم مقاتلون محترفون !! فمن ابتغى الحرية والاستقلال عليه حماية الطفولة , وإلا فان التاريخ سيحاسبه  إن لم يحاسبه  وعي الشعب كمحترف استغلال لدماء  الانسان الفلسطيني ، يسعى لكسب مسمى ما حتى لو كان على حساب دماء اطفالنا ، ووضع صورته كبطل  في اطار مصنوع من عظامهم فنحن يكفينا ان الطفولة الفلسطينية عرضة للاغتيال  وموضوعة في دائرة استهداف الاحتلال ، فهل يعقل أن نقدمها لهم على طبق من ذهب  ؟!

m.a

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024