الرئيسة/  مقالات وتحليلات

لن نكون احرارا ولا وطنيين إلا اذا ...!!

نشر بتاريخ: 2020-11-01 الساعة: 09:20

موفق مطر 

لا ينظر المناضلون في اطار حركة  التحرر الوطنية الفلسطينية – ايا كانت مواقعهم – الى القضايا الوطنية بمنظار المكسب من الآخر في الوطن ، ولا يقيسون انجازاتهم بمعيار الربح والخسارة المادية أو بتعداد الاصوات في صناديق الانتخابات ، وإنما بمنظار الانسجام مابين المبادىء والسلوك السياسي ، وبمعيار المصالح الوطنية العامة للشعب الفلسطيني ، و مدى قدرتهم على تقريب المسافة ما بين الشعب والهدف النهائي التحرر والاستقلال .. لذا فان الوطنيين المخلصين  الصادقين الأوفياء للقسم  تراهم يستميتون من أجل الحفاظ على مقومات ديمومة  الوحدة الوطنية للشعب الفلسطيني لأنها سلاح الدفاع المثالي الذي لا قدرة لأسلحة الحرب الأحدث على تدميرها حتى لو عكف على تطويرها واستخدامها خبراء وعلماء التكنولوجيا العسكرية ، فالوطني الفلسطيني الذي اقسم على الولاء والانتماء لفلسطين والعمل على تحريرها يدرك سلفا أن مقتلة الوحدة الوطنية ، وتشظية الشعب  لفلسطيني الى فئات متناحرة متصارعة على السلطة تكمن في عملية زحزحة الصراع الرئيس مع الاحتلال اللاستعماري الاستيطاني العنصري جانبا ، وتقديم الخلافات الثانوية لتحل مكانه فترتاح جبهات الاحتلال ، فيما عيونه تراقب انفجار ألغامه التي زرعها في مياديننا في كل المستويات والاتجاهات بعد تغليفها بشعارات براقة تدغدغ المشاعر والعواطف الدينية والوطنية ، وتوهم البعض انها متوافقة مع مفاهيمهم ورؤاهم وتصوراتهم النظرية للمجتمع !!. لكنها سرعان ما تنفجر عند اول احتكاك .  

المناضل في حركة التحرر الوطنية يعلم جيدا أن العمل الكفاحي والمواجهة الميدانية مع النقيض الرئيس ( الاحتلال الاستيطاني العنصري ) تحتمل المد والجزر، أي التقدم وتحقيق انجازات ، كما تحتمل تكتيك الانسحاب  او حتى خسارة موقع  أو أكثر ، لكن العمل النضالي الوطني اليومي بين جماهير الشعب الفلسطيني فإنها لا تحتمل إصابة ، أو جرح أو حتى انكفاء بمقدار خطوة بعيدا عن الهدف ، أو تناقضا مع المبادئ ، ذلك أن اصابة وجرح الآخر الوطني تعني جرحه في شرفه وكرامته الشخصية ، والتشكيك بإخلاصه وصدقه في العمل من اجل الوطن ، وتعني ايضا اتهامه زورا وبهتانا بالانحراف  القيمي والأخلاقي ، وهنا يكمن الفارق بين اصابات أو جراح تأتينا من جبهة الاحتلال حتى لو كانت عمليات قتل، وبين اصابات وجراح الصراعات الداخلية ، فهذه تصيب الدماغ والقلب الوطني مباشرة بالنزيف مهما كانت درجتها فنطيح الى أخطر اللحظات مابين الحياة والموت ، وقد لا ينقذنا ألا القدر،أما تلك التي تأتينا من الاحتلال فإنها تقوينا ، وشجرة الانسان عندنا لا تنقطع أبداً،  فهم كلما ( قتلوا ) أي قطعوا جذعا فإن جذور انسان هذه الأرض ستنبت اقوى من جديد. 

نحن الآن في ذروة الامتحان الوطني ، فإما نجاح بالانتماء الوطني ، وتكريس الوحدة الوطنية، لنفاخر العالم بأنها منهج حياتنا وديمومتنا وثقافتنا وعقيدتنا السياسية ، أو سقوط مريع يعمل على تعجيله الذين يخططون ويعملون ويسعون في الليل والنهار على انهاء وجودنا، ويتمنون لو أن الطبيعة تجرفنا بتسونامي  أو تدمرنا بزلزال عظيم ، بعد أن ثبت لهم أن وطنيتنا كانت عصية على اسلحتهم ، وان جرائمهم زادتنا صلابة ولم ترهبنا ولم تردعنا  ولم تهزمنا .  

المناضل الوطني في حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح يعتقد أن التحرر مرتبط بتحرير الانسان الفلسطيني من كل الانتماءات الدنيا، والارتقاء به ومعه الى  الانتماء الأسمى والأعلى ، ويعتقد أيضا أن التعصب الحزبي والعمل على اعلاء مصالح فئوية  جهوية ، عشائرية ، طائفية ،  أو لجماعات ذات جذور تستمد تعاميمها من جماعات خارج حدود الوطن  هي كلها بمثابة فايروسات قاتلة تسمم دماء الوطنية ، ويعتقد ايضا أن استرجاع المضللين ، وتصويب مسار التائهين نحو دار وديرة العائلة الوطنية الفلسطينية المقدسة نصر للشعب الفلسطيني ، كالنصر الذي وضع كهدف للثورة منذ انطلاقتها في اول يوم من العام 1965 ، وفي هذا التلازم مابين مسارات الكفاح والنضال على الجبهتين يؤكد  ويثبت المناضل انه ينتمي فعلا الى حركة تحرر وطنية فلسطينية ، فالوطنية والانتصار لفكر التحرر يتطلبان اصرارا على منع فرص تسرب الآخر الوطني ما استطعنا الى ذلك سبيلا بدون كلل او ملل ولا مكان لفكرة التسليم بالأمر الواقع لدينا ،حتى لو كنا على يقين بحاجتنا الى معجزة لتحقيق ذلك ، فنحن لن نكون احرارا ولا وطنيين إلا اذا منعنا اختراق الاحتلال لقلعة الوحدة الوطنية ، ومنعنا الذي يهمهم البقاء على قيد الحياة الذاتية الحزبية حتى لو فنيت مصالح الشعب الفلسطيني وانهارت  اعمدة بنيانه  السياسية ، وطويت ملفات  قضيته ورميت في النار ،  سنعلمهم تجاربنا بأن التعلق بحبال وهم تمدها اليهم قوى اقليمية ودول من الخارج لن ينجيهم ، وان النجاة في تبصر الواقع ورؤية المستقبل بعيون الشعب والتفكير للتحرر منه بعقل وطني خالص . 

m.a

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024