الرئيسة/  مقالات وتحليلات

كومبارس التطبيع .. والسقوط في مسرحية التوقيع

نشر بتاريخ: 2020-09-17 الساعة: 09:10

موفق مطر 

الحمد لله ان واحدا منهم لم يذكر القدس ، والمقدسات الاسلامية والمسيحية فيها ، وكأن التاريخ كان حريصا على ألا يلوثها تابعون خاضعون اذلاء مجردون من قرارهم  الوطني ، فلا عبد الله بن زايد  وزير خارجية دولة الامارات تجرأ ، ولا عبد اللطيف الزياني وزير خارجية مملكة البحرين تجرأ على ذكر القدس- ولو من باب رفع العتب – على مسمع ومرأى مغتصبها ومحتلها  بنيامين نتنياهو رئيس منظومة الاحتلال الاستعماري العنصري الاسرائيلية  ، وأمام رئيس الولايات المتحدة ألاميركية دونالد ترامب الذي يتصرف كإمبراطور استعماري جديد ، وبلفور ثان عنصري وعد ( اللوبي اليهودي )  اثناء حملته الانتخابية باعتبار القدس عاصمة للدولة القائمة بالاحتلال ( اسرائيل ) ونقل سفارة واشنطن اليها ، ثم نفذ وعده ، ثم أمر حاكم عبد الله وملك عبد اللطيف بإرسال من يمثلهما الى البيت ألأبيض ليوقعا على خطته الاستعمارية المسماة ( صفقة العصر ) وشهادة الاعتراف  والإقرار بضم القدس ، وعلى قرار بإعدام حل الدولتين ، وإقرار بأنهما اختارا الانتحار السياسي بالسقوط والوقوع في مستنقع عار بلا  قاع ولا قرار .  

 

تحدثا عن حل الدولتين كقراءة محرفي القرآن الكريم عندما  يقرأون :" ولا تقربوا الصلاة " ثم يصمتون للأبد فكأننا ومعنا الأمتين العربية والإسلامية كنا نشاهد كانت تشاهد أول أمس مسرحية واقعية ، ابطالها سكارى غائبون عن الوعي  الوطني والقومي والإنساني أخذتهم النشوة من فعلة الغدر والخيانة حتى الثمالة والسقوط  في ظلمة يوم اسود ، فيما هما واقفان بكامل هيئتهما على درج البيت ألأبيض ، وعيونهما تائهتان تبحثان عن شرف ولو ضئيل لهذه اللحظة فلم يجدا إلا ظلهما واقعا راكعا..هذا ما توقعناه ممن غدر بالمبادرة العربية ونكث عهده مع الأمة والقضية الفلسطينية وتوقيعه على وثائقها، فأسقطا تحت أعمدة شرفات البيت  ألأبيض نصا ثابتا في المبادرة العربية وفي منهج السياسة العربية عموما وطعنا ثابتا استراتيجيا في السياسة الفلسطينية وهو اعتراف دولة الاحتلال اسرائيل  بدولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود الرابع من حزيران عاصمتها القدس الشرقية. 

  

قدم ترامب مسرحية ( تراجيكوميدية ) على شرفة البيت ألأبيض ، وخلال فصولها حرصت شخصيتان عربيتان رسميتان (بكل اسف) ظهرا ككومبارس لمنحه صورة  بطل خارق قادر على صنع خير وسلام كمعجزة ، فيما شخصية الشر بنيامين نتنياهو يحصد ثمار عنصريته وتطرفه وعدوانه على الشعب الفلسطيني واحتلاله للقدس وانتهاك سلطاته والمستوطنين المقدسات الاسلامية والمسيحية ، فيتحول بفضل خنوع وتبعية ( الكومبارس ) الى بطل نال اعجاب جمهور دفع  له لحضور المسرحية فيما المحترمون الكبار الفخورون بتمسكهم بثوابتهم ومبادئهم ، قد رفضوا تلبية دعوة (المخرج ) سيد البيت ألأبيض ، لأنهم لا يتحملون اسوداد  وجوههم أمام شعوبهم وشعوب العالم عموما والشعب الفلسطيني خصوصا ، لإدراكهم أنهم إن فعلوا وحضروا فإنهم لن يكونوا أكثر من أدوات في دعاية ترامب الانتخابية ، وطوق نجاة  لفاسد يحكم اسرائيل يسعى للتملص من قبضة القضاء بالاحتيال على القانون للخروج من دائرة مآزقه المتتالية، ولأنهم اعظم واكبر من تقزيم انفسهم امام شعوبهم كما فعل ( الكومبارس ).  

 

الموقعون على صفقة تسليم فلسطين بقدسها ومقدساتها لمنظومة الاحتلال العنصرية ( اسرائيل ) أول امس في البيت ألأبيض ليس لديهم ادنى معرفة بطبيعة وخصوصية الصراع العربي الفلسطيني من جهة ، والصهيوني الاستعماري الاستيطاني العنصري من جهة أخرى ، وقد يفيدهم جهلهم هذا في تخفيض حكم التاريخ وشعوبهم والأحرار في العالم عليهم ، لكنهم يعلمون ، ويعرفون وكانوا على الأقل قد استمعوا الى شهادة الرئيس ابو مازن التاريخية التي أدلى بها أمامهم في مؤتمر وزراء الخارجية العرب في القاهرة في مطلع شهر شباط فبرار من هذا العام 2020 وبين لهم بالتفصيل مكامن المؤامرة على الشعب الفلسطيني ، وشخوصها ، وإستراتيجية الادارة ألأميركية في استخدام منظومة الاحتلال لتأمين مصالحها وكشف أمامهم وللأمة العربية كيف تدخلت الادارة الأميركية لمنع نشوء سلام فلسطيني اسرائيلي .. في ذلك المؤتمر قدم رئيس دولة فلسطين بينات وأدلة للأشقاء العرب اصحاب القرارات العليا وللأشقاء في القواعد الجماهيرية المنظمة ، وللأحرار في العالم ما يثبت أن "  قرار دولة الاحتلال (اسرائيل الناقصة) ليس بيد منظومتها الحاكمة وإنما بيد الدولة الاستعمارية التي صنعتها وأنشأتها في فلسطين ، قلب هذه المنطقة الحضارية من العالم وفي قلب منطقة المصالح والثروات الأساسية في الشرق الاوسط " وراهن  إن قدم واحد في هذا العالم ما يثبت خلاف ما طرحه على الهواء مباشرة على أسماع جماهير الأمة العربية وقواها الحية ..لأن قائد حركة التحرر الوطنية الفلسطينية معني بتحرر الذهن العربي والذاكرة العربية، وبصيرة الإنسان العربي سواء كان في موقعه الجماهيري أو المسئول العربي في موقع القرار والأمانة . 

 

ما كاد الكومبارس ينزلون عن درج البيت الأبيض ( المسرح ) حتى فاجأهم  ترامب برشقة فضائح من العيار الثقيل كشفت عوراتهم ، اذ قال :" كانت دول عربية ثرية تعطي الفلسطينيين أموالا فطلبنا منهم ايقافها لأنهم لا يحترموننا " ، اما نحن فكنا نعرف انهم قالوا لترامب سمعا وطاعة !! ونفذوا قراره بمحاصرتنا ماليا ، ثم تمركز في مؤتمر صحفي بعد سويعات وقال : كنت قررت اغتيال الرئيس السوري بشار ألأسد لكن وزير الدفاع ماتيس لم يوافق " ..فهل كان حديثه عن قراره باغتيال رئيس دولة، رسالة مباشرة للكومبارس مستوحاة من رسائل زعماء عصابات المافيا ؟! بالتأكيد هي كذلك ونعتقد انهم قد بلغتهم . 

m.a

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024