الرئيسة/  مقالات وتحليلات

كفرقدوم ... جامعة بمنهج وطني للمقاومة الشعبية

نشر بتاريخ: 2020-07-05 الساعة: 11:20

 

 

موفق مطر

 

هنا على أرض فلسطين وفي كفر قدوم تحديدا بإمكان المواطن الفلسطيني الراغب في الحصول على شهادة في مسار من مسارات النضال الوطني تطبيق المنهج والبحوث والدراسات وفلسفة  القانون الدولي والإنساني في المقاومة الشعبية ، ففي هذه البلدة الراسخة في هذا العلم ( جامعة ) ارتفعت أركانها قبل تسع سنوات ودخلت عامها العاشر بامتياز .

يتجسد في كفر قدوم الصراع اليومي بين الحق الحقيقة الفلسطينية والباطل الصهيوني المزيف ، بين أهلها الأصليين الموجودين كالجبال كالصخور كالسهول على وجه ارضها وفي ثناياها وبين الغزاة الزائلين حتما ضباط وجنود جيش منظومة الاحتلال  الاسرائيلي .

وضع مناضلو حركة التحرير الوطني  الفلسطيني فتح المواطنون في بلدة  كفر قدوم منهجا لمقاومة شعبية سلمية  وطبقوه بامتياز ، حتى دخلوا هذه ألأيام عامهم العاشر اثبتوا خلالها أن مقاومة الاحتلال والاستعمار الاستيطاني والعنصرية  وظلم الغزاة انما هي جينات توفر لنفسها فرصة اثبات ذاتها وتفوقها في جسد الانسان الفلسطيني لمظلوم ، فرجال كفر قدوم ونسائها وشبابها من الجنسين لم ينتظروا مكافآت ولا ترقيات ولا مخصصات ولا مساعدات ولا نثريات ، ولم ينظروا الى احد يمنحهم أيا من هذه الاغراءات ، فعينهم على الوطن  ولا يعنيهم إلا أمر واحد ( الحرية ) .

يخرج مناضلو البلدة الى أطراف البلدة مرة او مرتين في الاسبوع  على مدار العام لملاقاة قوات من جيش الحرب والعدوان ، يطبقون ابداعاتهم وخلاصات تجاربهم العملية في منهج المقاومة الشعبية السلمية ، ودروس ثقافتهم الوطنية الانسانية في الميدان ، لا يثرثرون ، لا ينظرون  لا يعتلون منابر خطابة ، فالعلو عندهم معياره السنة اللهب التي يعملون على ان يعمي دخانها السود وسخامها فضاء مستوطنة ( كفار ادوميم ) أنشاها الغزاة المستوطنون مجرمو الحرب على أراض آبائهم وأجدادهم ، ويشهد على سلمية كفاحهم من اجل حقهم في استعادة أراضيهم المصادرة ، واعادة احيائها والمرور بحرية فيها وخلالها الى حيثما يشاؤون ، متضامنون امميون من الجنسين ومن عديد أعراق الشعوب يؤيدون مطالبهم المرفوعة  والمعروفة في جلاء جيش الاحتلال والمستعمرين ليس من أرض كفرقدوم وحسب بل من كل اراض دولة فلسطين ومن عاصمتها القدس ايضا .

يشتبكون وسلاحهم ايمان عظيم رايته متجسما في همم وقامات رجال وشباب فيهم جمال وعنفوان وصلابة وشجاعة الفلسطيني ، انهم فدائيون لا يحتاجون لأسلحة نارية ، فصور العزيمة في وجهوههم تكفي لدب خوف ورعب في قلوب ونفوس جنود الاحتلال الذين تبرزهم الصور الصحفية متعثرون مرتبكون  حائرون هاربون من حجارة القابضين على جمر الهوية الوطنية الثورية الفلسطينية ..صحيح أن طير الأبابيل لم تحلق في سمائهم وليس عندهم حجارة من سجيل ، لكن رجالنا وشبابنا في كفرقدوم قد كتبوا سجلا من المقاومة الشعبية المنظمة المبرمجة الممنهجة ،كتبت أول صفحة فيه على ارض البلدة وبجوار اضرحة شهدائها بدماء جرحاها ومعاناة  الامهات والنساء المخنوقات بالغازات الحارقة المسممة ، وستصل ىخر صفحة عنان السماء حتى يكتمل بنصر وحرية واستقلال ودولة وسيادة .

لم تتوقف عجلة الحياة الثورية التي كفل وضمن مناضلو كفر قدوم استمرار دوران عجلة الحياة الطبيعية في البلدة ،  رغم حملات الاحتلال العدوانية العنيفة والمتطورة دائما شكلا ومضمونا، ابتداء من الرصاص المعدني وصولا الى اطلاق الرصاص المتفجر على الشباب، مرورا باستخدام الكلاب الشرسة، والتفنن في صنع الكمائن، والسيطرة على بيوت في القرية لتصيد المناضلين، وصولا الى جريمة رش المتظاهرين بـ (المياه السوداء) وهي مياه عادمة (نجسة) كريهة الرائحة، تسبب آثارا سلبية على صحة المصاب.

لم يحقق المحتلون هدفهم ، فبقي المواطنون متجذرون في ارض بلدتهم ولم يغادروها ، وبقي انسان الأرض  وصاحبها يحرثها رغم رصاص الجنود القناصة ،

فقدرة رجال ونساء البلدة على التحمل والصبر، وقدرة الشباب المناضلين  الميدانيين على الابداع  والصمود فاقت تصور جنرالات منظومة جيش الاحتلال الاسرائيلي ، فهنا القائد يخطط ويضبط لكنه في المقدمة بالميدان ، يتلقى الرشقة  الأولى من رصاص الجنود المجرمين ، فيما يستمر الشباب بفعاليتهم حيث كل بمهمته ومهامه ، فهنا عند كل شاب عقل وقلب قائد وكلهم في الالتزام والانضباط سواء ، وعطاء بلا حدود، فالتنظيم أساس العمل الميداني على ألأرض، والاساس المتين الذي لابد منه لرفع منسوب الصمود وديمومته  وتطوير ادوات النضال .  

كفر قدوم تجربة وطنية رائدة ونوعية في المقاومة الشعبية السلمية، وعلامة فارقة ليس في تاريخ كفاح الشعب الفلسطيني وحسب ، بل في قاموس كفاح الشعوب من اجل الحرية والاستقلال . فهنا في كفرقدوم تجسدت مبادئ التكافل والتضامن، والتعاون والتآخي، والعقلانية، والحوار والنقاش واستخلاص العبر، وسيرة الاعتماد على الذات، وهذا كله ميزات ايجابية لصالح جامعة كفر قدوم للمقاومة الشعبية  السلمية التي تستحق من القوى الوطنية والحكومة، وقيادات العمل المؤازرة للارتقاء بنموذج هو في الأصل تعبير حي عن توجهات  قائد حركة التحرر الوطنية الفلسطينية رئيس الشعب الفلسطيني ابو مازن .

m.a

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024