الرئيسة/  مقالات وتحليلات

أريحا.. قمة العالم

نشر بتاريخ: 2020-06-25 الساعة: 08:56

 

 موفق مطر

 

لا لقب يليق بأريحا بعد الحدث التاريخي فيها أمس الأول الاثنين إلا (قمة العالم)، فعاصمة الأغوار الفلسطينية اريحا المصنفة في جغرافيا العالم اخفض بقعة مأهولة بالسكان عن سطح البحر، باتت شاهدا على علو صوت ضمير المجتمع الدولي الذي أطلق عملية رسم الخطوط الحمراء على مسلك منظومة الاحتلال الاستعماري العنصري (حكومة اسرائيل) اليمينية المتطرفة، وابتداء جولات الصدام المباشر مع هذه المنظومة لخروجها وتمردها على القانون الدولي، ومحاولات مسؤوليها استرجاع صور جرائم الحرب، والجرائم ضد الانسانية، ووقائع الارهاب والفصل العنصري وتكريسها الى الأبد في فلسطين.

 

في فلسطين صارت لنا قمتان عالميتان الأولى القدس والثانية اريحا والثالثة والرابعة والخامسة في كل مكان وكل مرة يحاول الاحتلال تفكيك آمالنا بانجاز استقلالنا الوطني في دولة مستقلة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية ستكون لنا قمم عالية بمقاييس عالمية، رغم آلامنا وأحزاننا بسبب اغفال أشقاء عرب لنا يملكون ادوات اعلامية عملاقة، نراهم أعموا أبصارهم عن فلسطين وقممها العالية العالمية، فارتدت معهم وسائل اعلامهم، فعكست ما يضمرون في نفوسهم، واندماجهم الفعلي في خطة ترامب- نتنياهو، وإلا ما معنى غياب وسائل اعلام عن قمة العالم في اريحا الفلسطينية، وعن حدث فلسطيني دولي استثنائي، وإغفالهم تسليط الأضواء على مركز الاعصار في المنطقة، ففضيحة هؤلاء المتفوهين الى حد الضجيج بمصطلحات الممانعة والمقاومة، قد اغلقوا عيونهم واعموا بصيرتهم وصموا آذانهم، وقطعوا ألسنتهم في لحظة انطلاق الصدام ما بين المجتمع الدولي ومنظومة الاحتلال (اسرائيل) وكأن هؤلاء قلوبهم على (نظام نتنياهو) الذي استطاع تحويل نفسه من عدو الى صديق استراتيجي وأقنعهم بذلك، فهبطوا الى أسفل السافلين وقزموا انفسهم فيما شعب فلسطين يفتح شهية عمالقة العالم لإطلاق مواقف سياسية وقانونية وأخلاقية غير مسبوقة.

 

كنا نتمنى حضور فلسطين في فضائيات عربية عملاقة وهي تصنع هذا اليوم المميز من سجل الصراع مع المشروع الصهيوني الاستعماري العنصري الاحتلالي، لكن بما ان هذه الوسائل الممولة بالمليارات من خزائن عامة لشعوب عربية قد ارتضت على نفسها التغيب وكف بصرها واغتيال ضميرها المهني بأيدي مسؤوليها ومموليها وموجهي سياستها في وضح نهار اريحا، وسقطت في امتحان القضية الفلسطينية، فإن لفلسطين اعلاما ثوريا كان منذ انطلاقة الثورة المعاصرة عيون وآذان وبصيرة الشعب الفلسطيني وما زال بعد تطوره الى اعلام رسمي لدولة فلسطين وحتى هذه اللحظة  المميزة من زمن الصراع لسان حاله المعبر عن آماله وأهدافه وقادر على اختراق هواء وأثير العالم، وإزاحة كل الضباب عن مشهد قمة العالم، وإيصال الرسالة بمضامينها وشكلها المرسوم والمعد سلفا الى واضعي الخطة الاستعمارية الجديدة (دونالد ترامب  ونتنياهو) ونعتقد أن تلفزيون فلسطين قد نقل رسالة الشعب الفلسطيني والمجتمع الدولي اليهم، بصورة ابلغ مما توقعوا، ومما توقع الذين يمتطون القضية حسب مخططات اسيادهم ومموليهم، ويستخدمون شاشاتهم لتمرير موقف منظومة الاحتلال العنصري، ويغيبون مشهدا فلسطينيا دوليا تاريخيا في لحظة مصيرية!! حقا إنه احتقار للذات غير مسبوق.

 

لفت نظرنا في كلمة المنســق الخــاص للأمم المتحــدة لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف التي خاطب بها الشعب الفلسطيني وعشرات الآلاف من الجماهير الفلسطينية في اريحا: "انتم اصحاب الأرض انتم في وطنكم، لستم أجراء ولا غرباء"، وهذا الكلام يدفعنا للاعتقاد بأن قيادتنا الوطنية على رأسها الرئيس أبو مازن استطاعت حشد المجتمع الدولي والشرعية الدولية في جبهة صراع مع منظومة الاحتلال وتمكنت بالحكمة وصلابة التمسك بالثوابت من رفع مستوى تحدي المجتمع الدولي لخطة الرئيس دونالد ترامب ومعه منظومة الاحتلال (اسرائيل) لضم الأغوار وأجزاء من الضفة الغربية، الى درجة الجهر بمواقف تتطابق مع الموقف  الفلسطيني الذي ظل منسجما روح القانون الدولي، ورؤيا الشرعية الدولية.

 

دفنت حركة التحرر الوطنية في اريحا مرحلة الخطابات والشعارات الملتهبة، ورفعت على اشلائها مرحلة المواجهة الرسمية والشعبية الفلسطينية المتعاضدة والمتضافرة مع التوأم الرسمي والشعبي الاردني، وكلاهما مسنود بمواجهة وصدام دولي مع منظومة الاحتلال الاستعماري العنصري اسرائيل.

 

تأكدت جماهير شعبنا ان العالم شريكنا في الصدام لأننا شركاء معه في صنع نظام الحرية والعدالة والسلام في العالم، على عكس  منظومة الاحتلال (اسرائيل) التي تعمل مع ادارة ترامب على تدميره لضمان بقاء الهيمنة الأميركية على العالم.

 

ثبتت قمة العالم في أريحا حسن وصواب رؤية (الرئيس الحكيم) الرئيس الانسان محمود عباس "أبو مازن"، كقائد لحركة التحرر الوطنية الفلسطينية ورمزا لوحدتها ولإرادة الشعب الفلسطيني، وأكدت قدرتنا على تحقيق أهدافنا وبناء نظام سياسي فلسطيني نموذجي نفتخر به، وقد سمعنا من الكبار في العالم كلاما مباشرا يوضح مدى ثقتهم بنا، وإيمانهم بقدرتنا على صنع مستقبلنا بقرارنا المستقل، فزادونا نحن الوطنيين شحنة في زمن تهافت المنكسرين الخائفين الانفصاليين المؤدلجين والغوغائيين ومستخدمي الدين والوطنية والقومية وكل الشعارات على وليمة التطبيع.

 

m.a

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024