الرئيسة/  مقالات وتحليلات

لا للضم وليس لتأجيله

نشر بتاريخ: 2020-06-08 الساعة: 08:30

عمر حلمي الغول

يدور في اوساط النخب الإسرائيلية الإستعمارية حوار صاخب حول قرار حكومة نتنياهو غانتس بضم حوالي 34 % من القدس العاصمة الفلسطينية والأغوار، فضلا عما يتم تداوله في الأوساط العالمية بشأن الموقف الإستعماري. ولوحظ ان هناك حالة إرباك داخل حكومة الرأس ونصف لجهة الإلتزام بما أعلنه رئيس الحكومة، وفق ما تم الإتفاق عليه بين حزبي "الليكود" و"حصانة إسرائيل" بضرورة الشروع بالضم في مطلع تموز/ يوليو القادم 2020. وجاء التردد والتعثر الإستعماري بعد تزايد حدة الأصوات الإسرائيلية من الموالاة والمعارضة وخاصة من الأوساط الأمنية والعسكرية عموما، التي لا ترى فائدة ترجى من الضم، كونها تعتقد، ان الخسائر السياسية والأمنية والإقتصادية والديبلوماسية أكبر بكثير من الأرباح. وتفضل بقاء الحال على ما هو عليه حتى لا تختلط الأوراق. لا سيما وانها ترى ان إسرائيل تحصل ما تريد دون كل هذة الجعجة ذات الخلفية الشخصية، التي يديرها رئيس الوزراء الفاسد، والذي بدأت محاكمته.

لكن قطعان المستعمرين قبل اللقاء مع ملك إسرائيل الفاسد ورئيس الكنيست، ياريف ليفين يوم الثلاثاء الماضي الموافق 2/6/2020، وأثناءه وبعده رفضوا رفضا قاطعا التأجيل، وطالبوا بالشروع فورا بعملية الضم، ولم يلتزموا بما تعهدوا به لرئيس الوزراء، وقاموا بإصدار وتعليق بوسترات في شوارع وساحات تل ابيب وغيرها من المدن الإسرائيلية ترفض صفقة ترامب نتنياهو، وتهاجمه، لمجرد ذكر الصفقة المشؤومة مفهوم الدولة الفلسطينية، مع ان الحقيقة تؤكد، انه لا يوجد دولة، ولا ما يحزنون، بل هناك بانتوستانات متناثرة كقطعة الجبن السويسرية.

وموقف قادة الإستعمار الإستيطاني، هو الموقف الأكثر تأثيرا على الحاوي الإسرائيلي، لإنه يريدهم ان يبقوا خلفه، داعمين له في مواجهة القضاء والخصوم السياسيين داخل الليكود والحكومة، وخارجهما في الشارع الإسرائيلي. لكن بيبي ايضا لم يستطع تجاوز الأصوات الأمنية العسكرية، ولا الأصوات الإقليمية والدولية. لا سيما وان هناك أصوات مؤثرة في القرار الإسرائيلي، ومنها الإتحاد الأوروبي، الذي يعارض كل اعضائه الضم باستثناء المجر، اضف إلى ان المانيا تشعر بالحرج الشديد من الموقف الإسرائيلي الداعي للضم، لإنها ستتولى خلال الفترة القادمة رئاسة مجلس الإتحاد الأوروبي، وايضا رئاسة مجلس الأمن الدولي، الأمر الذي يربكها، ويحول دون تمثلها دورها التاريخي الداعم لإسرائيل في المنابر الأممية والأوروبية. كما لم يقو على غض الطرف عما يدور في الولايات المتحدة بعد قتل الأسود، جورج فلويد، وتاثير ذلك على الرئيس ترامب والإدارة كلها. الذي شعر بطعنة قوية من المستعمرين الإسرائيليين، وعدم وفاءهم للدور الخطير، الذي قام ويقوم به من اجل التماهي مع المصالح الإستراتيجية الإسرائيلية.

لهذا دخل العديد من الأوساط والوسطاء الإسرائيليين والدوليين على خط ضبط إيقاع الموقف، وأمسكوا العصا من المنتصف، عندما طالبوا نتنياهو غانتس بتأجيل الضم في الشهر القادم. الأمر الذي اثار ويثير الكثير من التساؤلات والإستنكار والإستغراب، هل المشكلة في الضم تتعلق بالتوقيت، ام في انها مشكلة إستراتيجية تهدد السلام الممكن والمقبول المستند إلى حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967؟ وما هي قيمة التأجيل؟ ولماذا التأجيل؟ هل تريد بعض الأوساط الدولية تمرير وتجريع قطعان المستعمرين ومن والاهم الموقف بالقطارة؟ وهل يقبل اولئك العنصريون المتغطرسون مبدأ السلام، أم يرفضونه من حيث المبدأ، ويعملون من اجل بناء "دولة إسرائيل الكاملة" على ارض فلسطين التاريخية، وتطهيرها عرقيا من اصحابها الأصليين؟ وإذا وافق نتنياهو على التأجيل، هل تكون المشكلة إنتهت، ام أبقت النيران متقدة تحت الرماد؟

من يريد السلام، ويتبنى خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967 عليه ان يكون واضحا وصريحا مع قادة اسرائيل الإستعمارية. لإن المواقف المتأرجحة، والمترددة والمتعلثمة لن تخدم خيار السلام، ولن توقف عجلة الإرهاب الصهيوني والفوضى. وبالتالي المطلوب وقف الضم كليا، وإسقاط صفقة القرن الترامبية النتنياهوية مرة وإلى الأبد،  ووقف كل السياسات والإنتهاكات الإسرائيلية الخطيرة ضد ابناء الشعب العربي الفلسطيني، وتأمين الحماية الدولية للشعب العربي الفلسطيني، والإعتراف بدولة فلسطين كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة.

m.a

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024