الرئيسة/  مقالات وتحليلات

رحم الله إبراهيم طوقان

نشر بتاريخ: 2020-02-03 الساعة: 10:17

محمد علي طه مثل مدرس متمرس في مهنته، كان الرئيس محمود عباس يشرح لوزراء الخارجية العرب في القاهرة أبعاد وإسقاطات "صفقة القرن" التي كتبها ثلاثي الشر: السفير الأميركي المستوطن فريدمان، والفتى المدلل كوشنير صهر ترامب، والمتهم بثلاث قضايا فساد ورشاوى وخيانة الأمانة، فلا يقعد الدست إلا على ثلاثة، ومن المؤكد أن ترامب لم يكتب ولم يقرأ، فهل هناك عاقل يصدق أن ترامب يعرف جلجولية وكفر قرع وهو الذي يجهل اسم رئيس الباكستان أو رئيس ماليزيا أو رئيس بيرو؟! 
أسهب أبو مازن في شرح القضية (اللي مش فاهم يفهم) منذ وعد بلفور مرورا بقرار التقسيم فالنكبة وقيام منظمة التحرير الفلسطينية واعتراف العالم بها ثم مؤتمر مدريد واتفاق المبادئ المعروف باتفاقية أوسلو وإنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية، ومصرع رابين ودور نتنياهو في اغتيال المفاوضات والمسيرة السلمية وتنكره لكل الاتفاقيات الموقعة.
أوضح الرئيس عباس وهو يشرح بتوسع أن "صفقة القرن" تعني سلب ثلاثين بالمئة من أراضي الضفة الغربية وتحويل الباقي الى كانتونات مرتبطة بأنفاق وبجسور، وأما الدولة الفلسطينية التي تعد الصفقة بها بعد أربع سنوات فستكون بلاد حدود برية أو بحرية أو جوية، كما أن اقامتها مشروطة باعتراف الفلسطينيين بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل، والاعتراف بيهودية دولة إسرائيل وبالتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى وشطب قضية اللاجئين فلن يعود أي لاجئ، وبتغيير مناهج التعليم الفلسطيني وبنزع سلاح المقاومة في غزة وأن يثبت الفلسطينيون حسن سلوكهم. ويبدو أن ترامب وزمرته نسوا أن يطلبوا من الفلسطينيين أن ينشدوا "التكفاه" برهانا على حسن النوايا.
هذه الشروط لإقامة دويلة كانتونات أو امارات والتي لن يوافق عليها فلسطيني على وجه الأرض تهدف إلى ابتلاع الضفة الغربية شيئا فشيئا كي لا تتعب معدة الاحتلال.
ألزمت نفسي على الاستماع لكلمات أصحاب "المعاني" وزراء الخارجية العرب بعد كلمة الرئيس عباس، وأشفقت على هؤلاء الوزراء الذين سعوا لتسويق "صفقة القرن" بالبحث عن نقاط ايجابية.
هذا المشهد السوريالي لبعض الوزراء في القاهرة الذي جاء بعد المسرحية التراجوكوميدية في البيت الأبيض أعادني الى قصيدة شاعرنا إبراهيم طوقان التي عارض فيها قصيدة أحمد شوقي التي مطلعها:
قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا
نعم. كاد المدرس إبراهيم طوقان أن يحيي سيبويه وأهله وأنسباءه في الداخل والمهجر وهو يشرح المرفوعات والمنصوبات والمجرورات وجاء بعد هذا كله من يرفع المضاف اليه والمفعول به أو معه أو فيه.
وكانت القصيدة ثم كان البيت "ويأتي بعد هذا كله ابن...".
رحم الله أبا جعفر وأعان الله أبا مازن.

anw

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024