قراءة متأنية لمهرجان فتح في غزة
نشر بتاريخ: 2020-01-08 الساعة: 10:06باسم برهوم لقد فاجأت الحشود الشعبية الضخمة التي شاركت في مهرجان فتح في غزة، في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية، التي ملأت شوارع المدينة الأطراف المحلية، وتحديدا حماس، والأطراف الاقليمية والدولية. والمفاجأة جعلت هذه الأطراف تعيد النظر في واقع اعتقدوا فيه واهمين ان فتح قد شاخت وأنهم نجحوا في الإجهاز عليها عبر عمل ممنهج اعلامي وسياسي لتشويه صورتها وخلق فجوة بينها وبين الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.
تفاجأ هؤلاء لأنهم لا يعرفون فتح ولا يعرفون الشعب الفلسطيني ولا طبيعة العلاقة بينهما، لأنهم منغمسون في تلبية وتحقيق أهداف وأجندات خارجية. هم لا يعرفون أن فتح تشبه شعبها فهي هو، وهو هي، وأن فتح روح هذا الشعب ومن صلبه وليس من صلب اي جهة خارجية، ومهما حاولوا ان يشوهوا او ان يخلقوا فجوة، أو مهما أخذ الشعب الفلسطيني على خاطره من فتح لارتكابها بعض الأخطاء فإنه في اللحظة الحاسمة التي يشعر بها ان فتح محاصرة من كل جانب يهب لنجدتها ويرفع اي اذى عنها لأنها وحدها نقية في التعبير عنه وعن ارادته الوطنية، ولأنه يثق بها بأنها هي وحدها المؤتمنة على ثوابته وأهدافه الوطنية، وهي من يثق بها لتقود مشروعه الوطني.
علاقة الثقة لم تأت من فراغ، فالشعب الفلسطيني يدرك، ونتيجة للتجربة الطويلة ان فتح هي من فجر الثورة، وهي من صاغ له ثوابته الوطنية وأهدافه، ولأنها كذلك فهي لن تتنازل ولن تفرط بهذه الثوابت والأهداف. والشعب الفلسطيني الذي خرج للشارع بكثافة في مهرجان فتح في غزة هو تعبير عن وعي وتعبير عن مخاوفه على مصير القضية الفلسطينية فيما لو مضت حماس إلى آخر الطريق مع دولة الاحتلال في مخطط دويلة غزة وفصل القطاع عبر ما يطلق عليه التفاهمات والهدنة طويلة الأجل والمشاريع الاقتصادية الوهمية. هناك حس قوي وبالتجربة المعيشة يوميا بأن حماس تأخذهم وتأخذ الشعب الفلسطيني إلى صفقة ترامب- نتنياهو التصفوية.
بالمقابل وبالرغم من كل محاولات التشويه والتضليل فإن الشعب الفلسطيني يرى ان من يقاوم صفقة القرن ويعمل على إفشالها هو فتح والرئيس محمود عباس. لقد حاولوا بكل الوسائل تصوير ان فتح تنازلت عن الثوابت والحقوق في اتفاقيات اوسلو، فلو كان الأمر كذلك لماذا تنكرت اسرائيل لهذه الاتفاقيات واغتالت رابين. لقد اعترفت اسرائيل بوجود الشعب الفلسطيني كشعب، واضطرت للاعتراف بأن هناك قضايا لا يمكن القفز عنها إذا ارادت السلام فعلا، وهي القدس واللاجئين والحدود والاستيطان. ومنذ توقيع اسرائيل على اوسلو واليمين الإسرائيلي يعمل ليل نهار لتغيير هذه المعادلة على الارض وفي وعي الساحة الدولية.
ان الشعب الفلسطيني يميز بدقة من هم ضد الدولة ذات الحدود المؤقتة وأولئك المتهافتين والمتساوقين معها مهما حاولوا تغطية ذلك بالدين والمقاومة. والشعب الفلسطيني يميز بين من يقاوم فعلا صفقة القرن ومن يرسل الرسائل لإسرائيل وادارة ترامب عبر كل وسطاء الارض ومباشرة ليكون شريكا فيها.
في لحظة الحسم وعند الشعور بالخطر يتحد الشعب مع فتح فهي الضمانة ولكونه يشعر انه هي وهي هو مهما حاولوا النيل من هذه العلاقة العضوية فإن فتح هي العنوان وهي من يمسك بالقرار الوطني المستقل ولن تسلمه او ترهن مصير الشعب الفلسطيني بيد اي أحد بغض النظر عمن هو هذا الاحد.