الرئيسة/  مقالات وتحليلات

المسألة أكثر من سيداو وأخطر

نشر بتاريخ: 2019-12-25 الساعة: 10:03

باسم برهوم بيان الحكومة كان واضحا وحازما من حيث هوية الدولة الفلسطينية، وقال إن إعلان الاستقلال هو المرشد ويمثل الخطوط العريضة والواضحة وضوح الشمس لأي دستور فلسطيني، ومن رحم هذا الإعلان جاء القانون الأساسي ليؤكد على المساواة التامة بين المواطنين الفلسطينيين بغض النظر عن الجنس أو اللون أو العرق أو الدين.
الحدث الذي شهدته الخليل مؤخرا شكل صدمة كبيرة، حتى- واظن الكثيرين معي- بت المس الفجوة ما بين ما هو نظري وما هو موجود في الواقع، لقد فتح هذا الحدث عيوننا على واقع نحن نعيش في وسطه، وبرغم التحذيرات فإن الكثيرين منا استخدموا أو لجأوا للنظام العشائري إما لحل المشاكل أو ليصنعوا مجدا سياسيا أو مركزا اجتماعيا. ومعظمنا كان يلاحظ ويراقب كيف تنمو وتتعمق ببن ظهرانينا العشائرية والفئوية والمناطقية .
وعلى ما يبدو لسنا جديين حتى الان بما يكفي لجعل إعلان الاستقلال واقعا، فنحن نكافح وندفع الدم والتضحيات والجهد ليعترف العالم بنا كدولة، ولسنا حازمين حتى اللحظة بما يكفي، لنعمل بالقدر المطلوب لتكون هذه الدولة، دولة حديثة عصرية دولة كل مواطنيها. لقد شكل اكتساح الاسلام السياسي ، والمقصود حماس، في الانتخابات التشريعية عام 2006, وفجعنا عندما قامت حماس بانقلابها في قطاع غزة عام2007, وساد الانقسام وكنا نراقب كيف يتعمق الانقسام وظهور نظامين سياسيين وفكريين مختلفين في الضفة وقطاع غزة، ولكن لم نلاحظ ولم نعمل بما يكفي لمواجهة انقلاب ناعم كان يجري من تحت اقدامنا في الضفة واليوم نشعر بالصدمة لما جرى في الخليل.
.
السؤال هل نحن عشائريون وفئويون بحكم المنشأ، هل نحن معادون للقانون بالفطرة، وبالتالي لا يمكن ان نبني دولة حديثة، بالقطع الجواب لا ولكن لماذا يستشري فينا المرض ويهدد مستقبلنا ومصيرنا، ومع احترامي الكبير لكل اهل الخليل فهل اهل كرم وتضحيات وبطولات، أتساءل هل مناهضة اتفاقية سيداو عنوانا لنضالنا، ونحن جميعا تحت الاحتلال، الا اذا كان الاحتلال اقل خطرا علينا من سيداو.
عندما اقرت البشرية اتفاقية سيداو، بهدف منع كافة اشكال التمييز ضد المرأة، ارادت البشرية انها فصل مؤلم من تاريخنا ولا اعتقد ان جوهر الدين الاسلامي، هذا الدين الذي انهى العبودية ويصر على تحقيق العدل لا يريد الخير لكل انسان سواء كان رجلا أم امرأة.
ان ما حدث في الخليل يدق ناقوس الخطر والامر ابعد من مناهضة سيداو، وان علينا ان نتعامل معه بجدية، وبالعقل، وبهدوء بعيدا عن المزايدات وتسجيل النقاط، فالصدمة يجب ألا تمر بدون ان نحلل الواقع، ونأخذ الدروس والعبر، لأن أي شيء غير ذلك سيعني أن دولة الاحتلال هي من تفرض إرادتها علينا تحت أشكال مختلفة، شعبنا لايريد سوى الحرية والاستقلال وقد قدم وما زال يقدم التضحيات العظيمة في سبيل ذلك، وهذا ما يفرض علينا الانتباه لما يبث الاحتلال الاسرائيلي بيننا من مواضيع ليست هي ما ينبغي ان نتصدى له بل هي لحرف بوصلتنا النضالية التي هي اليوم نحو القدس ان تعود حرة عربية فلسطينية وعاصمة لدولة فلسطين المستقلة .

anw

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024