الرئيسة/  مقالات وتحليلات

المولد النبوي.. أن نكون أحرارا سعداء

نشر بتاريخ: 2019-11-10 الساعة: 08:44

موفق مطر نحتفل كل عام قمري بمولد رسول السلام والمحبة والحرية محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم) ونكتفي بالتهاني والأمنيات ومظاهر العيد والاحتفالات المميزة، لكن كيف لنا الاحتفال والفرح فيما جماعات وتنظيمات تحمل مسميات اسلامية، لا تنفك تسيء للرسول محمد وتشوه دعوته وشخصيته ورسالة الله التي حملها للناس؟؟ فمتفجرات الأحزمة والعبوات الناسفة وجز الرقاب والإعدام على الهوية الدينية باتت أدوات جماعة الاخوان المسلمين ومشتقاتهم من القاعدة والنصرة وداعش لنشر ما يسمونها رسالة الاسلام، ويحرفون احاديث الرسول فينسبون اليه احاديث لو دققها أي عاقل لوجدها مزيفة مزورة مشوهة تفوح منها رائحة عنصرية هي نتاج المفاهيم السلطوية التي تخترعها هذه الجماعات وتنسبها الى كتاب الله (القرآن الكريم) وسنة رسول الله محمد بن عبد الله ، مستغلة جهل نسبة لابأس بها من المسلمين بأمور دينهم وعلوم دنياهم، حتى أصبح الموت عندهم هدفا بدل الحياة، واغتيل العدل ونصب مكانه الظلم، وطردت الحرب السلام في أدمغة اتباعهم، وبات القتل وسفك الدماء سبيلهم الى الجنة- كما يدعون– بديلا عن التقوى والعمل الصالح.
علينا التطهر تماما من مفاهيم هؤلاء وإحراق كتبهم ونسخها من ذاكرتنا الفردية والجمعية ، وكشف مؤامراتهم وأهدافهم التي نعتبرها اخطر على امة الانسان عموما والمسلمين خصوصا من رؤوس الظلم والكفر والاستعلاء والاستكبار التي تجسدت جميعها في شخصي ابي لهب وأبي جهل باعتبارهما أهم رموز السلطة الدنيوية الدينية المتداخلة التي كانت قائمة آنذاك، وتجلت في العبودية والتجهيل والنفوذ القبائلي والمادي ونزعة فوقية هي اقرب ما تكون الى العنصرية، فالمذكوران كانا معاديين لرسول الله محمد لأنهما كانا يدركان أنه اتى ليحرر الناس بالإيمان، بالكلمة الطيبة، بالعلم، بالعقل، بالحكمة، بالمعرفة بالمبادئ التي لا يشك انسان بعظمتها وقيمتها لكل انسان.
يسير المتأسلمون ومستخدمو الدين على نهج وسيرة الجاهليين الأوائل ورموزهم فيبطشون، وينكلون، ويعدمون، ويقتلون، ويحاصرون ويفتكون بكل من يعارضهم أو يأت بفكرة جديدة، أو يبدع في مجالات العلوم الانسانية، والاشد خطرا الذي قصدناه انهم يرتكبون جرائمهم المنسوخة من جرائم اعداء الرسل والأنبياء، ويفعلون ما يخجل الشيطان فعله، كل ذلك تحت رايات (اسلاموية) والمسلمون ورسالة الاسلام منها براء.
نحتفل بعيد المولد النبوي، ويتجمع مئات الآلاف في الساحات والميادين تعبيرا عن حبهم للرسول محمد بن عبد الله، لكن كيف تستقيم المحبة العظيمة هذه مع جلوس على مقاعد المتفرجين لمشاهدة الغزاة المحتلين المستوطنين الاسرائيليين العنصريين وهم يصولون ويجولون في ارض حرم الأقصى في القدس أولى القبلتين ومسرى النبي محمد وكأن الأمر لا يعنيهم، حتى بتنا على يقين أن الملايين التي نشاهدها تحيي يوم مولد صاحب آية الاسراء والمعراج الى الأرض المقدسة التي بارك الله بها وبما حولها تحتفل بيوم مولد الرسول، وتغفل عن الاقتداء بمبادئه وقيمه، فالرسول محمد عليه الصلاة والسلام ما كان ليقبل بنزول الظلم على رأس أي انسان في هذا العالم، فقد حرر قومه من العبودية، وقادهم بحكمة وإيمان وشجاعة في درب العودة، الى اراضيهم وبيوتهم ووطنهم، أما اليوم فإن بعض الذين ادعوا الامامة والافتاء في شؤون المسلمين فإنهم يسيرون في الاتجاه المعاكس لدعوة الرسول، فينهون المسلمين ويحرمون عليهم زيارة القدس ومسجدها ومقدساتها وأهلها الفلسطينيين المرابطين فيها، لكننا نراهم وبكل أسف على اعلى منابر الاحتفالات بميلاد الرسول محمد، كالأشقياء يشدون وثاق الحصار الاسرائيلي الاحتلالي الاستيطاني على المدينة المقدسة.
سيكون فرحنا بميلاد الرسول حقيقياً إن صار السلام العنوان الرئيس لثقافتنا في الحياة، وأحببنا للآخرين كما نحب لذاتنا، وإذا انتصرنا للحق، وقاومنا الظلم بشجاعة وإيمان وصبر وعمل وحكمة، وإذا جعلنا من المناسبة فرصة انبعاث من جديد، نمحو ما علق من مفاهيم مزيفة شيطانية من ادمغتنا، ونتطلع للمستقبل بتفاؤل وحب، ونتشبع بأفكار ونظريات نستنير بها في المنعطفات المظلمة التي حتما ستصادفنا في طريقنا، فالرسل ما أرادوا لنا إلا ان نكون سعداء.

anw

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024