الرئيسة/  مقالات وتحليلات

مبادرة الفصائل واهية

نشر بتاريخ: 2019-09-24 الساعة: 09:33

عمر حلمي الغول لا يملك مطلق إنسان فلسطيني عربي إلا ان ينحني أمام أي جهد وطني أو قومي أو أممي يساهم في ردم هوة الانقسام، وطي صفحة الانقلاب الأسود على الشرعية الوطنية، وإعادة الاعتبار للوحدة الوطنية، وتعزيز عوامل الصمود الفلسطينية لمواجهة التحديات كلها.
لكن هناك فرق شاسع وكبير بين المقترحات الناضحة من وعاء الضعف والعجز والخضوع لابتزاز حركة الانقلاب، والالتفاف على مصالح الشعب العليا، وتغطية عار الانقلابيين من جماعة الاخوان المسلمين ببرقع المقترحات الواهية والفاقدة الأهلية، وبين الهروب من اتفاقات قائمة وموقع عليها من قبل جميع القوى بمن فيهم حركة الانقلاب الحمساوية، وهما اتفاقا 2011 و 2017، ورعتهما جمهورية مصر العربية، وبرضى ودعم كل الفصائل الوطنية. غير أن مشكلة العديد من فصائل العمل الوطني عموما، وفروعها المقيمة في قطاع غزة، أنها واقعة تحت سطوة الانقلاب، الأمر الذي وضعهم في دوامة التوهان والاغتراب عن المصالحة ومحدداتها، وأولوياتها، وعدم قدرة تلك الفصائل على الاستفادة من الحالة الشعبية الرافضة للانقلاب الأسود، والبقاء في دائرة التبعية والمحوطة خشية عصا حماس الغليظة.
وانا اؤكد، كما أكدت عشرات ومئات المرات في مقالاتي ولقاءاتي التلفزيونية والاذاعية، أن التعاطي مع الانقلاب بشكل سطحي وبسيط، وبعيدا عن القراءة العلمية والجدية لخلفية التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، ولدورهم ووظيفتهم الاستعمالية من قبل الغرب، وعلاقتهم بالغرب والمشروع الصهيوني يعمي أي قوة سياسية في محاكاة جماعة الإخوان المسلمين، ويخرجها من دائرة التعمق الفكرية والسياسية والوظيفية إلى متاهة الأبعاد العاطفية، والسقوط في مستنقع الشعارات الغوغائية والديماغوجية الكاذبة، والبعيدة عن المصداقية، وعدم التمييز بين الحقيقة والخداع، بين المواقف الأصلانية وعمليات التمثيل والتزوير للحقائق والمواقف بهدف تضليل الجماهير الفلسطينية، وحرفها عن طريق النضال الحقيقي، وإيهام البسطاء من عامة الشعب بالشعارات البهلوانية، والمتاجرة بالدين والدنيا، ونهب الشعوب.
وبالعودة للفصائل الثمانية، التي تناسى ممثلوها عن سابق تصميم وإصرار، أن حركة حماس مثلت منذ عام 2007 رأس حربة جماعة الإخوان المسلمين لتمزيق وحدة شعوب ودول الأمة العربية، وكانت فلسطين العنوان والهدف الأول للجماعة وفرعها الفلسطيني، والذي انعكس بالانقلاب الأسود أواسط حزيران/ يونيو 2007. وحدث ولا حرج عما قامت به ونفذته في مصر المحروسة وليبيا وسوريا وتونس والسودان والعراق والخليج العربي وغيرها من البلدان العربية.
مع ذلك شخصيا سأطوي كل ما تقدم، وأعود لجادة التبسيط، والتساوق مع فصائل العمل الوطني المحترمة، وأطرح عليها عددا من الأسئلة: هل قدمت شيئا جديدا في ما تدعيه أنها مبادرة للمصالحة؟ أليس الذي تقدمت به شكل من أشكال التجميع والتلزيق لنصوص الاتفاقيتين المذكورتين سابقا، وإضافة وثيقتي 2005 و2006 وكلاهما لا صلة لهما بالمصالحة والانقلاب المذكور، لأن الوثيقتين الأخيرتين سابقتان على الانقلاب، وتحدثت عن برنامج مشترك للكل الوطني، وبالتالي يمكن العودة لهما بعد الالتزام بتنفيذ الاتفاقيتين، وتمكين السلطة وحكومتها الشرعية من تولي مهامها كاملة؟ ثم لماذا تتهربون من النصوص الواضحة لاتفاقيتي 2017 وقبلها 2011؟ وماذا تعني مبادرتكم وطرحها الآن، ألا تعني خلطا للأوراق، والتشويش على الدور المصري؟ وعلى أي أساس تقدمون مبادرتكم المشوهة والعاجزة للإخوة المصريين؟ ألا يعني ذلك القول صراحة للأشقاء المصريين، انكم لا تلتزمون بما وقعتم عليه أعوام 2011 و2017؟ وبغض النظر إن وصلت مبادرتكم لحركة فتح أو لم تصل، ما هو جديدها سوى المزيد من التوهان، والهروب من استحقاقات المصالحة الوطنية، والتغطية على مجون وفجور خيار حماس الإخواني، الذي يتكامل مع مخطط نتنياهو واليمين المتطرف الصهيوني؟ أليست مبادرتكم لغوا إنشائيا سطحيا وساذجا؟ أين هي المواقف الوطنية الأصلانية لكم جميعا؟ لماذا ترتجفون أمام بطش وتغول حركة الانقلاب؟ وأعود لأسألكم هل حماس فعلا بنظركم حركة مقاومة؟ هل تعمل جديا من أجل المقاومة والتحرير، أم هي حركة تشويه النضال الوطني، وتمزيق وحدة الشعب والقضية والمشروع الوطني والنظام السياسي التعددي؟
كثيرة هي الأسئلة، التي يمكن طرحها عليكم، ومع ذلك، ورغم المعرفة بعقم وعدائية حركة الإخوان المسلمين للقضايا الوطنية والقومية، ومتاجرتها بالقضية الفلسطينية، إن كانت حركة حماس جاهزة لتطبيق اتفاقيتي 2011 و2017 لن يتردد فلسطيني بدءا من شخص الرئيس أبو مازن وانتهاء بآخر وطني بقبول ذلك، وبتشكيل حكومة وحدة وطنية، وإجراء الانتخابات بمستوياتها المختلفة، ودمج كل القوى في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، وعقد مجلس وطني توحيدي وفق المعايير التي تم الاتفاق عليها سابقا. ولكن قبل كل ذلك نفذوا ما تم التوقيع عليه نقطة نقطة، وسلموا الحكومة مهامها كاملة غير منقوصة.
oalghoul@gmail.com

anw

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024