الرئيسة/  مقالات وتحليلات

تهديدات نتنياهو كاذبة

نشر بتاريخ: 2019-09-15 الساعة: 09:50

عمر حلمي الغول أخيرا أطلق بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة الاسرائيلية المنحلة تهديدات لحركة حماس عشية الانتخابات البرلمانية القادمة في 17 ايلول/سبتمبر (اي بعد اربعة ايام من يوم الجمعة لحظة كتابة المقال) بأنه سيكون مضطرا لشن حرب على قطاع غزة قبل الانتخابات، حتى لو تم تأجيلها، وذلك ردا على هروبه من حملة انتخابية له يوم الثلاثاء الماضي في مدينة عسقلان المحاذية لغلاف محافظات الجنوب الفلسطينية بعد إطلاق قذائف على المنطقة من القوى الفلسطينية.
لكن كما يعلم الجميع في إسرائيل والساحة الفلسطينية والعالم، ان رئيس الوزراء الفاسد لا يملك وحده حق التقرير بشن الحرب، أو القيام بحملة عسكرية على قطاع غزة، حتى لو وافق الكابينت المصغر والحكومة المنحلة، لأنه ملزم ان يعود للمعارضة ليأخذ موافقتها، وايضا عليه ان يعود للمؤسسة الأمنية والعسكرية، بالإضافة إلى ضرورة أخذ الضوء الأخضر من الولايات المتحدة قبل القيام بالخطوة الدراماتيكية، والتي اعتقد ان كل القوى المذكورة لن توافقه الرأي الآن على خياره. لا سيما وان الانتخابات باتت على الأبواب، ولم يعد هناك مجال لخلط الأوراق في ربع الدقيقة الأخيرة إلا إذا حدث تطور دراماتيكي ينزع كل الذرائع من القوى المعارضة لذلك.
كما ان نتنياهو ليس بوارد إسقاط حكم حركة حماس في القطاع، لأنها تشكل ذخراً إستراتيجياً له ولإسرائيل، وأوفت بالتزاماتها وتعهداتها له ولحكومته، وأعلنت الف مرة بلسان الحية والزهار وقادة الانقلاب جميعا، انها ليست هي، التي تطلق الصواريخ أو القذائف، بل هي الحامي لحدود إسرائيل، وملتزمة بما تضمنته التهدئة الذليلة، وتقوم بملاحقة العناصر المتمردة من كل القوى، واعتقلت العديد منهم، وتلاحق كل من تشك به. وأكدت على التزامها للوفد الأمني المصري بشكل متواتر، وايضا للسفير القطري العمادي، ولغيرهم من الوسطاء، ومن خلال الاتصالات والتنسيق المباشر بين قادة ميليشيا الانقلاب والأجهزة الأمنية الإسرائيلية، التي تتم في معبر بيت حانون.
إذا التهديد النتنياهوي ليس سوى جزء من اللعبة الإعلامية والبروباغاندا، التي يديرها رئيس الحكومة المنتهية ولايته، لاستقطاب أكبر عدد ممكن من الأصوات، ويستخدم لبلوغ ذلك وللاحتفاظ بكرسي رئاسة الحكومة كل الوسائل والسبل التي تخطر، والتي لا تخطر على بال. ولا يتوانى للحظة دون إلقاء فقاعة دعاوية هنا، وإعلامية هناك بهدف انتزاع أصوات المستعمرين الإسرائيليين وخاصة في غلاف محافظات الجنوب، الذين فقدوا الثقة به، وبوعوده الكاذبة. وايضا ردا على فشله في ما اعلنه ذات يوم الثلاثاء (10/9) الماضي عن نيته ضم شمال البحر الميت والأغوار الفلسطينية، والذي رفضه المستوى الأمني والسياسي والحزبي الإسرائيلي في اللحظة الراهنة، فضلا عن ردود الفعل العربية والعالمية الرافضة لهذا الخيار.
زعيم الليكود المثخن بالجراح يعاني من الأرق، والإرباك والخشية من الذهاب مباشرة للسجن بدل الاستمرار في كرسي الحكم، وهو ما يدفعه لخلق الأزمات داخل وخارج إسرائيل، وايهام الشارع الإسرائيلي بأنه صاحب الباع الطويل في العلاقات الدولية مع الأقطاب والدول، والادعاء بتحقيق إنجازات على هذا الصعيد، لم يضف جديدا منها لما تحقق خلال العقدين ونصف الأخيرين. كما ويسعى بشكل حثيث لإبقاء حالة الجزع والخوف في اوساط الإسرائيليين عموما واليمين المتطرف خصوصا، وهو ما اعلنه في اجتماعه مؤخرا مع قادة الكتل الاستعمارية وأقرانه، من انه يريد " للمستعمرين ان يزحفوا على اقدامهم لصناديق الاقتراع لانتخابه، وليس بالحافلات خشية من الأسوأ، لأنهم لا يأتون إلا بالخوف".
في ضوء ما تقدم، تهديدات نتنياهو الآن كاذبة، وليس لها رصيد لديه، وهو لا يريدها، ولا يرغب بالذهاب للحرب، إلا إذا حدث ما لا يستطيع تداركه، أو في حال وصل لقناعة في الساعات الأخيرة، انه لا يملك الحظ في البقاء على سدة رئاسة الحكومة، عندئذ سيختلق ذرائع لخلط الأوراق حتى لو خالفه الجميع، ويذهب إلى المجهول لتفادي الزج في السجن. مع ان السجن سيكون مكانه الطبيعي خاض حربا، أم لم يخض، وحتى لو حصل على الأغلبية، فإن حقبته انتهت، ولم يعد مؤهلا لقيادة الدولة الاستعمارية وفق معايير النخب الإسرائيلية، ولم يعد يجديه ترامب نفعا لو وضع له ارجلا من خشب، ومنحه كل جوائز الترضية والتلميع.

anw

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024