الرئيسة/  مقالات وتحليلات

نكتب للتاريخ

نشر بتاريخ: 2019-07-14 الساعة: 09:28

محمود ابو الهيجاء بقدر ما نكتب للتاريخ، فإننا نصنعه كذلك تحت راية القرار الوطني المستقل وبقيادة الرئيس أبو مازن، وهو يكرس في كل يوم حقيقة الموقف الوطني الفلسطيني، الرافض لبيع القدس، والحقوق الوطنية المشروعة لشعبه، لا بل إنه ولأجل القدس ودفاعا عن مكانتها السماوية، وعن عروبتها وفلسطينيتها وعالميتها الإنسانية، كحاضرة محبة وتسامح وسلام، سيقول لا للعالم أجمع وليس للإدارة الأميركية وصفقتها الفاسدة فحسب، وهذا ما أعلنه أمام اجتماع المجلس الاستشاري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، مساء الخميس الماضي، بمقر الرئاسة في رام الله.
ونكتب للتاريخ ونعرف كثيرا من حقائقه سيما حقائق التخليق الاستعماري لإسرائيل، بكل ملابساته وأحابيل مساوماته وتكتيكاته الدولية والإقليمية، وحتى بعض العربية، خاصة هذه التي غمغمتها "رومانسية العلاقة القومية" التي تعلق بها الفلسطينيون ردحا من الزمن، هروبا من كابوس "يا وحدنا" وحتى لا يدفعهم ظلم "ذوي القربى" إلى الإحباط واليأس والعدمية، برغم أن هذا الظلم، أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند ..!! 
والحقيقة أن فلسطين بسيرتها التراجيدية، وبتضحيات شعبها العظيمة، وبحركتها الوطنية التحررية، بقيادتها الشرعية التي أدركت لا أهمية التمثيل الوطني المستقل لشعبها فقط، بل وضرورته أيضا لصواب مسيرتها النضالية، فانتزعته انتزاعا من بين أيدي أولئك الذين عملوا تحت الشعارات القومية، على فصل القضية الفلسطينية عن الفلسطينيين (...!!) "فالقضية مقدسة" أما ممثلوها الشرعيون "فإنهم لايستحقون الحياة" كما قال ذلك زعيم عربي (..!!) ذات يوم بعد الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982 من القرن الماضي، نقول الحقيقة إن فلسطين هذه هي من أبرز كتاب التاريخ وصناعه، وقد أطاحت قيادتها الشرعية بتخاريف الفصل التعسفي ما بين القضية وأهلها، وعادت بالعلاقة القومية إلى صواب واقعيتها، وحيث فلسطين بوابة الأمن القومي العربي، ومن أبرز مقوماته الاستراتيجية.
ولأن لفلسطين هذا الدور وهذه المكانة قال الرئيس أبو مازن ويقول لا لصفقة ترامب الصهيونية، وبمعنى أن هذه "اللا" هي في المحصلة، لا المصلحة القومية العليا، وهي ليست مجرد كلمة، بل موقف ندفع اليوم ثمنه من قوت شعبنا ودم أبنائه، ولن نتذمر، لا لأن القدس تستحق ذلك واكثر من أجل حريتها وخلاصها من الاحتلال الإسرائيلي، وإنما لأن مستقبل الأمة العربية كلها مرهون بحرية القدس وخلاصها، وهذا هو الرئيس أبو مازن الذي يشدد في كل لحظة، أن المخططات الأميركية الصهيونية، الرامية لإبادة لفلسطين وأمتها لن تمر أبدا، وعلى كل متشكك وواهم ومتآمر، وخواض في أقاويل الشائعات، أن يتفحص التاريخ جيدا ليرى بأم عينيه حقيقة الإرادة الفلسطينية الحرة، التي أفشلت كل محاولات شطب فلسطين وشعبها، من خارطة الوجود السياسي والدولي والإنساني، وستظل هذه الإرادة كذلك وهي التي امتلكت قراراها الوطني المستقل، بقيادته الشرعية الشجاعة، والحكيمة بمعرفتها الواسعة لخبايا الصراع وأحابيله. 
وللتاريخ بعد كل قول حكاية، لها من الفصول أربعة، كما للطبيعة في مناخها، صيف وشتاء وخريف وربيع، وهذا الأخير هو ربيع الحتمية التي سنعيش في ظلالها، ظلال دولة فلسطين الحرة المستقلة، بعاصمتها القدس الشرقية. 
ويظل أخيرا أن نقول: التاريخ مدرسة للمعرفة والحكمة معا، ومن يقرأ التاريخ جيدا، وحين يستخلص منه الدروس والعبر، فإنه يدرك طريق الخلاص والنفاذ إلى مستقبل الحرية والعدل والسلام والازدهار، دون أدنى شك. 

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024