الرئيسة/  مقالات وتحليلات

هواوي عنوان للحسم

نشر بتاريخ: 2019-05-27 الساعة: 12:56

باسم برهوم المعركة التجارية والاقتصادية، التي تخاض بين الولايات المتحدة الأميركية والصين وعنوانها هواوي، علينا أن نرقبها بدقة وعمق، لان نتائجها ستكرس نظاما دوليا سنتعامل معه للسنوات العشر المقبلة على اقل تقدير.

أحد العناوين الرئيسية التي وعد بها الرئيس ترامب ناخبيه وينفذها عن كثب هو أن ينهي النظرة النمطية بأن أميركا تعطي ويأخذ منها الآخرون ولا تأخذ. هذا الموقف طال الأمم المتحدة ومنظماتها وطال حلف الأطلسي ومع الاتحاد الاوروبي، في مسألة الحديد الصلب، واليوم مع اليابان، عندما طالبها ترامب في زيارته الأخيرة بضرورة تعديل الميزان التجاري بين البلدين الذي يختل لمصلحة اليابان بشكل كبير.

إلا أن الحرب الأبرز في هذا المجال هي تلك الحرب التجارية مع الصين. في إطار هذه الحرب تأتي قصة شركة هواوي التي بالفعل باتت تنافس الشركات الأميركية وتحقق ارباحا كبيرة على حسابها.

وفي سياق وقف هذا الزحف الصيني لتقاسم سوق الاتصالات مع الولايات المتحده، اعلنت الأخيرة أن هواوي تشكل خطرا على الأمن القومي، خطرا تجسسيا وأبلغت الشركات الأميركية ذات الشأن بذلك كافة.

ما الذي يعنيه هذا الاعلان؟ انه يعني باختصار وقف تزويد شركة هواوي بأي تقنيات أميركية متقدمة، ويعني حرمان الشبكة الصينية من السوق الأميركية، الأكبر في العالم، وحتى حرمانها من أي صفقات مع الدول حلف الطلسي.

لقد اثبتت معركة هواوي أن من يملك  تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المتطورة هو من يتحكم ليس بالسوق وحسب بل وبعقل العالم. فمصدر قوة أميركا هو في امتلاكها وحدها هذه التقنيات المتطورة جدا، فعلينا هنا أن لا نغفل أنها  صاحبة العولمة وأدواتها، والمسيطر الأكبر على الفضاء الإلكتروني وفضاء الانترنت والمتحكم به.

قبل ترامب لم يحاول الرؤساء الأميركان استخدم اوراق القوة الأميركية هذه لابتزاز الدول، بل على العكس كانوا يعتبرون هذه القوة هي لتكريس واشنطن كزعيمة غير متسلطة على العالم، وتربط نفسها بالدول من مبدأ التساهل. ترامب القادم من خلفية الصفقة التجارية والمالية لاحظ ان سياسة التفريط قد كلفت الولايات المتحدة كثيرا وهددت مكانتها كقوة اقتصادية رقم واحد وبلا منازع في العالم.

الرؤساء السابقون لم يلجؤوا لما يقوم به ترامب، ليس لعدم ادراكهم بأن هناك فرصة لاستخدام اوراق  القوة الاقتصادية والتقنية، ولكن لأن مثل هذا الاستخدام هو سلاح ذو حدين، وانه بقدر ما يجلب لواشنطن المليارات من الدولارات على المدى المنظور، إلا أنها قد تخسر على المدى الأطول أكثر بكثير مما ستربح لأن المتضررين سيتحدون في وجهها عاجلا ام آجلا.

إن خلاص العالم يكمن في إنهاء الهيمنة والسيطرة الأميركية على تكنولوجيا المعلومات والاتصال، وسيطرتها على الاقتصاد العالمي، وهذا يتطلب الوحدة في وجه الابتزاز الأميركي.

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024