الرئيسة/  مقالات وتحليلات

ضمّ الجولان والعودة إلى مفاوضات السادات - بيغن

نشر بتاريخ: 2019-03-25 الساعة: 10:54

عريب الرنتاوي في المبررات التي ساقها ترامب والمتحمسون للاعتراف الأميركي بضمّ الجولان وبسط السيادة الإسرائيلية عليه، لعل من أبرزهم جيسون غرينبلات، نتوقف أمام ثلاث نظريات منها: نظرية السلام المبني على الحقائق، والمقصود هنا الحقائق المفروضة على الأرض ... الحاجة لمواجهة إيران وحلفائها في المنطقة، سيما "حزب الله"... نظرية "السلام الآمن"، والأمن هنا يتعلق بإسرائيل أساساً، إن لم يكن بها وحدها حصراً.
الحقائق في الجولان: تقول: إن نصف سكانه باتوا من المستوطنين الذي زرعتهم الحكومات المتعاقبة قبل قرار الضم في كانون الأول من العام 1981... والحقائق التي قرأها مايك بومبيو تقترح "الوفاء لبطولات جيش الدفاع وتضحياته" في حروب الجولان المتعاقبة، كما قال أيضاً.
مواجهة إيران تقتضي الاعتراف بسيادة إسرائيل على الهضبة الإستراتيجية، حتى لا تقع في قبضة الجنرال قاسم سليماني، كما حاجج ديفيد بولوك في برنامج جمعني وإياه على قناة الحرة... وقد أدركت إسرائيل أهمية هذه النقطة في تفكير اليمين الأميركي فعاجلت قبل وصول بومبيو إلى المنطقة، للإعلان عن تفكيك شبكة لـ"حزب الله" بالجولان، في خطوة استعراضية مفبركة لا تخفى دلالاتها على أحد.
أما نظرية الأمن الإسرائيلية، فهي تقتضي الاستمساك بحدود آمنة و"يمكن الدفاع عنها"، وهو تعريف مطاط للمجال الأمني الحيوي لإسرائيل، ويزداد اتساعاً في عصر الصواريخ والطائرات المسيّرة، بما يتيح لها التدخل في تقدير حجم الميزانيات الدفاعية لكل من إيران والباكستان وتركيا والدول العربية قاطبة، وفي هذا السياق، يصبح ضم الجولان، ومن ثم الاعتراف بسيادة إسرائيل عليه، تفصيلاً يندرج في باب "تحصيل الحاصل".
ما الذي يمكن استنتاجه من تحليل هذه المبررات والمحاججات؟
عدد المستوطنين في الضفة يكاد يقترب من 30 بالمائة من إجمالي سكانها الأصليين، هنا تقتضي نظرية غرينبلات أخذ هذه "الحقائق" بعين الاعتبار... والجيش الإسرائيلي قاتل في الضفة وقدم "تضحيات" منذ احتلالها عام 1967، بما لا يقل عمّا قدمه في الجولان، الأمر الذي يؤيد تبريرات بومبيو... وفوق هذا وذاك، فإن للضفة من المكانة الإستراتيجية والدينية (التوراتية) ما يفوق ما للجولان من أهمية ومكانة، و"التفكير الأميركي من خارج الصندوق" الذي اشتهرت به إدارة ترامب، يدفع إلى الاعتقاد بأن من قرر ضم الجولان، سيقرر ضم الضفة، ودائماً للأسباب ذاتها أو لأخرى أعمق منها.
الإسرائيليون يجادلون، بأن انسحابهم من الضفة، أو سماحهم بإقامة دولة أو كيان فلسطيني عليها، سيدفع للأمام باحتمال سيطرة إيران، من خلال "حماس" و"الجهاد"، على هذه "الخاصرة الإسرائيلية الضعيفة"، هم لا يريدون قاسم سليماني في الجولان، والأرجح أنهم لن يقامروا برؤيته يعبر جسر الكرامة/الملك حسين/ اللنبي، باتجاه الضفة الغربية... هذا وحده، سبب كاف، ومقنع من منظور إدارة ترامب، للتساهل في التوسع الاستيطاني وتدمير فرص قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، والأرجح أنه سيكون مبرراً "قوياً" لضم الضفة والاعتراف بهذا الضم، حين تحين لحظة الحقيقة والاستحقاق.
الجولان، ليس كل سورية، بينما الضفة هي كل ما تبقى من فلسطين... وأهل الجولان، ليسوا سوى مكون صغير جداً من الشعب السوري، بينما أهل الضفة، هم جزء أساسي، من "شعب الدولة الفلسطينية العتيدة"... النظام السوري معزول، ولا تدعمه سوى حفنة من دول العالم، بينما المنظمة والسلطة، لا تعاديها سوى حفنة من دول العالم... قرار ضم الضفة، سيأخذ أشكالاً مختلفة، ربما أقل فجاجة من قرار ضم الجولان.
وأحسب أن العودة إلى صيغة "حكم ذاتي للسكان" التي عرضها بيغن على السادات في مفاوضات كامب ديفيد وما بعدها، هي الأساس لقرار الضم... الأرض تخضع للسيادة الإسرائيلية، والسكان يتمتعون بـ" Autonomous +"، ومن دون أن يمنع ذلك من حشرهم في معازل، ومنعهم من حرية السكن والإقامة في مناطق معينة داخل الضفة ذاتها، تحديداً في القدس ومحيطها.
اقرؤوا جيداً ما قاله كوشنير عن صفقة القرن، وبالأخص ما لم ينطق به عن الدولة وتقرير المصير، وتمعنوا في تصريحات السفير فريدمان التي نفى فيها أن تكون الدولة مكوناً من مكونات الصفقة... نحن ذاهبون، أو بالأحرى "عائدون" إلى نهاية السبعينيات من القرن الفائت، زمن مفاوضات السادات – بيغن حول الحكم الذاتي للسكان، ومن لديه شك في ذلك، فليتأمل مستوى "الغطرسة" التي تعرض بها واشنطن مبرراتها للاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل.
 

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024