الرئيسة/  مقالات وتحليلات

نساء فلسطينيات من خارج النص

نشر بتاريخ: 2019-03-10 الساعة: 00:35

باسم برهوم مؤخراً أتيح لي الجلوس مع مجموعة من الشابات الفلسطينيات في اجتماع عمل، ما ادهشني بالفعل ما تتمتع به تلك الشابات من قوة شخصية، وما اظهرنه من استقلالية، فيها قدر كبير من الثقة بالنفس، واكثر من ذلك تمكنهن المهني والعلمي وقدرتهن الملفتة للقيادة وتحمل اكثر المسؤوليات تعقيدا.
لذلك لا بد من تناول المرأة الفلسطينية من خارج النص التقليدي المتداول بأن قيمتها تأتي، او تكمن في كونها أما او أختا وابنة شهيد أو أسير.
فبالرغم من اهمية ذلك وسموه وقدسيته، فان مكانة المرأة تتعدى ذلك بكثير، فهناك فلسطينيات هن بحد ذاتهن شهيدات واسيرات ومناضلات وقائدات سياسيات، نساء برعن في كل المجالات. هناك جيل جديد من الفلسطينيات سواء هنا في الوطن او في الشتات هن نساء أعمال ناجحات، وكاتبات وأديبات وشاعرات ومثقفات وعاملات يبرعن في كل المهن.
ما اريد قوله هنا، أن هذه المرأة بكفاحها واصرارها على بروزها ككيان مستقل واثق وقوي انما تقوم بإنجاز تاريخي عبر تفكيكها للمجتمع الذكوري الذي يجثم على صدورنا، كأمة منذ مئات القرون ويمنعنا عن التطور واللحاق بالأمم المتقدمة.
المرأة الفلسطينية لم تعد تقبل بأن تبقى ملحقا بالرجل الأب، الأخ او الابن، فهي كيان مستقل وتستحق ان نتعامل معها بأنها كذلك، علينا أن نشعر بالفخر أن المرأة الفلسطينية بالفعل تقف هي والرجل جنبا الى جنب وعلى قدم المساواة في الكفاح من أجل حرية شعبنا الفلسطيني، وتنخرط في العملية التنموية بشكل ملفت يضاهي بالفعل ما يقوم به الرجل لأنها اكثر التزاما وتمسكاً بالنزاهة والمهنية.
ولكن المشهد ليس بهذه الوردية، بيننا واللحظة التي نرى فيها المرأة الفلسطينية وقد اصبحت بالفعل كيانا مستقلا بكل ما تعنيه الكلمة معنى، شوط كبير من النضال. فبقدر ما هو مهم ان نحصن واقع المرأة بالقوانين التي تضمن المساواة الحقيقية، فان تحرير عقلها وبالأساس تحرير عقل المجتمع هو المدخل لضمان وجود امرأة تتمتع بالاستقلالية والقدرة على اتخاذ القرار والمشاركة الفاعلة في صناعة القرار في المجتمع. فأحد اشكال منع الامة العربية وحرمانها من النهوض والتقدم والازدهار لتكون أمة عصرية منافسة، احد اهم الاشكال هو السيطرة على عقل المرأة وإبقاؤها اسيرة تقاليد المجتمع الذكوري. وإذا ما أخذنا سيطرة المحافظين والاسلام السياسي على مناهج التعليم ندرك الموانع الحقيقية أمام نهوض الأمة ومن بينها نحن الفلسطينين من التقدم.

من دون شك ان لدينا من الاسباب ما يجعلنا نتفاءل، ولكن وفي الوقت ذاته علينا ان ندرك ان أمامنا نضالا طويلا لنرى المرأة صانعة وشريكة حقيقية بالقرار. فالطبيعة ذاتها تقول لنا ان العلاقة بين الرجل والمرأة هي علاقة شراكة وتكامل، ولكن الطبيعة تقول ايضا ان لكل من الرجل والمرأة حقهم في التعبير الشخصي المستقل عن الذات، هذا هو ما يحقق المساواة الفعلية. 

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024