الرئيسة/  مقالات وتحليلات

ما هو الصواب فلسطينيا

نشر بتاريخ: 2019-03-03 الساعة: 09:20

باسم برهوم بشكل عام هذا سؤال إشكالي منذ بدأ الانسان في التعبير عن نفسه كتابة. فإدراك الصواب تماما كإدراك الحقيقة هي مسائل نسبية ومعقدة ويكاد لا يتفق اثنان من البشر على الصواب ذاته أو الحقيقة ذاتها، وتفسير أسباب ذلك ليس هو المبتغى، هنا السؤال المتعلق بالصواب الفلسطيني هو ما نريد تسليط الضوء عليه، لأن غياب إجماع أو ما يشبه الإجماع الفلسطيني على ما هو صواب لنا هو المدخل لتمرير كل ما يضر بالشعب الفلسطيني وقضيته. وبالمقابل أن يعتقد أي شخص أو مجموعة أو تنظيم انه الصواب فهذه هي المشكلة الأعوص. وما جعل القدرة على تحديد ما هو الصواب أكثر تعقيدا هو طبيعة الصراع وطبيعة المشروع الصهيوني وبالطبع طبيعة العدو وما يمتلك من إمكانيات وقدرات وداعمين وحلفاء ومتعاونين، بالإضافة إلى ما تحدثه أدوات الإعلام الحديثة من بلبلة في الوعي.
ما هو الصواب فلسطينيا؟
الإجابة تتطلب العودة لبعض الأصول ولحقائق الصراع الأولى، الأصل الأول، والحقيقة الأولى، أما الشعب الفلسطيني فيواجه مشروعا استعماريا ليس كغيره، ما يواجهه هو مشروع تم تبنيه من الدول الاستعمارية كافة، ولا تنافس بينها حوله وإنما هناك تنافس على كيفية دعمه واستمراره وتطوره، وهو مشروع صمم ليلغي وجودنا كشعب ويستولي على أرض وطننا بالكامل.
الأصل الثاني هو أن هذا المشروع ولكي ينفذ ويحقق أهدافه كان لابد من تقسيم المشرق العربي، وهو ما تم عبر "سايكس بيكو" ووعد بلفور في الأعوام 1916 و 1917، وبالتالي كل هذا الترتيب وما نجم عنه من خارطة سياسية ونظام شرق أوسطي إنما جاء بهدف جعل المشروع الصهيوني يتحقق، ويحقق كل الأهداف المرجوة منه.
الأصل الثالث هو الشعب الفلسطيني؟ فهذا الشعب بما أنه المستهدف المباشر لهذا المشروع كان يجب ان يكون منشغلا بانقسامات داخلية وأن يجري العمل على تشويه وعيه باستمرار وبمختلف الطرق والأدوات، كل ذلك ليكون فاقدا لإرادته الوطنية الحرة وغير مؤهل لأن يقرر مصيره بنفسه.
الأصل الرابع هو الوصول إلى اللحظة التي تغيب فيها فلسطين وشعبها، كشعب له حقوق سياسية تاريخية بوطنه التاريخي. وهو ما تحقق بالفعل واكتمل في نكبة عام 1948، عندما هجر وشرد من وطنه ومنع من أية فرصة حتى من إقامة دولة له على ما تبقى من أرضه. وهنا تواطأ كل نظام سايكس بيكو الشرق أوسطي ضده.
الأصل الخامس أو الحقيقة الخامسة هي أن الثورة الفلسطينية المعاصرة التي انطلقت عام 1965 كانت خروجا عن النص الذي صمم وتمرد عليه خصوصا بعد ان سيطرت هذه الثورة على منظمة التحرير الفلسطينية بعد هزيمة الأنظمة في حرب عام 1967. هذا الخروج عن نص بلفور وسايكس بيكو كان لابد من تصفيته أو احتوائه بأية طريقة لأنه التعبير الوطني الحقيقي عن الوجود الوطني الفلسطيني. وفي سياق تصفيته شنت عليه الحروب والضغوط واخترعت البدائل له ووجه بحرب سياسية وإعلامية لتشويهه وتصفيته في وجدان الشعب الفلسطين. وبالمناسبة هذا النوع من التصفية وهو الأخطر صاحب الحركة الوطنية الفلسطنية وقياداتها قبل وبعد النكبة.
الأصل السادس والأخير أن الحركة الوطنية ارتكبت اخطاء في مختلف المراحل ولكن علينا ان نعي ان هذه الأخطاء لم تكن هي يوما السبب في ما نحن عليه وإنما حجم المشروع الاستعماري وطبيعته والكم الهائل من داعميه.
هناك غزو مستمر للوعي الوطني الفلسطيني، غزو ذكي يمتلك كل الإمكانيات والأدوات والأطراف. هذا الغزو ظهر بصورة أكثر وضوحا مع تطور أدوات الإعلام الحديث وصفحات التواصل الاجتماعي إلى درجة لم يعد معها فلسطيني واحد يفكر مثل الآخر.
نحن في خطر مصيري، فما هو الصواب؟

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024