الرئيسة/  مقالات وتحليلات

مريم ومهند

نشر بتاريخ: 2019-02-04 الساعة: 19:30

رامي مهداوي شهدت الغرف التجارية والصناعية والزراعية في فلسطين، منذ منتصف تشرين الأول الماضي، انتخابات مركزية لاختيار رؤساء واعضاء لها؛ من الجيد معرفة أن عدد المنتسبين لاتحاد الغرف التجارية في فلسطين، حوالي 61 ألف ما بين اعضاء ومنشآت بمختلف انواعها.
بعين الفرح والأمل راقبت هذه الانتخابات عن بعد في أغلب محافظات الوطن، الجميع يريد التغيير وضخ دماء شابة تعمل دون كلل وخصوصاً في ظل الظروف السياسية والاقتصادية التي تزداد قساوة علينا بشكل يومي، لهذا كان الله في عون كل من بادر وأخذ زمام الامور وخاض هذه التجربة، سواء حالفه الحظ أو لم يحالفه لأنه تعلم من هذه التجربة ما يمكن أن يعزز خطواته القادمة في عالم العمل العام.
بالتأكيد هناك العديد من الدروس والعبر يمكن استخلاصها على الأصعدة المختلفة للعملية الديمقراطية ومخرجاتها لهذه الانتخابات، لكن اسمحوا لي أن أسلط الضوء على قصتين ايجابيتين تتمثلان في: مريم أبو عين و مهند أبو صالح.
مريم وهي المرأة الوحيدة التي ترشحت لانتخابات الغرفة التجارية في محافظة رام الله والبيرة حصدت ثاني أعلى الأصوات، مريم سيدة أعمال أباً عن جد استطاعت وضع بصمتها بالشراكة مع أخواتها ودعم الأهل بأن تكون سيدة أعمال بمعنى الكلمة؛ ليس هذا فقط وإنما استكملت تعليمها العالي لتنتقل بخطوات واثقة بين النظرية والتطبيق في عالم الأعمال.
نجاح مريم جعلني أطرح عدداً من الأسئلة: أين المرأة في هذه الانتخابات؟ اذا كانت مريم هي المرأة الوحيدة في رام الله ماذا عن باقي الغرف التجارية؟! هل يوجد نماذج مثل مريم في محافظات الوطن يجب أن يتم الكشف عنها وتعزيزها في عالم الأعمال؟ لماذا أسمع فقط عن أهمية دور المرأة فقط في الانتخابات التشريعية والبلدية ولا يتم العمل على تعزيز دورها لتتبوأ مقاعد في مختلف القطاعات الاقتصادية، الثقافية...الخ. 
تجربة مريم عززت قناعتي بأن المرأة تشق طريقها بقوة اذا ما وجدت عائلة مساندة لها أولاً وأخيراً، أما الشعارات الفارغة فهي لم تخلق لنا قصص نجاح، بالتأكيد هناك سيدات أعمال ناجحات في مجتمعنا، لكن ما حققته مريم هو ليس فقط الجلوس على أحد المقاعد التي تزاحم عليها الرجال وإنما درس للمؤسسات النسوية كيف تنجح امرأة لوحدها!!
مهند أبو صالح ستكون شهادتي مجروحة في حق هذا الشاب كونه ابن قريتي شويكة، الذي قرر أن يخوض انتخابات الغرفة التجارية والصناعية والزراعية لمحافظة طولكرم للمرة الثانية بعد أن تم استبعاده من كتلة حركة فتح التي كان جزءا منها في المرة الماضية.
قرر مهند بأن يخوض هذه الانتخابات بقائمة أخرى، وعلى الرغم من عدم نجاح القائمة مقابل قائمة حركة فتح إلاً أن مهند نجح بحصوله على مقعد، ربما نجاحه لم يكتمل بسبب عدم حصول القائمة على مقاعد اضافية، إلاً أن الدروس والعبر من هذه التجربة كانت للجميع وأولها حركة فتح.
مهند استحق الفوز لما قدمه ويقدمه للغريب قبل القريب كما يقال في شوارع طولكرم وشويكة، على الرغم من نجاح حركة فتح الكاسح إلا انها لم تخسر فقط مهند وإنما الشباب الذي كان يعتبر مهند مثالاً للشاب المعطاء والطموح، بالتالي كان من الأجدر دعمه للتقدم للأمام اذا ما نظرنا بعين المستقبل بإفراز قيادات شابة جديدة في قطاع رجال الأعمال.
مريم ومهند ليس اسم مسلسل تركي سيشاهده الملايين، وإنما تجربة شبابية فلسطينية في عالم الديمقراطية يجب استخلاص العديد من الدروس منها، أعمى من لا يشاهد بأن الشارع الفلسطيني يريد دماءً شابة، وفاقد للإحساس من لا يستشعر بأن المؤسسة التقليدية_بالمفهوم العام_ لا تأخذ بعين الاعتبار التغيرات التي أصابت المجتمع الفلسطيني، بالتالي عليها التجدد والتقدم بتغيير الأدوات والأشخاص من أجل تقديم خدمات أفضل للمواطن الفلسطيني.

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024