الرئيسة/  مقالات وتحليلات

رفقا بالشباب

نشر بتاريخ: 2017-10-09 الساعة: 08:53

عماد الأصفر كان صديقي وطنيا حقيقيا مخلصا في وطنيته، ومندفعا في فتحاويته، لم يستطع الانسجام مع الطروحات السياسية الهادئة التي قدمها خالد الحسن عضو اللجنة المركزية لفتح، خلال ندوة عامة عقدت في الكويت، فرفع يده ليناقش ، وكان لشدة غضبه يكيل التهم للحسن بالانبطاح والتفريط والرِّدة عن مبادئ الحركة ومنطلقاتها.

 بعد الندوة عاتب الجميع صديقي وتمنوا عليه ان يزور خالد الحسن للاعتذار، ذهب وفِي نيته ان يقدم اقل الاعتذار على ان يواصل عرض رأيه المعارض لكل ما قاله الحسن، في ذلك اللقاء هش خالد الحسن وبش واجلس صديقي الشاب الى جواره، ووضع يده على يده وبادره بالقول: إياك ان تعتذر ، ما قلته انت من وحي سنك هو عين الصواب، وما قلته انا من وحي سني وتجربتي أراه صوابا، ولكنني لا استطيع ان اطمئن للمستقبل الا بوجود امثالك.

 وعى صديقي الدرس وهو يقارن بين جلده يده المشدود الفتي وجلد يد الحسن المتغضن وما يتخلله من أوردة بارزة وهموم سنين.

 بعد عام من الانشقاق وذات احتفال بانطلاقة الثورة، فوجئ صديقي بأحد المنشقين يجلس في الصف الاول، كان الامر فوق قدرة احتماله الوطنية والفتحوية فانطلق هائجا لطرده وتضارب في سبيل ذلك مع مرافقي صلاح خلف عضو مركزية فتح الذين كانوا يحرسون الصفوف الأمامية، وساد هرج ومرج، اتصل بعدها صلاح خلف بصديقي وقال له: اما ان تحضر لعندي او احضر انا اليك، استمر صديقي في مجادلة قائده عبر التلفون، فكرر عليه: اما ان تأتي الي او سأحضر انا اليك.

 ذهب صديقي، فقال له صلح خلف، لا أتوقع منك اقل من ذلك ، ولكن لا تتوقع مني ان لا استغل اية فرصة لتفتيت هذا الانشقاق الغبي، لو لم نكن مثلك ذات يوم لما انطلقت هذه الثورة.

 صديقي وزملاؤه كانوا ايامها بعمر خالد مشعل، وكانوا يتصدون بجدارة لطروحاته ولخطواته الانشقاقية حين أسس أسس جمعية طلابية محدثا شرخا في صفوف الاتحاد العام لطلبة فلسطين، صار مشعل رئيسا للمكتب السياسي لحماس، واما اصدقائي فلم يتقدموا اكثر في المواقع القيادية لان فتح تباعد بين مؤتمراتها، وتسعى لارضاء الشياب على حساب الشباب.

 اصدقائي وربما كان ذلك من حسن حظهم أصبحوا على هامش السياسة والتنظيم ولكنهم في صلب القضية الوطنية ، عملوا بعصامية مطلقة وأصبحوا رجال اعمال ناجحين واصحاب ثروات لا بأس بها، وما زالوا على قيد القضية الوطنية وهم ينقلون اليوم ما يستطيعون من مشاريعهم وأعمالهم الى ارض الوطن.

لا أشك مطلقا بوجود شباب كامثال اصدقائي ربما اقل جرأة، او اقل حظا، ولكنني أشك غاية الشك في وجود القيادي القادر على احترام هؤلاء والإيمان بهم ومنحهم الفرصة، أشك في وجود القيادي الذي يحمل فكراً، ارى ان لدينا قادة مواقف لحظية ، لا يهتمون بالفكر ، وارى لدينا مفكرين سياسيين بعيدين عن السياسة والسياسيين.

نحتاج قادة سياسيين بفكر سياسي، ونحتاج مفكرين لا ينشغلون بالسياسة فقط بل ينخرطون بها.

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024