الرئيسة/  مقالات وتحليلات

التربية والتعليم تكسر الجليد

نشر بتاريخ: 2019-01-16 الساعة: 16:09

موفق مطر قال لي :" انت شو بيفهمك " عندما قدرت وجوب مساعدته في حل مسألة حسابية !!..انه ابني ضياء قبل حوالي عشرين عاما عندما كان في السنة الثالثة ابتدائي كما اذكر، ويتعلم في مدرسة ابتدائية في تونس .

مازالت توجيهات مديرة المدرسة لنا في اجتماع أولياء التلاميذ وقولها :" لاتتدخلوا ولا تثقلوا على ابنائكم  وترهقونهم في الدراسة في المنزل ، فالمعلمون هيئة يقومون بواجباتهم في الحصص الدراسية في المدرسة كما ينبغي ".

ابتداءً من الفصل الدراسي الثاني المقبل ستلغى (الواجبات الدراسية البيتية ) لطلبة المرحلة الأساسية الدنيا اي من الصف ألأول حتى الرابع ابتدائي وتقليلها لصفوف المرحلة الأساسية العليا من الصف الخامس ابتدائي وحتى الثالث الاعدادي ، والتركيز على الاهتمام بملف الإنجاز للمرحلة الثانوية لصفوف الأول والثاني والثالث ثانوي ، والعمل على تشجيع التعلم بالمشاريع.

القرار الصادر عن وزارة التربية والتعليم العالي في فلسطين اول امس نقلة نوعية على درب تثوير منهج التربية والتعليم في فلسطين ، وقد قصدنا وضع حرف الثاء مكان  حرف الطاء في كلمة تثوير، لاعتقادنا ان النهضة التي نأمل رؤية مفاعيلها مجسمة على أرض الواقع في دولة فلسطين تبدا فعليا في تثوير التعليم اي التغيير الجذري لمنهج التعليم والتربية  برؤية عقلانية تعتمد سياسة وخطط المراحل !.

سيترك قرار الوزارة لأبنائنا الصغار فرصة أكبر للتفاعل مع محيطهم الاجتماعي ، وهذا ما يدفعنا للاعتقاد ان القرار قد وفر للعائلة  وراسيها الأب والأم فرصة  اعظم للمساهمة في تنمية مقومات الشخصية لدى ابنائهم وتحديدا في مرحلة تكون فيها قدرة الطفل على الاكتساب والتأثر والتفاعل عالية ، مايعني تكامل المدرسة مع العائلة في تنمية شخصية التلميذ عبر دمجه في نشاطات اجتماعية وثقافية ورياضية وعلمية.. وهذا يستدعي حسب تقديرنا بحث آليات للتواصل بين الهيئات التدريسية في المدارس مع اولياء امور التلاميذ في المراحل المستهدفة ، يضمن تكامل  النشاطات المدرسية مع النشاطات خارجها التي ستكون تحت اشراف أولياء الأمور، بما يكفل احترام توجهات الطفل ( التلميذ)  وتعزيزثقته بنفسه وخياراته .

ان عوامل واسباب نجاح او فشل او توقف عملية تطوير مؤسسات الدولة وتثوير مناهجها مرتبطة بمدى رؤية المسؤول رقم واحد  للمستقبل وعمقها ، أوبحجم معرفته وثقافته في التخصص، وكذلك بمستوى الالمام بالمهمة والشجاعة في تحمل  المسؤولية عن التغيير ، وبحجم مشاركة المعنيين  والمسؤولين على تنوع مهامهم  ومراتبهم في الانخراط في منهج العمل المؤسساتي الجمعي ، القائم على تجلي الابداعات الفردية ، وتجسيمها مجتمعة في بنية المؤسسة ، لكم من قال أن عامل الشباب ليس واردا في القائمة ؟! خاصة ان كان ( المسؤول الأول ) مؤمنا بالتجديد ويمتلك خبرة في صناعة الأمل، ويتمتع بحكمة وذكاء تمكنه من خلق الانسجام مابين الأفكار الابداعية وموائمتها مع الواقع لتيسير عملية الانتقال بسلاسة ، ولكن ليس على حساب مواكبة صور التطور والتقدم في دول العالم "

فهمنا للتجديد مطابق الى حد كبير مع فهم الدكتور صبري صيدم وزير التربية والتعليم العالي، فهو القائل بضرورة " التشاركية في اتخاذ القرار" و "  كسر قوالب التقليد "  وازاحتها من " درب مسيرة التطوير التربوي الشاملة ".

جاءت الواجبات المدرسية في المنزل في أدنى درجة من قائمة ( افضل الطرق التعليمية ) حسب بحث  اجراه جون هاتي أستاذ التربية النيوزيلندي على 50 ألف دراسة شملت حوالي 80 مليون تلميذ في العالم.. حسب ما نشرته صحيفة (دي فيلت ) الألمانية، لكن البحث استخلص ان العلاقة الجيدة بين الأستاذ والتلميذ، وتقنيات تعليمية منها القراءة المتكررة كانت من أهم افضل الطرق التعليمية .

راينا تقاريرا تلفزيونية عن التعليم في مدارس ببلدان متقدمة، ارتكزت على مبدأ التعليم باللعب ، وتحديدا للفئات  العمرية التي تحدث عنها وزراتنا ، فالطفل يميل للمرح واللعب والحيوية واكتساب المعرفة وهو في ذروة نشاطه وسعادته .

سنحتاج الى معلمين جدد ليس كموظفين وانما من حيث العقلية والايمان برسالة التعليم باعتبارها الشرط الأساس الذي لابد منه للتحرر والتطور والنمو والتقدم .

سنحتاج الى تقنيات ووسائل وتكنولوجيا تعليم ، وهذا يتطلب اعطاء التربية والتعليم موازنة بحجم رسالتها واهدافها ، فالفلسطيني يقدم تعليم أولاده على صحته وأمنه ورفاهيته، وان كنا ندرك جيدا ان التعليم سيبقى تاثيره دون المستوى المامول بغياب الامن وضعف الصحة البدنية والنفسية ، وعليه فان التوازن والتوازي في هذه المسارات مهمة وطنية شاملة

نحتاج لمسؤولين في موقع القرار يملكون الكفاءة والحكمة والقدرة  والذكاء  والشجاعة لتنفيذ واجباتهم الوطنية في مؤسساتهم ، وان اقتضى الأمر استكمالها في منازلهم ايضا ، يتشاركون بعقول منفتحة مع الآخرين في مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني المسؤولة والأمينة في عملية كسر جليد التقليد وفتح أوسع السبل والطرقات التي توصل الجماهيرالى الحرية والاستقلال ، وفتح طرق وسبل التحرر المؤدية الى النمو والتقدم والازدهار.  

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024