الرئيسة/  مقالات وتحليلات

ماذا إن احتل الصهيوني العرب؟

نشر بتاريخ: 2019-01-06 الساعة: 08:48

بكر أبوبكر لا يمكن أن يكون المبرر أن الفلسطينيين يتعاملون مع الاسرائيليين كحجة لعملية التطبيع المجاني المتسارعة عربيا مع الاسرائيلي.

الفلسطينيون يتعاملون بأشكال مختلفة مع الاحتلال-وان بصدور شامخة وعقل وفعل مقاومة يومي- أشكال فرضتها وقائع الأرض من جهة أي نتيجة القوة العسكرية الغاشمة، وفي شق آخر بالاتفاقيات الموقعة وغير الموقعة سواء تلك الاتفاقيات السارية في غزة او في الضفة.

 هذه الاتفاقيات على جدليتها هي ليست ذات مقارنة مطلقا مع من يمتلك إرادته الحرة كدولة أوشخص أو جماعة، وعليه فان القياس على طريقة تعامل الفلسطينيين مع الاسرائيليين ليست ذات صلة مع وضع أمة العرب.

 قد تصح المقارنة إن اعتبر بعض القادة العرب أنفسهم تحت الاحتلال الصهيوني، وهم بذلك ملزمين بالتنسيق والتعاون لادخال الخضار والفاكهة والحليب، وملزمين بتصدير منتجاتهم اوتلقي الماء والكهرباء وموجات الهواء من الهاتف والاذاعة والتلفزة...الخ، من الاسرائيلي أوبأمره ومعدات البناء والمصانع وتنقل الناس!

 بمعنى آخر أن كل دولة عربية او غير عربية أو شخص أو جماعة تعتبر ذاتها تحت الهيمنة والاحتلال والسطوة الاسرائيلية فهي ملزمة بالامر الواقع التعامل مع الاحتلال،في درجات الى درجة الانسحاق الكلي والاستسلام.

رغم أن فهم التعامل مع الاحتلال القائم في فلسطين، من كل الفلسطينيين مهما اختلفوا سياسيا، لا يعني الارتماء والانسحاق تحت أقدام الاسرائيلي، بل يعني -تعامل نختلف في حدوده وشكله ومواضيعه...الخ- تعامل في ظل الرفض للاحتلال بالمقاومة المتصلة، وبسعي دائم للانفكاك من هيمنته الاستعمارية والفكرية والتاريخية والقانونية، وليس ما يحصل من ارتماء لا يقارن، ارتماء عربي مجاني بلا حدود، أي لدرجة القرف.

لقد اتخذت الجامعة العربية قرارها الشهير باعتماد المبادرة العربية (منذ العام 2002) التي ترفض اي علاقة مع الاحتلال والاستعمار الاسرائيلي (باستثناء دول الطوق) الا بعد انجاز تحقيق الاستقلال الوطني لدولة فلسطين القائمة بالحق الطبيعي والتاريخي والقانوني، وهو ما كرره الرئيس ابومازن  حتى بُحّ صوته بالقول بضرورة تطبيق المبادرة العربية من الألف الى الياء، وليس العكس بمعنى ان الفلسطينيين يستقوون بالظهير العربي الذي يبدو أنه يتشقق وينكسر بسرعة مذهلة.

كثير من الاخبار التي تردنا سواء من الدول الغنية أو الدول الفقيرة في أمتنا العربية تشي بغزل أمني واقتصادي وسياسي، بل وثقافي ورياضي واجتماعي وفكري مع  الاحتلال الصهيوني، بل ورموزه التي نطالب بمحاكمتها دوليا؟!

 الانجرار وراء الوهم الاسرائيلي والتطبيع المجاني هو ما يجعلك تصاب بالتقيوء من أفعال دول تعتبر نفسها مستقلة، ويا ليتها ما كانت مستقلة لالتمسنا لها العذر؟

التساقط العربي الرسمي الطوعي (أم هو جبري؟) في حضن الهيمنة والسيطرة الاسرائيلية التي يظن فيها المتساقطون أنهم يسايرون (موضة) الانصياع للرئيس الامريكي المثير للجدل، والذي واجهناه فلسطينيا بصفعة] لا[ ضخمة ناءت ظهور العرب من حملها، سيكتشفون أن الاسرائيلي سيجردهم من كل أموالهم وملابسهم، فيحتل عقولهم وذائقتهم وعيونهم وأرضهم آجلا أم عاجلا.

ولا تعجبوا أبدا فها هي دولة الاحتلال قد حصرت مخاسرها من تهجيرها ليهود العرب الى فلسطين وستطالب بهذه المبالغ من الأمة، والحبل على الجرار.

 قادة العرب-نحمد الله حتى الآن أن ليس كلهم- وهم بسكرتهم هذه، حين النظر بعيون حب عجيب للاسرائيلي لا يصحون أبدا!

 فمن افترض المصالح الآنية لدولته والخوف على عرشه الأصل والأولوية فهو لا يهمه الا أن يأخذ القرار بقصر نظر ضاربا بعرض الحائط قرارات القمم العربية ومصالح الأمة التي قلبها فلسطين، أو هكذا نحسن الظن دوما بامتنا العربية وشعوبها الأبية كما نحسنه مع احرار العالم.

يلتمس البعض العذر لبعض الدول العربية أن تنساق سوقا كالقطعان الذاهبة للذبح للتطبيع المجاني في المسلخ الاسرائيلي بتطبيق قاعدة من الياء الى الألف أي بشكل مقلوب للمبادرة العربية!

ان نظرنا بعجب واستغراب ورفض للمنطق الرسمي أعلاه للتطبيع العربي المجاني، فمما لا يعذر مطلقا ولا تحت أي مبرر هو أن يقبل انسان عربي او مسلم او مسيحي بحرّ فكره أن يعتقل عقله ويقيده للاستعمارية والعنصرية والاحتلال الصهيوني، وهو يضحك كالأبله تماما!

ما لا نفهمه أبدا أن يؤجر المثقف العربي عقله للاسرائيلي، ويتغنى بالاحتلال فيكتب فيه قصائد المديح؟ فيتبنى روايته وتضليلاته وأكاذيبه التي وعاها الاوربيون، وبدأ بعض المسلمين والعرب بدلا من تعميق وعيهم، بدأ البعض القليل-نتمنى ان يبقى كذلك- يتبناها، وكأنه يقود سفينة فضائية نحو المستقبل! وهو بالحقيقة يتم ركوبه هو من قبل أباليس الأرض.

ان خطوات الانسياق لمسلخ الاحتلال الطوعي أولمسلخ الذبح الصهيوني بالتطبيع المجاني يعني أن هؤلاء الأبعاض من القادة العرب أو بعض المثقفين (!!) يحفرون قبور بلادهم بأيديهم التي ستكون بنفس سياق الاحتلال القائم في فلسطين الا أن كان لاحتلال الأرض والثروات والعقل نكهة ونشوة هي بنفس نكهة استئجار العقول لقيم الاستهلاك الغربي بدلا من الانتاج والصناعة والمبادرة والابداع.

 

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024