الرئيسة/  مقالات وتحليلات

المحكمة الدستورية والانقلاب وجدل التسييس

نشر بتاريخ: 2018-12-24 الساعة: 10:32

بكر أبوبكر أن تعلن المحمكة الدستورية قرار حل المجلس التشريعي، فقرارها كمن جاء متاخرا ولكن أن تأتي متاخرا أفضل من أن لا تأتي، كما يرى الكثيرون، ويجادلون أن المجلس التشريعي قد فقد صفته التشريعية والتمثيلية-خاصة لممثليه من "حماس"- عندما ارتكب جريمة تأييد الانقلاب الدموي على الشعب الفلسطيني من مليشيات "حماس" في غزة.

          وقف  المجلس التشريعي بممثليه من فصيل "حماس" مع من قتلوا وسجنوا وقطعوا الأرجل بما فاق المئات من الضحايا الذين لن تنسى أرواحهم، او أرجلهم المقطوعة هذا الفعل الانقلابي الشنيع الذي قوبل في التشريعي التابع لحماس بالاحتفاء والترحيب.

وكي لا ننكأ الجراح، فلقد سارت عملية المصالحة بين مد وجزر الى أن كان اتفاق 2017 بلا طائل، فجاء القرار للمحكمة الدستورية بحل هذا الكيان الذين لم يشكل الا العبء على الشعب الفلسطيني، فهو بلا عمل ومعطل ومرغوب من قبل حماس أن يظل اسما يعطيها الشرعية الموهومة الى الأبد.

          حاول "الاخوان المسلمين" في مصر تخليد حكمهم الا أن الشعب هناك قد تحرك فأبطل سحر الساحر، وما كان بالمقابل لحركة فتح أن تقابل الانقلاب الدموي لفريق حماس الانقلابي بالمثل أي بالعنف، لأن ذلك ليس من سيرتها فهي تقف أمام الاخ مجردة من السلاح أبدا، فاتحة الصدر للوحدة الوطنية التي يأباها تيار التشدد في "حماس" وتحت ضغط مثلث السيطرة على المنطقة من ايران وتركيا و"اسرائيل".

القرار الذي اتخذته المحكمة الدستورية لأي كان أن يناقشه قانونيا، فيقبله او يرفضه، فمن يقبل "أوسلو" يرفضه، ومن يرفض "أوسلو" يقبله! أم ماذا؟

ومع ذلك له أن يناقشه كما يشاء باحترام، لكن أن يتم حرف الموضوع للتشكيك بالمحكمة كما هو دأب عديد قادة ونواطق "حماس" ثم محاولة الزج باسم الرئيس وكأنه هو من اتخذ القرار! يعتبر من ألاعيب السياسة ومعايبها.

ألاعيب السياسة والساسة هي التي ترفض الانصياع لحكم القانون، تماما كما تم الرفض للانصياع لبرنامج الوحدة الوطنية في المجلس الوطني الفلسطيني والمجلس المركزي-مع ما لنا عليه من ملاحظات- تحت ذرائع وحجج عديدة لا تصمد امام سير القطار، ولا تثبت الا تعملق الفكر العدمي او الفكر الاستئثاري الايديولوجي الذي لا يرى الحق الا في ركابه.

المثير ليس قرار المحكمة الدستورية المتأخر والمختلف عليه، وإنما المثير للجدل هو الاستغلال السياسي لقرار قانوني يدخل في مساحة السجال والاتهام السياسي-الأيديولوجي القذر كما هو الحال مع قناة "حماس" المتخصصة بالفتنة.

          ما نقبله هو الاختلاف حول القرار ومناقشته وصولا للانتخابات والوحدة وهي الهدف، وما لا نقبله هو الكذب على ظهر القرار القانوني او استغلاله للاستعداء السياسي والانسياق وفق اجندات مثلث المنطقة المتحكم برقاب المتشددين بحكم غزة الى الأبد.  

تصور أن يعلن أحد قادة حماس أن القرار هو لتمرير صفقة العصر؟! والرئيس أبومازن هو الوحيد في الأمة، وربما أكثر من ذلك الذي قال]لا[ مدوية لصفقة أو صفعة القرن، ويعمل سياسيا وقانونيا وتاريخيا على تقويض مفاعيل هذه الصفقة التي تتم على الأرض ولا من مقاوم لها الا لسان الرفض والتصدي الوطني والعالمي الذي تقوده الجماهير وقيادة حركة فتح والفصائل الوطنية .

يقول احمد بحر القيادي في "حماس" بما يثير فينا كل الاستغراب في مفتتح مؤتمره الصحفي المثير للجدل في 23/12/2018 :(يستمر محمود عباس في نهجه الهادف الى تصفية القضية الفلسطينية وفتح الباب واسع لدخول صفقة القرن ؟!)

ويقول الرئيس أبومازن قبله بيوم بوضوح: (لن نبيع القدس وستبقى العاصمة الأبدية للشعب الفلسطيني، ونحن صامدون على هذه الأرض ولن نغادرها ولن نتركها حتى تقوم دولتنا الفلسطينية).

كما يقول ما ردده عشرات المرات واثبته بالموقف الصارم: (على صعيد العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية ما زلنا على موقفنا الرافض للحوار والتفاوض مع الإدارة الأميركية باعتبارها طرفا غير نزيه وغير محايد).

فما الذي يدعو أي محايد لتصديق كلمة بحر؟ ورفض كلمة الرئيس وهو الصارخ ب]لا[ بلا تعب وما يثبته بالرواية التاريخية المكررة بكل المحافل، وبالملاحقة القانونية للاسرائيليين عالميا، ودعم المقاومة الشعبية؟

الرئيس محمود عباس نفسه هو من قال بخطابه السالف ماردده كلاما وعمليا عشرات المرات:(موقفنا رافض لصفقة القرن أو صفعة القرن، وقررنا عدم الالتزام بأي تفاهمات مع الإدارة الأميركية بعد تخليها عن التزاماتها)

يقول بحر في مؤتمره الصاخب بغزة: (يطمح عباس من خلال حل المجلس إلى تمرير مخططات ترامب بتصفية القضية الفلسطينية والذهاب إلى مفاوضات جديدة مع الإحتلال وزيادة مستوى التنسيق الأمني والسعي إلى المساس بالمقاومة الفلسطينية وقادتها، وخاصة في قطاع غزة.)؟!

بينما يقول الرئيس أبومازن-وقد فعل ما أكد ذلك- (أنتم تذكرون القرار الذي أخذ مؤخرا في الجمعية العامة عندما تقدمت الولايات المتحدة باعتبار "حماس" حركة إرهابية، نحن لا نقبل على حالنا أن نكون هناك وأن تتهم "حماس" بأنها إرهابية، ما هو رأينا فيها هو موضوع ثان، "حماس" جزء من الشعب الفلسطيني وأنا أقول جزء من الشعب الفلسطيني ولكننا مختلفون معهم).

          الفرق بين اللغتين واضح، فمن يعتبر ذاته هو فقط المقاومة، له أن يراجع اتهاماته للرئيس بالاستبداد كما فعل بحر بكلمته مثبتا تشبثه الأبدي بزهو السلطة، فالاستبداد بالعقل والدين ولاحقا بادعاء احتكار المقاومة كما حاول بحر أن يفعل-ما هو مكرر بملل- هو استبداد أشد مما يتهم به الرجل الرئيس.

لا نرغب بالعودة لعشرات التصريحات المقززة للعديد من قادة حماس خاصة تيار الانفصال النهائي عن فلسطين، وتخليد فكرة الإمارة، ولكن دعونا نمر على ما قاله مشير المصرى أحد نواطق حماس في سياق رفضه لقرار المحكمة الدستورية.

  بعد أن أكد المصري كعادته وامثاله على أن (الرئيس مغتصب للسلطة) يقول بصيغة لا تنم عن أدب الحوار أو الاختلاف أبدا، ولكن ما يتسق مع مئات التصريحات السابقة له وغيره: (ان قرار السيد محمود عباس ومن خلفه المحكمة الدستورية العليا "يبله ويشرب ميته".)

ويضيف باتهام لا سند له : (هو لا يستطيع مواجهة العدو الصهيوني وصفقة القرن، بل يدعي ذلك ادعاء)؟! كيف؟ أتراه لا يعلم من المدعي حقا؟!

 ثم يقرر المصري نتيجة استطلاعاته في مواقع حماس لربما المثيرة للضحك: (ان فتح باتت تمثل اقلية في الساحة الفلسطينية، وهي معزولة وطنيا) ؟! طبعا رغم آلاف التضحيات، وعشرات المواجهات في كل أنحاء فلسطين وخارجها التي لا يراها المصري مطلقا.

وفي إطار تهكمه وسخريته التي لا نقبلها ولن نرد عليها بالمثل، ما هو ليس من اخلاقنا الاسلامية ولا المسيحية ولا الوطنية، يقول: (ليس من المعقول واحد عجوز الى هذه اللحظة متشبث بالكرسي)!

 وكمثل من يشتم والده ولا يخجل ويتمادى، يقول المصري معطيا أوامره لحركة فتح، ونافيا الاعتراف بانقلابه الدموي، ومؤكدا تشبثه بسلطته الأبدية: (على حركة فتح ان تعلن موقفها ان لا تعود الى محاولة الانقلاب على ارادة الشعب الفلسطيني)؟!

 ثم يضيف بشكل استبدادي استئثاري وكانه ملك الصناديق للأبد (ان القائد اسماعيل هنية يمثل اغلبية الشعب الفلسطيني).

 وإذا عرف السبب بطل العجب كما يقول المثل، إذ يكمل المصري كلامه على قناة الميادين في 22/12/2018 بالقول: (لقد اكدنا خلال لقاء لاريجاني-رئيس مجلس الشورى الايراني- على مواصلة الجهود المشتركة في مواجهة صفقة القرن)؟! ونقول: أكّد.

 

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024