الرئيسة/  مقالات وتحليلات

ابو عمار مازال حيا

نشر بتاريخ: 2018-11-06 الساعة: 11:24

عمر حلمي الغول  في الذكرى الرابعة عشر لرحيل الرمز الفلسطيني الأول، ابو عمار تتشابك المشاعر الجياشة على فقده وغيابه مع إشتداد الأزمات والخيبات والتعقيدات، التي يعيشها الشعب العربي الفلسطيني. وإستحضار مواقفه البطولية والشجاعة، التي مرت بها الثورة الفلسطينية المعاصرة والسلطة الوطنية، التي تميز بها عن أقرانه، والتي أضفت عليه سمة الإسطورة، وعملقت شخصيته، ومنحتها طابع الفرادة.

ولا يكفي في ذكرى رحيل القائد الرمز الإختيار البكاء على الأطلال، وإطلاق الصفات الإيجابية عليه، ولما مثله وإمتلكه من خصال تميز بها في قيادة الثورة والمنظمة والسلطة، بل ان الضرورة تملي على الجميع من قادة وكوادر حركة فتح وعموم فصائل العمل الوطني الوقوف في هذة اللحظات بالذات أمام التحديات المنتصبة أمام الشعب والقيادة، ومحاولة الرد عليها، والتصدي لها، والدفاع عن الأهداف والثوابت الوطنية تكريما لروح الشهيد البطل ياسر عرفات وكل الشهاء من القادة والكوادر والمناضلين عموما.

ولعل أول التحديات الواجب تدوينها، يتمثل في أولا إعادة الإعتبار لدور ومكانة حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، وتصليب أداتها التنظيمية، وصقل روح العطاء والبناء الصحيح لبنى الحركة بمستوياتها الهرمية المختلفة بدءا من القيادة وإنتهاءا بالأنصار، وليس بالقواعد الحركية فقط، والعمل على تعظيم وحدتها الداخلية، وعدم ترك الباب مفتوحا على الغارب لكل من هب ودب في صفوفها، وتطهير نفسها من كل الأدران والأمراض العالقة فيها. وفي هذا المقام تستدعي الضرورة التأكيد على مقولة كررتها، وكررها غيري من قادة ونخب الشعب الفلسطيني، مفادها: بمقدار ما تتمكن حركة فتح من إستعادة الروح الوهاجة لمكانتها في قيادة الحركة الوطنية، وتعزيز دورها الريادي في حمل راية المشروع الوطني، بمقدار ما يمكن للحركة الوطنية من النهوض من كبواتها وأزماتها البنيوية العميقة.

ثانيا حماية دور ومكانة منظمة التحرير الفلسطينية، كممثل شرعي ووحيد للشعب العربي الفلسطيني، وتعزيز دور هيئاتها القيادية المختلفة كعنوان أول واساس للتمثيل الفلسطيني. وتكريسها دون سواها كمرجعية أولى لكفاح الشعب التحرري. وعدم القفز عن ذلك، وإعادة ترتيب شؤون البيت الفلسطيني وفق أولوياته القيادية، وإزالة ما علق من شوائب بدور المنظمة بعد التوقيع على إتفاقيات أوسلو، وإنشاء السلطة الوطنية. والعمل على إستقطاب كل القوى الناشئة والفاعلة في الساحة السياسية والكفاحية، وعلى أرضية برنامجها السياسي الوطني الجامع، الذي يشكل القاسم المشترك للكل الفلسطيني.

ثالثا الإرتقاء بعملية الشراكة السياسية مع كل فصائل العمل الوطني، وتعميق هذة العملية من خلال توسيع روح العمل الجمعي الفلسطيني، والإبتعاد عن كل ما يعيقها، أو يؤثر سلبا على دور الآخر الفلسطيني في إتخاذ القرار، أو الموازنات أو المواقع والمسؤوليات في أطر المنظمة، وتعزيز دور الرأي الآخر في العملية التحررية عموما وعلى أرضية الثوابت الناظمة للنضال الوطني.

رابعا رفع سقف الخطاب السياسي والعملية الكفاحية الوطنية  في كل الميادين والحقول بما يعيد الإعتبار للقضية الوطنية. وهنا تملي الضرورة ضخ الدم  الجديد في المواقع  القيادية، ووضع البرامج المتجددة والجديدة وفق رؤية منهجية في روح النضال السياسي والديبلوماسي والشعبي والإقتصادي والثثقافي .. إلخ لإعلاء شأن القضية، وإخراجها من عنق الزجاجة، وكم الأزمات التي تعاني منها.

 خامسا ضرورة رفع الصوت عاليا في المنابر العربية الرسمية، ومطالبة الأشقاء العرب بوقف عملية التطبيع المجانية مع دولة إسرائيل، ورفض إستغلال العملية السياسية الجارية على المسار الفلسطيني الإسرائيلي كمنفذ للتطبيع والتهافت والسقوط المريع من قبل العرب في مستنقع إسرائيل ركيزة الرأسمال المالي الغربي عموما والأميركي خصوصا، وعليه رفض قلب أولويات مبادرة السلام العربية، أو حرفها. ومطالبتهم (العرب) جميعا بالعودة إلى جادة الصواب والعمل بروح قرارات جامعة الدول العربية ذات الصلة بقضية العرب المركزية، لإعادتها لمكانتها المركزية فعلا لا قولا.

سادسا تعزيز الشراكة مع القوى والأحزاب والمجموعات والمنظمات الشعبية العربية الوطنية والقومية والديمقراطية للمساهمة بعودة الروح لحركة التحرر العربية، والسعي للنهوض بها من حالة التعثر، التي تعيشها. لإن نهوض تلك القوى والأحزاب يشكل رافعة جدية للقضية الفلسطينية، ويعطيها الزخم والثقل في الساحات العربية، ويمنح قيادة منظمة التحرير ركائز وقواعد قومية حقيقية في إسناد كفاحها التحرري، والعكس صحيح لحركات التحرر العربية في كل ساحة من الساحات الوطنية.

كل ما تقدم مرتبط بالعلاقة مع دولة الإستعمار الإسرائيلية والإمبرالية الأميركية، ويسمح لقيادة منظمة التحرير من إستعادة عافيتها، ووضع الخطط والبرامج القابلة للتحقق، والإنفكاك عن الإستعمار الإستيطاني، وتصعيد روح المجابهة والتحدي لمشاريعها التآمرية وعلى رأسها صفقة القرن الأميركية، وقانون "الأساس القومية" الإسرائيلي، وأيضا للرد على الإنقلاب في محافظات الجنوب، وتقريب المسافة لطي صفحته السوداء من التاريخ الفلسطيني المعاصر.

في الذكرى الرابعة عشر لرحيل القائد والزعيم الفلسطيني الخالد ابو عمار، نجافي الحقيقة إن لم نؤكد، انه مازال حيا وباقيا فينا وبيننا بما مثله من إسطورة للكفاح الوطني التحرري،  وغيابه في ملكوت الخلود لا يعني مغادرته هواجسنا وهمومنا وآمالنا وأحلامنا، لا بل أن الحقيقة الماثلة والدامغة تقول، انه مع مرور كل يوم في مسيرة الكفاح التحررية، يتضاعف ويتعاظم وجود ياسر عرفات في أوساط الشعب وقواه ونخبه السياسية والثقافية. وفي ذكرى الغياب الأليم ننحنى إجلالا وإكبارا لروحه الطاهرة، ونمجد دوره وعطائه وتراثه الكفاحي، ونؤكد له ولكل الشهداء على الوفاء والإلتزام بمواصلة درب الكفاح حتى تحقيق كامل أهداف شعبنا في الحرية والإستقلال وتقرير المصير والعودة.

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024