الرئيسة/  مقالات وتحليلات

الجزائر صنو فلسطين

نشر بتاريخ: 2018-11-04 الساعة: 05:47

عمر حلمي الغول منذ 1830 والشعب الجزائري الشقيق يواجه الإستعمار الإستيطاني الفرنسي، ولم يستسلم أبدا للمخطط الفرنسي، غير أن المقاومة لم تكن منظمة طيلة عقود من وجود الإستعمار مما أخر إستقلال الجزائر العربية. غير أن القوى السياسية الوطنية والديمقراطية من مختلف التيارات توقفت أمام تجربتها، وراجعت آليات عملها في مطلع الخمسينيات من القرن العشرين، ووحدت قواها في جبهة التحرير الوطني الجزائرية. وفي مطلع نوفمبر/ تشرين ثاني 1954 أعلنت الثورة لتحقيق الأهداف الوطنية وفي مقدمتها نيل الإستقلال وطرد الغزاة الفرنسيين.

كانوا 1200 مجاهداً مع 400 قطعة سلاح خفيفة وبعض القنابل اليدوية، نظموا انفسهم بشكل جيد، وقسموا الجزائر إلى ست مناطق مركزية، كل قسم تولاه قائد وله نواب، وبدأوا مقاومتهم المسلحة ضد الجيش والوجود الفرنسي الكولونيالي. ورغم أن حكومة "منداز فرانس" الإستعمارية شنت حملات إعتقال واسعة طالت المئات من ابناء الشعب الجزائري لكبح جماح الثورة العظيمة، ودفعت بالآلاف من الجنود الفرنسيين إلى الجزائر للقضاء على الثورة، غير انها فشلت فشلا ذريعا، لإن إرادة الشعب الجزائري كانت أقوى وأشد بأسا، وكون الشعب متجذر في أرض وطنه الأم، ولإنه صمم على الإنعتاق من ربقة الإستعمار الفرنسي، وبالإستفادة من العوامل الموضوعية المساعدة، حيث تعاظمت عملية التحرر من الإستعمار القديم بين دول وشعوب العالم الثالث وخاصة في القارتين الأسيوية والأفريقية، وبفضل الدعم غير المحدود من الشعوب العربية والصديقة في العالم بما في ذلك في أوساط الشعب الفرنسي ونخبه الفكرية والثقافية، تمكن الشعب الجزائري العظيم من تحقيق النصر المبين على غلاة المستعمرين الفرنسيين في الثاني من يوليو 1962، أي بعد 132 عاما على وجود الإستعمار الفرنسي في البلاد. وأعلن الجنرال ديغول القبول بحق تقرير المصير للشعب الجزائري.

ثورة المليون ونصف المليون شهيد الجزائرية، كانت عنوانا وشعاعا ونبراسا لكل قوى التحرر في العالم إسوة بالثورة الفيتنامية، التي لعبت دورا مهما في هزيمة الفرنسيين قبل المستعمريين الأميركيين. وكان الشعب العربي الفلسطيني نصيرا قويا ومتلاحما مع أشقائه الأبطال في الجزائر الشقيق، رغم انهم (الفلسطينيون) كانوا يعيشوا ظروف النكبة والتشرد والضياع، غير أنهم لم ينسوا للحظة دورهم بما ملكوا من قوت وأموال التبرع لمساندة أشقاءهم في الجزائر خاصة والدول والشعوب العربية كافة. لإنهم إعتبروا إنتصار الثورة الجزائرية إنتصارا لهم ولقضيتهم وثورتهم.

ولهذا نسجت علاقة عميقة وراسخة بين الشعبين والقيادتين والثورتين الشقيقتين، وكان الحبل السري يربط بينهما في عرى وثيقة لا تنفصم. وترسخ ذلك بعد إستقلال الجزائر بإحتضانها نواة الثورة الفلسطينية، وأمست الساحة الجزائرية قاعدة رئيسية من قواعد الثورة، رغم المسافات الجغرافية البعيدة الفاصلة بين البلدين والشعبين. وقدم الشعب والقيادة الجزائرية الدعم غير المحدود لإشقائه الفلسطينيين من مختلف فصائل الثورة. ومازالت القيادة والشعب الجزائري الشقيق يقدموا حتى الآن الدعم لمنظمة التحرير وسلطتها الوطنية.

كما لم ينس الفلسطينيون يوما مقولة الرئيس الجزائري هواري بومدين "نحن مع فلسطين والثورة الفلسطينية ظالمة أو مظلومة"، وهو ما عكس عمق الروابط الكفاحية والأخوية بين الشعبين الشقيقين. أضف إلى ان الجزائر إحتضنت على أرضها إجتماعات المجلس الوطني الفلسطيني مرات عدة، وقدمت كل أشكال الدعم المادي والسياسي والديبلوماسي والإقتصادي والمعنوي حتى يوم الدنيا هذا.

ولا يمكن لفلسطين وشعبها أن ينسى مباراة كرم القدم بين فريقي البلدين على أرض الجزائر في فبراير من عام 2018، ووقوف الشعب الجزائري الأصيل ومشجعي فريقه الرياضي إلى جانب الفريق الفلسطيني ضد فريق بلادهم. وهي من المفارقات الإستثنائية في عالم الرياضة. وكلنا يعرف حساسية الشعب الجزائري تجاه هزيمة فريقهم أمام أي فريق، حتى لو كان فريقا عربيا آخر. ولكنهم مع فلسطين إرتضوا وقبلوا طواعية هزيمة فريقهم أمام الفريق الفلسطيني. وهو ما يعكس حب الجزائون لفلسطين، وتبنيهم الراسخ والأكيد لقضية العرب المركزية.

وفي الجزائر الشقيق تعلم الآلاف من الطلاب الفلسطينيين، وفتحوا الباب واسعا أمام المعلمين ورجال الأعمال الفلسطينيين دون ضوابط وتعقيدات أهل النظام الرسمي العربي، ومنح الفلسطينيون حقوقا متساوية مع الجزائريين، لا بل أحيانا أكثر. وغض الجزائريون النظر عن الكثير من الأخطاء والمثالب الفلسطينية حرصا على فلسطين وشعبها وثورتها، وإلتزاما ووفاءا تجاه أشقائهم الفلسطينيين.

في يوم إعلان ثورة الجزائر في ذكراها ال 64 يقف الشعب العربي الفلسطيني بكل مكوناته ونخبه وعلى رأسهم قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وقفة حب وتقدير وإعتزاز بالجزائر وثورتة الأبية والرائدة، وينحنوا إجلالا وإكبارا لروح الشهداء كل الشهداء من الشعب العربي الجزائري الشقيق، ويعلنوا إنحيازهم غير المحدود للشعب والقيادة الجزائرية.

 

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024