الرئيسة/  مقالات وتحليلات

حماس تناور، والراعي يتقلى

نشر بتاريخ: 2018-09-30 الساعة: 07:34

عمر حلمي الغول للمرة الألف بعد المائة تؤكد حركة حماس بالممارسة العملية انها ليست معنية بالمصالحة الوطنية، ولا مستعدة لإحداث أي ثغرة إيجابية في هذا المسار الإستراتيجي. وهي في كل لحظة من سيرورة فعلها في الساحة الفلسطينية تعمق خيارها العقائدي، وتنفذ اهداف جماعة الإخوان المسلمين في مواصلة تمزيق وحدة الشعب والوطن، لإن الوحدة الوطنية تتناقض مع أهدافها وأجندتها الإخوانية والإقليمية.

ووصول وفدها بالأمس السبت برئاسة صالح العاروري إلى القاهرة لإجراء حوار مع جهاز المخابرات المصرية، وزيارة الوفد الأمني المصري الإثنين الماضي برئاسة اللواء احمد عبد الخالق لغزة ولقاء إسماعيل هنية، رئيس الحركة وكل أعضاء المكتب السياسي لم يحدث حراكا وتقدما ولونسبي. فبقدر ما أعلنوا أمام عبد الخالق إستعدادهم لتسليم حكومة الوفاق الوطني مهامها في الوزارات والمؤسسات، بقدر ما وضعوا عقدة في المنشار حتى لا تتقدم عربة المصالحة الوطنية، فطالبوا بتشكيل لجنة مصرية للإشراف على القضاء الفلسطيني، كما طالبوا ايضا بتشكيل لجنة منهم ومن فتح للإشراف على سلطة الأراضي، وكلا اللجنتين تمسان بهيبة ودور الحكومة. وطالبوا بتشكيل حكومة وحدة وطنية بعد ثلاثة اشهر قبل سيطرة حكومة الوفاق على مقاليد الأمور. فضلا عن ذلك رفضوا تبني المقدمة السياسية لإتفاق الثاني عشر من إكتوبر 2017، مع ان ذلك يتوافق مع وثيقتهم، التي اصدروها في الثالث من مايو/ أيار 2017، وينسجم مع تصريحات قياداتهم المتكررة بموافقتهم على إقامة دولة على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967. لكن ذريعتهم، انهم لا يريدوا منح صك إعتراف رسمي بذلك للرئيس محمود عباس. 

وكما يلاحظ اي مواطن ومتابع لمسار عملية المصالحة، ان حركة حماس دائما تجد الذرائع الواهية والمفتعلة لوضع العصي في دواليبها، وتعطيل تقدمها. لإنها ليست مصلحة إخوانية. لذا لجأت مجددا لعملية التصعيد المفتعلة على السياج الحدودي، وتقديم ابناء الشعب من الأطفال والشباب قربانا لخيارهم وإمارتهم الإنفصالية مقابل تساوقهم وركضهم في متاهة صفقة القرن الأميركية، التي أخذ الأميركيون انفسهم ينزلون عن شجرتها تدريجيا، لإنه من الصعب تسويقها وتمريرها نتاج صلابة موقف الرئيس ابو مازن وقيادة منظمة التحرير لها، وعدم قبولها من قبل الأمم المتحدة وأقطاب العالم. وبالتالي رهانهم على التصعيد المفتعل تحت عنوان "مسيرات العودة" (التي كانت في البداية وحتى الإسبوع العاشر تخدم الأهداف الوطنية العامة، بعد ذلك باتت تعمل وفق الأجندة الحمساوية الخالصة ) لتقول للإسرائيليين وغيرهم، انها هي صاحبة القول الفصل في التهدئة والتصعيد في آن، وبالتالي تعالوا نتفاوض سويا بعيدا عن قيادة منظمة التحرير. ومن هنا جاءت الحملة، التي خططوا لها لمهاجمة شخص الرئيس ابو مازن، ومحاولة الإساءة لدوره ومكانته كقائد للشعب العربي الفلسطيني، ورمز الوطنية عشية صعوده لمنبر الجمعية العامة ليلقي كلمته أمامها،  التي بدأت يوم الأثنين الموافق الرابع والعشرين من سبتمبر/ ايلول الحالي وتتوج في العاشر من إكتوبر القادم بخطوات تصعيدية لدفع مشروع الإمارة الإخواني للأمام.

كل ذلك لتكسير مجاديف الراعي المصري، الذي يحاول إحداث ثغرة في عملية الإستعصاء، حتى بدا الراعي المصري كالصياد، الذي يتقلى في الشمس الحارقة إنتظارا للعصافير حتى تحط في شباكه. لكن حركة حماس تناور بشكل واضح، فهي لم تقل للأشقاء المصريين لا، ولم تقل نعم، بل قالت لعم، حتى تبقي المشهد ضبابيا، وتحاول ان تلقي تبعات الفشل على الرئيس عباس وقيادة حركة فتح، وتغطي عوراتها بورق توت خريفي ممزق كشف المستور دون مواربة.

وإذا كان الأشقاء المصريون معنيين بتحقيق إختراق جاد، عليهم إلزام حركة حماس دون مواربة أو مداراة بتطبيق إتفاق مايو/ أيار 2011 وتشرين أول/إكتوبر 2017، دون ذلك ستبقى الأمور تراوح مكانها، ولن تتقدم عربة المصالحة مليمترا واحدا. وهذا لن يكون في مصلحة الشعب العربي الفلسطيني، ولا في مصلحة الأمن الوطني المصري، وسيصب بشكل مباشر في خدمة إسرائيل الإستعمارية وأجندة الإخوان المسلمين التفتيتية.

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024