الرئيسة/  مقالات وتحليلات

فلسطين دولة عظمى في الأمم المتحدة

نشر بتاريخ: 2018-09-24 الساعة: 20:08

د.فادي علان جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي ستعقد هذه المرة في نيويورك ستكون استثنائية جداً، لا لأنها ستتطرق لواقع القضية الفلسطينية، ولا لأنها ستخطف أنظار كل سياسي العالم، بل لأنها الجلسة الأولى التي ستكون منذ انهيار الاتحاد السوفيتي جلسة ثنائية القطبية، وستشهد ظهور قطبا سياسيا يقف ندا أمام الهيمنة والغطرسة الأمريكية، التي اعتادت منذ سنين على أن تكون المحتكرة للسيادة على مدى عقود من الزمن. المفارقة الغريبة أن هذا القطب الجديد هو فلسطين، هذه الدولة التي لا تمتلك ترسانة عسكرية، ولا اقتصاداً عظيماً أو نفوذاً مالياً، بل تمتلك إرادة شعب وعزيمة مستمدة من حرص شديد على الثبات على كل الثوابت المقدسة.

الإدارة الأمريكية تدرك أنها أمام خصم قادر على قول ألف لا لمخططاتها ومشاريعها وصفقاتها، فالذي سيعتلي منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة في السابع والعشرين من هذا الشهر هو الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي عارض بكل اصرار أكثر من عشر مرات قرارات الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت تنحاز لكيان الاحتلال الصهيوني وتسعى لتصفية القضية الفلسطينية.

فعندما فازت حركة حماس بأغلبية انتخابات المجلس التشريعي بانتخابات 2006، قام الرئيس بتكليف قيادة حماس لتشكيل الحكومة الأولى لهم بالرغم من معارضة وتهديد الرئيس الأمريكي جورج بوش، وكذلك الأمر عند تشكيل حكومة الوحدة الوطنية عام 2007، وعند توقيع وثائق المصالحة الفلسطينية بين الأحزاب الفلسطينية، وتوالت "لاءات" القيادة الفلسطينية للسياسات الأمريكية في الأعوام المتعاقبة لكل ما يمس حقوق الشعب الفلسطيني، ويبيح الممارسات الاحتلالية القمعية على كل من قطاع غزة وسكانه، والقدس ومقدساتها المسيحية والإسلامية، ويشجع على الاستيطان في أراضي الضفة الغربية، لتصل ذروة الممانعة الفلسطينية لإعلان وقف المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي بسبب تكثيف الاستيطان وعدم الافراج عن الدفعة الرابعة من أسرى ما قبل أوسلو، ورفض الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية رغم كل محاولات الاقناع الأمريكية.
وعند تقدم الفلسطينيون بطلب عضوية كاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة بدأت أمريكا تحاول بكل وسائل التهديد والترغيب لاستقطاب الحلفاء لمناهضة هذا المشروع، واستخدمت حق النقد "الفيتو" لإبطاله، الا أنها فوجئت أن العالم بدأ ينحاز لهذه القوة الأخلاقية الجديدة، وساندت غالبيةُ دول العالم فلسطين لتحصل على صفة دولة غير عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ومنذ استلام دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة، والذي أعلن صراحة انحيازه التام للاحتلال الإسرائيلي وبدأ بطرح الخطط والبرامج الهادفة لتصفية قضية الفلسطينيين، أعلن الفلسطينيون شجبهم واستنكارهم لنقل السفارة الإسرائيلية الى القدس، وقدموا أرواحهم في سبيل الدفاع عن عاصمتهم المقدسة، لتعلن القيادة الفلسطينية مقاطعة الولايات المتحدة الامريكية ورفض استقبال دبلوماسييهم وبعثاتهم، بل ورفض اعتبار الولايات المتحدة وسيطا لأي عملية تفاوضية مقبلة. وعند اعلان الرئيس الأمريكي عزمه ابرام صفقة كبيرة تنهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، تنبهت القيادة الفلسطينية للأهداف الخفية التي سعت إدارة البيت الأبيض تنفيذها من خلال "صفقة القرن" وكانت أول من حارب هذا المشروع وعملت على افشاله، وظلت عازمة على الانضمام إلى المعاهدات والاتفاقيات والمنظمات الدولية، مما اجبر دونالد ترامب إعلانه تأجيل هذه الصفقة.

هذه المواقف كلها تجبرنا على التكاتف على قلب رجل واحد، أفراد ومؤسسات وأحزاب، خلف الرئيس الذي سيقف مرة أخرى نِدا للغطرسة الاستبدادية، والذي سيحمل كل فلسطين في قلبه، وسيصدح في هذا المنبر الدولي باسم كل أطفال وشباب ورجال ونساء فلسطين، بل وباسم كل أحرار العالم ليقول أن فلسطين فيها شعب يستحق الحياة بكرامة.

sab

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024