الرئيسة/  مقالات وتحليلات

جيش يخاف امرأة

نشر بتاريخ: 2018-07-24 الساعة: 11:30

د. خالد معالي منظر يقطع القلوب ويوجعها حتى لأشد القلوب قساوة، صور اعتقال امرأة فلسطينية لمجرد انها تكتب ما يجول في خاطرها، وتنتزع من بين اطفالها الصغار وتودعهم بالدموع امام الكاميرات، مع ساعات الفجر الاولى في عز النوم والراحة، انها الكاتبة الفلسطينية لمى خاطر من الخليل التي اعتقلت فجر اليوم الثلاثاء 2472018 .

لو ان امرأة "اسرائيلية" اعتقلت لتعبيرها عن حرية رأيها، لثارت دولة الاحتلال، ولجابت صورها دول العالم كافة، ولصار الحديث عن همجية وبربرية العرب والفلسطينيين حديث الساعة في كافة وسائل الاعلام في مختلف دول العالم.

قد يظن المرء ان خبر اعتقال امرأة وكاتبة صحفية لا يتم الا في بلاد العرب، حيث الدكتاتورية والاستبداد والتعذيب حتى الموت؛ هو خبر عادي في هذه البلاد، لكن ان يتم في كيان مصطنع اقيم بقوة السلاح والارهاب وبزعم انه واحة الديمقراطية وحقوق الانسان وسط غابة من الوحوش العرب؛ فهنا تتجلى وتنكشف حقيقة هذا الكيان بكل تجلياتها دون رتوش، ليكون اما انه تعلم من انظمة العرب الوحشية، او يكون سبقها بسنين ضوئية منذ زمن.

في كل محفل دولي يسارع "نتنياهو" للقول والتصريح ان جيشه الاكثر اخلاقية في العالم، وانه يلتزم بحقوق الانسان، وان كيانه تجري فيه انتخابات ديمقراطية بسلاسة ورتابة في الوقت الذي فيه 22 دولة عربية لا تجري فيها هذه الانتخابات بحرية وشفافية كما تجري في كيانه، وان حقوق الانسان لها الاولوية في كيانه، كذبا وزورا وبهتانا.

أظهرت صورة خلال اعتقال الكاتبة لمى خاطر، من داخل بيتها احتضانها لولدها الصغير "يحيى" قبل اقتيادها من مجموعة كبيرة من جنود الاحتلال المدجّجين بالسلاح، إلى مكان مجهول للتحقيق والذي قد يصاحبه عادة التعذيب والشبح والضرب.

كل يوم تقريبا توجد حملة اعتقالات في مختلف مخيمات وقرى ومدن الضفة  الغربية، حيث قتل الاحتلال بدم بارد يوم الاثنين 2372018 الطفل اركان خمسة عشر عاما من مخيم الدهيشة، خلال حملة اعتقالات في المخيم، فلا الاطفال ولا النساء ولا الرجال ولا الشيوخ يسلموا من قتل واعتقال وبطش الاحتلال .

يريد الاحتلال ان يوصل رسالة لكل كاتب صحفي او حتى صحفي عادي ان مصيره الاعتقال ان كتب ما يجول بخاطره او كتب  عن جرائم الاحتلال، يريد ان يسكت القلم الفلسطيني ويمنع الضحية من كشف اجرام ظالمها.

كل جريمة الأسيرة لمى خاطر انها محللة سياسية وإعلامية وكاتبة في مجالي الأدب والسياسة في عدد من الصحف ومواقع الإنترنت، وهي من مواليد مدينة رام الله، وتشتهر بكتاباتها المؤيدة للمقاومة الفلسطينية.

ما تكتبه لمى خاطر هو ما يراه كل فلسطيني كل يوم من جرائم الاحتلال، إلا ان الاحتلال لا يروق له ان يكتب الفلسطيني ما يراه ويشاهده لتبقى جرائمه طي الكتمان، خشية فضحه امام العالم اجمع.

كنت قد اعتقلت شخصيا عدة مرات لدى الاحتلال، كان آخرها لمجرد الكتابة على ال"فيسبوك"، وهو ما رسخ لدي فكرة قرب زوال دولة الاحتلال رغم قوتها الظاهرة، فمن يخشى من صحفي وكتاباته وكاتبة صحفية عمره قصير.

في كل الأحوال من خسر بعملية الاعتقال هو الاحتلال، فاعتقال صحفيين او كتاب ومحللين سياسيين يخالف القانون الدولي الانساني وما تعارفت عليه البشرية من حرية رأي وتعبير، وهذا ان دل فإنما يدل على ان دولة الاحتلال مأزومة، وبات يخنقها كتابة مقال صحفي عن ممارساته في الضفة الغربية.

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024