الرئيسة/  مقالات وتحليلات

الشعارات السياسية الضيقة بين "البرطعة" والغباش!

نشر بتاريخ: 2018-07-02 الساعة: 10:56

بكر أبوبكر الناظر لحجم الحراك الفلسطيني في الوطن يراه مترددا بين تحديد الأولويات والالحاح على تحقيقها وبين تاجيلها لغرض انتهازي، بين تغليب المصلحة الآجلة المقدسة مقابل العاجلة الدنيوية! فلسطين ام أنا؟

هنا تظهر جليا -خاصة في الفترة الاخيرة حيث شهدنا صراع المسيرات والمظاهرات في الضفة وغزة- التغليبات للمظاهر الحزبية العصبوية على تلك الوطنية العربية العامة، اوالشاملة، بمعنى أن المحرك العام او المحرك الجامع للفكرة والجماهير لم يعد جامعا مشتركا قادرا على التحفيز والدفع باتجاه إحداث الفعل، بل أصبحت الحرتقات والحزازات والعصبويات الضيقة هي الأقدر على التحريك؟!

تجد للشعارات الضيقة أو القصيرة من المنظرين والمستفيدين من مدوا أيديهم قطعا للمحاور الاقليمية، أو ممن نظروا بخيلاء لأنفسهم وعروشهم الوهمية، وتجد أيضا ممن ينفذون الاجندات عبر بعض المؤسسات غير الحكومية التي لا تعمل لفلسطين أبدا.

أصبحت الشتائم واللعن والطعونات والشعارات الضيقة والحزبية الاستئثارية هي الأقدر على حصد الاعجابات على وسائل التواصل الاجتماعي؟ وفي المقابل القادرة على حشد الجماهير التي اتخمت بالشعارات الحزبية والعصبوية الضيقة التي تجزيء الوطن و"تشرشح" الشعارات وتهين الفكرة الجامعة عبر تقليصها ودفعها للخلف كثيرا

الناظر للنضال الفلسطيني سيفاجأ كثيرا عندما يجد من ينظّرون اليوم للمقاومة العسكرية كانوا بالامس يحاربون أصحابها ويتهمنونهم بانهم ماتوا فطيسا وليسوا شهداء!

ونفاجأ بالشهداء القدامى قد أولوا اهتماما لاستمرار المقاومة الشعبية، فناطحهم عليها شاتمو الشهداء بعد أن جربوا العمل العسكري متاخرين واقتنعوا عبر معاداة السابقين أنهم وإن ساروا طويلا على دربهم الا أن الرؤية للسابقين هي الاوضح فلم يجدوا من اللحاق بهم بدا.

لا تعترف الكثير من قيادات الفصائل السياسية او المنظمات غير الحكومية بالأخطاء بل تنمق الاقوال لتنفي عن ذاتها الخطأ وكان الفضيلة بالاعتراف عار؟

ولا تعترف الكثير من تلك القيادات بفضل الأسبق او الاحدث، وكأن التاريخ يقف عند هذا اوذاك من الأشخاص أو الجماعات، رافضين تراكمية النضال التي جمعت ياسر عرفات مع احمد ياسين، وجمعت جورج حبش مع صلاح خلف، وجمعت الرنتيسي مع خالد الحسن، ولم تنسَ فتحي الشقاقي أوأبوعلي مصطفى وزملائهم، كما كان فيها ولها ثقل الاحترام لنضالات الثورة الجزائرية والتونسية الشعبية والمصرية وثورات العالم

يجد المثابر على النظر في الوضع الفلسطيني المتردي ان فئة الانتهازيين والمتسلقين في غالب التنظيمات الفلسطينية تعتاش على الشعارات القصيرة.

 يجد المثابر على النظر في الوضع الفلسطيني المتردي ان فئة الانتهازيين والمتسلقين "يبرطعون" بين الشعارات الحزبية الضيقة المنافذ، والحزبية الاستئثارية تلك التي تحافظ على الكراسي والعروش الخلّبية، واحيانا على الشعارات الكبيرة التي تخلب الأنظار وتحرف الأنظار عن الحقيقة وتوجهها للاقتتال والفتنة والاشتباك الداخلي فقط، كما كان من انقلاب العام 2007.

لا أحد يفهم كيف تعلو شعارات -مهما كانت أهميتها وضرورتها في مرحلة او زمن محدد- على شعار فلسطين أولا مثلا، او عدونا الأوحد هو الاحتلال، او على شعار الوحدة الوطنية، او على شعار التوحد حول القدس، أو على شعار اسقاط صفقة القرن؟ إلا أن كان النفس الحزبي المقيت أو النفس الخارجي المصلحي قد بث سمومه في وعي "قيادات" الجماهير وحينها نفهم!

ان كانت حركة التحرير الوطني الفلسطيني- فتح قد بدأت العمل العسكري وسارت فيه بقوة، ثم مازجته مع السياسي في رؤية المرحلية، الى أن تبنت المقاومة الشعبية، فإنها لم تخلُ من صف الانتهازيين أبدا قصيري النفس والنظر، والذين نجد في مقاومتهم وتحييدهم صراعا واجبا علينا لن نتخلى عنه.

حركة فتح بلا جدال أفردت كل المساحة للجماهير دون تمييز عصبوي نجده اليوم عند بعض الفصائل، والى ذلك فتحت ومازالت مساحة واسعة للامة لتكون جزءا من فلسطين في بناء الهوية الوطنية الفلسطينية ضمن أفق حضارتنا العربية الاسلامية، بالاسهامات المسيحية الشرقية فينا.

تمثلت صياغة الفكر الفتحوي بالسير بشتى الوسائل-وإثر صراعات طويلة- على درب التحرير والنضال والكفاح، ولم تلهي قاعدة الحركة الصلبة فيها تراكم النباتات المتسلقة أبدا.

 المفاجيء للكثيرين والصادم للبعض فيهم رغم كل ما يصوبونه من سهام ضد حركة فتح اليوم، هو أنها تظل صامدة تتنفس النسمات النقية لأنهم قد لا يعلمون أن رئة حركة فتح اليمنى هي فلسطين وتلك اليسرى هي الأمة ولا تعيش الا بهما معا.

المصدومون من أن الفكرة الفتحوية الوطنية النضالية خالدة الى الدرجة التي أصبحت عامة وشمولية يرون اليوم أن الفصائل طُرّا تلك التي نحترمها، وتلك منها ذات الرؤية القصيرة والشعارات الكبيرة قد لحقت برؤية حركة فتح! ومنهج عملها وفكرها الجامع.

 لك أن تقول ما تشاء، ولك أن تغضب ولك ان تختلف معنا، ولكنك لن تستطيع أن تغمض عينيك عن الانجازات النضالية الفتحوية في فلسطين وخارجها، وان أردت عدّادا للانجازات فلك ذلك، وأسال العم "جوجل" فقد يدلك لعدد من المواقع الامينة، وحتى ان لم تكن تراها، فإنك لاتستطيع أن تحرف نظرك عن الكوفية أبدا وصاحبها وصحبه.

 لك أن تدرك أن ما كان في وقت من الأوقات يمثل الجوامع المشتركة للفلسطينيين، ونقضته "حماس" ورفضته وقاتلته طويلا، قد عاد ليكون كذلك! أي جوامع مشتركة.

ان الاجماع على الاستقلال الوطني لدولة فلسطين، والاجماع على المقاومة الشعبية، والاجماع على وحدة الدم والسلاح والقيادة والتمثيل-وان كفكرة، والاجماع على فلسطين لنا كل فلسطين لنا مهما كان حجم الدولة المنشودة مقابل الدولة الاخرى القائمة في فلسطين يمثل جوامعا وشوامل كان الأجدر أن تكون عامل الربط والتوحد وعامل التحفيز ووقود أو لهيب الثورة المستمرة ضد الاحتلال الذي يُجمع الفلسطينيون بفصائلهم المتفتتة أيضا على أنه العدو الرئيس! إلا من أبى فسقط بالوحل أكان من يمين ام يسار. 

ان حجم الاجماع الفلسطيني على رفض "صفقة القرن" المبهمة التفاصيل والواضحة السياق يجعل الحليم حيرانا؟

إذ كيف لشعب يرفض بكل فصائله ما يسمى "صفقة القرن" أو صفعتها التي أذلها الرئيس ابومازن قبل أن تطل برأسها كافعى سامة، وتصبح مرفوضة من الجميع، كيف لهكذا شعب -او بالاحرى فصائل- لا يستطيع أن يتحد ويجمد الخلافات الحزبية الضيقة ليتصدى للطوفان الذي سيأخذ القضية والتنظيمات والاحزاب بتعصباتها المقيتة سيأخذها الى الهاوية؟!

 كيف ذلك؟ وكيف لهذا التشرذم أن يُمأسس؟ وهم يرون الدمار المحيط بفلسطين والقدس قدس الأمة حين استسلمت الأمة لرياح الطائفية والظلامية والاستبداد فلم تعد تملك من امرها الى الانصياع أمام المحاور في المنطقة، وليس للامة العربية محور يعتد به ؟

لم تنظر غالب التنظيمات الفلسطينية أبعد من أنفها، وفيها أو معها كل القطاعات الانتهازية والمتسلقة هنا وهناك، فهي إذ تستطيع أن تجمع المئات ليتظاهروا ضد حركة فتح أو ضد السلطة أو ضد حماس تقف بالمقابل عاجزة ومكبلة وربما متواطئة مع الغباش والغباء واللزوجة حين يكون الجامع الاكبر هو المطلوب.

 لا يخرج من يعبر عن رفض صفقة القرن الا البضعة القليلة والقلة الخجولة،وتجد من الصرخات ضد القيادة الفلسطينية –التي نتفق ونختلف معها-ما هو أعلى من الصرخات ضد القيادة الصهيونية التي تحتل فلسطين وتستبيح العالم العربي؟!

 انك تجد من التهوين والتهميش والتضعيف للشعارات الجامعة من تحركه أطماعه الحزبية فقط وكأن العين لا ترى والقلب قد جفت فيه دماء الثورة والجسد قد خار، أوفعلت فيه المطامع فعلها.

 

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024