الرئيسة/  مقالات وتحليلات

محمد سعد الرازم (فتحي البحرية)

نشر بتاريخ: 2017-09-05 الساعة: 13:05

بقلم عرابي كلوب (مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا ‏بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) ‏صدق الله العظيم. صباح هذا اليوم الثلاثاء الموافق 05/09/2017م، ترجل فارس من فرسان حركة فتح وقواتها ‏العاصفة، بعد مسيرة طويلة من العطاء والبذل والعمل، واحداً من خيرة رجالها، ابناً باراً من أبناء ‏فلسطين الذين نذروا أنفسهم من أجل الوطن والشعب والقضية، ترجل ليلتحق بكوكبة الشهداء وعلى ‏رأسهم الشهيد الرمز/ ياسر عرفات، أنه اللواء/ محمد سعد عبد الجليل الرازم (فتحي أبو جهاد البحرية) ‏والتي فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها بعد صراع طويل مع المرض اللعين، حيث كان خلال الأيام ‏الماضية يعالج في المستشفى في دبي ودخل في غيبوبة.‏
اللواء/ محمد سعد عبد الجليل الرازم من مواليد مدينة الخليل بتاريخ 14/01/1947م، ترعرع ونشأ ‏وأنهى دراسته الأساسية والاعدادية والثانوية في مدارسها.‏
بعد هزيمة حزيران عام 1967م، التحق بحركة فتح بتاريخ 01/01/1968م حيث عاش في قواعد ‏الثورة بالأردن ومن ثم التحق بمرافقي القائد العام الشهيد/ أبو عمار حيث أصبح فيما بعد كبير ‏مرافقي الشهيد/ أبو عمار، كان لأكثر من خمسة وثلاثون عاماً ظلاً لأبي عمار في حله وترحاله ‏وفي كافة المواقع والمعارك التي خاضتها الثورة الفلسطينية، كان الحريص اليقظ، الذكي اللماح لكل ‏شاردة وواردة مع أبو عمار ظل أمين أسراره وأسرار الثورة الفلسطينية وكل قيادتها، فتحي البحرية هو ‏كنز وبئر للحقائق الكثيرة والوثائق الخطيرة والوقائع المثيرة لكل أعضاء القيادة الفلسطينية.‏
اجتاز فتحي دورة الصين عام 1971م وكذلك بعض الدورات الأمنية المتخصصة في بعض الدول ‏الصديقة (ألمانيا الشرقية، تشيكوسلوفاكيا).‏
عين فتحي نائباً لقائد القوة البحرية نهاية عام 1986م وذلك بعد استشهاد العميد/ منذر أبو غزالة ‏حيث كان مقره في الحديدة باليمن.‏
أنتخب فتحي عضواً في المجلس الثوري لحركة فتح في المؤتمر الخامس الذي عقد في تونس بشهر ‏أغسطس عام 1989م، وكذلك المؤتمر السادس الذي عقد في مدينة بيت لحم عام 2009م.‏
اللواء/ فتحي البحرية أبو جهاد من النواة الصلبة التي ستظل على الدوام عصية على الوصف، حياة ‏حافلة بالنضال والانجازات وهو من الذين شبوا على قيم المقاومة والشهامة والمروءة، وفي الطريق ‏الصعب عاش مع أبو عمار بالبر والبحر والجو، حمل البندقية النظيفة وكان متراساً حول الرئيس/ ‏أبو عمار.‏
عندما سقطت طائرة الرئيس أبو عمار في صحراء السارة كان فتحي معه في الطائرة وكان حريصاً ‏على أن لا يمس أبو عمار أي أذى، وقد أصيب في تلك الحادثة.‏
لقد أقترن أسم فتحي مع الشهيد الرمز/ أبو عمار، وكان شاهداً على مسيرة الثورة الطويلة، وكان ‏كبير مرافقي الرئيس على مدار سنوات طويلة من المنعطفات والنجاحات والأسرار، خاض غمار ‏البحر وأسراره ومغامراته المدروسة وكان على الدوام شاهداً عند أبو عمار، فهو صاحب التاريخ ‏المشرف والمحترم، والمناضل الخلوق.‏
عاد فتحي إلى أرض الوطن عام 1994م بعد عودة قيادة المنظمة وقواتها من الخارج.‏
كان فتحي الرازم ظل القائد العام الذي أحبه كل العالم، لقد أحبه كل من كان معه ومن لم يكن معه، ‏ان نبل فتحي وصمته الثوري قلما تجده في إنسان آخر، رجل كان يسمع فقط ولا يتكلم، فتحي رمز ‏الرجولة والوطنية والشهامة والوفاء للصغير والكبير، فهو المؤتمن على أسرار القائد العام، فتحي ‏الأمين، عمل بصمت واحترم كل المناضلين الصادقين، ووقف معهم دائماً، عفيف اللسان، نظيف ‏الكف.‏
غادر فتحي أرض الوطن عام 2003م أي قبل استشهاد الرئيس/ ياسر عرفات، حيث أتهم من قبل ‏السلطات الاسرائيلية بأن ثمة علاقة مباشرة له مع سفينة (كارين إي) والتي تم مصادرتها في عرض ‏البحر من قبل البحرية الاسرائيلية وهي تحمل أسلحة.‏
أحيل اللواء/ فتحي إلى التقاعد بتاريخ 09/02/2008م.‏
رفض اللواء/ فتحي أبو جهاد نشر مذكراته حيث عرض عليه ملايين الدولارات، لا أحد منا يستطيع ‏أن ينسى الرجل المحترم والقائد الفتحاوي رفيق أبو عمار وكاتم أسراره وأخر من يراه قبل أن ينام، ‏فتحي أبو جهاد كان الأقرب إلى أبو عمار.‏
لقد كان فتحي أحد أبواب أبو عمار وعندما كان بعض القادة يودون لقاء أبو عمار فكان هو مفتاح ‏هذا اللقاء، مع أن كل شبل ورجل وشاب في حركة فتح ‏يعرف من هو فتحي البحرية.‏
هو رجل من رجال فتح الشرفاء والأمناء الذين لن يتكرروا، فتحي جزء أصيل من الحالة النضالية ‏الفلسطينية منذ نعومة أظافره، لا عجب فهو الصادق الصدوق الأمين المؤتمن على حياة وأسرار ‏زعيم الثورة الفلسطينية ياسر عرفات، ولهذا كسب ود واحترام الجميع بجدارة.‏
لقد كان حريصاً على مد جسور المودة والمحبة والاحترام بين كل ضباطه، ولهذا كسب قلوب كل ‏من عملوا معه وتحت أمرته ولم يشعروا يوماً أنه كان يفرق بينهم.‏
لقد ظل أميناً على العهد وفياً للوطن مناضلاً وقائداً رمزاً للإخلاص والتفاني والعمل من أجل القضية ‏التي آمن بها وبقى ثابتاً على مبادئه التي آمن بها.‏
لقد كان فتحي صاحب الأخلاق الراقية والجندي المجهول الذي أفنى حياته من أجل وطنه وشعبه.‏
وأخيراً ترجل الفارس، رجل المهمات الصعبة، أعطي كل ما يملك عندما بخل الكثيرون.‏
كان لابد من راحة أبدية لذلك الجسد المنهك، أرتقى فتحي إلى جوار ربه بعد صراع طويل مع ‏المرض اللعين.‏
رحل فتحي أبو جهاد بدون ضجيج، كما عاش دون استعراض وتعالِ.‏
رحل الفدائي الشجاع، المقاتل الشرس، طيب القلب الخلوق الكتوم، الصادق.‏
هذا وسيتم نقل جثمانه الطاهر إلى الأردن ليواري الثرى في مثواه الأخير.‏
ستبقى ذكراك أيها الصديق خالدة ومحفورة في قلوبنا وعقولنا، فأنت الصادق قولاً وفعلاً، كنت صادق ‏الانتماء بالفعل والعمل، رحلت جسداً ولم ترحل من الذاكرة الوطنية، فأنت باق في قلب ووجدان كل ‏مناضل.‏
وداعاً يا أشجع الرجال والفرسان في زمن عز فيه الرجال ورحل عنه الفرسان، وداعاً أيها الفدائي ‏الشجاع صاحب العطاء والصدق والشرف والرجولة، رحلت شريفاً عفيفاً طاهراً نقياً صادقاً.‏
وداعاً صديقي وداعاً يا أغلى الرجال، وداعاً يا ابن فتح ابن الزمن الجميل وإلى جنات الخلد أيها ‏الحبيب.‏
أبو جهاد، يا ابن فتح، أيها البطل العملاق، لقد بكت عيوني دمعاً عليك، وبكي قلبي ألماً وحسرة ‏على فراقك أيها الحبيب.‏
رحم الله اللواء/ محمد سعد الرازم (فتحي البحرية) وأسكنه فسيح جناته

 

far

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024