الرئيسة/  مقالات وتحليلات

السلام حرية.. والاحتلال لن يكون الحل

نشر بتاريخ: 2018-03-18 الساعة: 10:50

موفق مطر نشرت وسائل اعلام اسرائيلية بعض نتائج تحقيقات الشاباك حول عملية دهس جنود الاحتلال قرب جنين واللافت هنا أن الشاب الفلسطيني غير مؤطر سياسيا، أي أنه لاينتمي لتنظيم أو فصيل، ولم يخطط للهجوم، وقد قرر تنفيذ العملية في اللحظة التي لاحت فيها فرصة نجاح الهجوم الجنود .
مايجب على قادة الاحتلال استخلاصه أن المواطن الفلسطيني تواق للحرية والاستقلال، وأنه لايحتاج إلى تعبئة وطنية أو سياسية حتى يدفعه مشهد جرائم قوات الاحتلال والمستعمرين للتعبير عن رفضه المطلق للاحتلال والاستعمار الاستيطاني الاسرائيلي، ذلك أن الروح الوطنية للانسان، متلازمة مع روحه الطبيعية، ومتطابقة إلى درجة الكمال .
يروج المسؤولون في حكومة الاحتلال الحلول الاقتصادية كبديل عن الحلول السياسية، ويحاولون إقناع العالم بأن مشكلة الفلسطينيين إنسانية مرتبطة برغيف الخبز، والرفاهية، لكن الأسير المحرر علاء قبها كأحدث نموذج قد حطم الصورة التي يصممها ويرسمها وينشرها رأس الهرم السياسي والأمني في دولة الاحتلال (اسرائيل) في فضاء الرأي العام العالمي، وأرسلها ككومة الى مكب نفاياتهم، ليس الصلبة والعضوية وحسب، بل التزييف والخداع  والكذب، حتى طغت رائحتها النتنة على فضاء المنظومة السياسية والأمنية والعسكرية لهذه الدولة الخارجة على قوانين وقيم ومواثيق المجتمع الدولي.. فقد جاء في المسرب من التحقيقات– حسب وسائل اعلام اسرائيلية- إن المواطن الفلسطيني(قبها) الذي هاجم الجنود وقتل ضابطا وجنديا، فيما جنديين في حال الخطر، ميسور الحال، وإن سيارة الجيب التي كان يقودها ساعة الهجوم حديثة وغالية الثمن .

لو قرأنا السجل الشخصي لأفراد الخلية الأولى لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح الذين أطلقوا الثورة الفلسطينية قبل 53 عاما، لاستنتجنا إنهم ماكانوا فقراء، وعانوا مع عائلاتهم في السنوات التي تلت النكبة في العام 1948، ودرسوا ونالوا شهادات جامعية، وعملوا في مهن ذات دخل عال، ولم ينقصهم ليعيشوا رفاهية الشباب كأقرانهم العرب وفي العالم أيضا إلا أمر واحد، الحرية التي لايمكن أن تكون بكمالها وتمامها وبأبهى صورها إلا في الوطن، في فلسطين.
يتوجب على قادة شاباك الاحتلال وجيش ليبرمان، ومعهم الدائرين في فلك سياسة الاحتلال والاستعمار الاستيطاني العنصري أن طرح الرئيس أبو مازن، ومعه القيادة الفلسطينية لمبادرة السلام لم يكن وليد ضعف، وإنما نتيجة ايمان بقدرات هذا الشعب وبتجاربه، وابداعاته النضالية الخلاقة، وإن الحرص على حياة عزيزة كريمة للفلسطينيين، يعيشونها أحرارا في دولتهم المستقلة ذات السيادة وعاصمتها الأبدية القدس الشرقية، في كنف سلام واستقرار وازدهار، هو وليد رؤية عقلانية حكيمة لحقن الدماء وتسييد مبدأ الاقرار بالحقوق التاريخية والطبيعية،  كما يتوجب عليهم الادراك بأن الفرص التاريخية لاتأت تباعا، وإن الاتجاه نحو ممر السلام يحتاج إلى رؤية انسانية ونبل وشجاعة أخلاقية ، لاتتوفر في صناديق ترسانة أسلحة المحتلين والمستعمرين !!.
اتخذت  قيادة حركة التحرر الوطنية الفلسطينية السلام كاستراتيجية، وهيأت كل مقومات رفعه كثقافة لدى الجماهير الفلسطينية، وحرصت على اتخاذه منهجا حياتيا وسياسيا، لكن هذه القيادة التي شهد قادة العالم على تعاملها بإخلاص ومصداقية لم تفكر للحظة بأن السلام يعني الاستسلام، وكل مناضل فلسطيني أيا كان موقعه في الهرم السياسي سيقاوم المفهوم الاسرائيلي للسلام، الذي بات معلوما للعالم أنه الاحتلال الاستعماري المتوحش، الجريمة ضد الانسانية، نقيض الحقوق والحرية.

نعتقد أن الاسرائيليين المعنيين بالسلام يدركون ويلمسون قبل غيرهم في المجتمع الاسرائيلي تطلع  الشعب الفلسطيني وقيادته نحو السلام، ويعرفون أن المستحيل بالنسبة إلينا هو قبول الاستسلام للاحتلال والاستيطان الإستعماري، أو فرض حل لايلبي طموحات الشعب الفلسطيني، باستعادة بعض حقوقه التاريخية والطبيعية في وطنه، وعليه فان جمهور السلام في اسرائيل يتوجب عليه اقناع جمهور الحرب بأن الاحتلال والاستيطان الإستعماري لن يكون الحل.. وأن الرفاهية وبحبوحة العيش لاتغنينا عن الحرية والاستقلال .

 

far

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024