الرئيسة/  ثقافة

"الحرب والرغبة" لبشار الحروب .. اللعب في موازاة الحقيقة "اللعبة" !

نشر بتاريخ: 2018-01-09 الساعة: 09:42

رام الله- الايام- يطلق "جاليري1" في مدينة رام الله، اليوم، المعرض الفردي الجديد للفنان بشار الحروب، بعنوان "الحرب والرغبة"، بحيث يضم مجموعة من الأعمال التي عمل عليها خلال العامين 2016 و2017، كان قد عرض جزءاً منها في رام الله، ودبي، وليون بفرنسا.

ويقدم الحروب في مشروعه الجديد (الحرب والرغبة)، مجموعة من الأعمال التي تشمل المجسمات النحتية، وأعمالًا متعددة الوسائل كالرسم والفوتوغراف والفيديو، جميعها تندرج تحت موضوع الرغبة والحرب وتحاكي تأرخة العسكرة كلعبة طفولية عديمة البراءة، وتكشف لعبة القوة والعنف المتخيلة بين الفن والمشهد اليومي للحياة الفلسطينية في الأراضي المحتلة، كما تسلط الضوء على العلاقة المركبة بين الشهوة والعنف، عبر صهر وحدات متكررة تعود جذورها إلى الحرف التقليدية في الثقافات القديمة التي كان لها حضور طبيعي أو"كولونيالي" في فلسطين والوطن العربي، كما يقول قيم المعرض د. عيسى ديبي.

يقدم المشروع تساؤلات حول مفهوم الجندي كرمز تقليدي للحرب، في محاولة لتفكيك النمطية السائدة، ويتناولها من زاوية اللعب في موازاة ما يجري حقيقة في هذا العالم.

يحمل المشروع في طياته ترميزاً لمفهوم الديمومة وانعكاسها على العمل عبر الدائرة التي تشكل مركزية العمل من حيث دور الجندي في لعبة الحرب كأداة، وكذلك عبر المواد المستخدمة في صناعة الجنود البلاستيكية كمادة نفطية كانت سببًا في كثير من الحروب. 
وقال الحروب لـ"أيام الثقافة": بدأت العمل على هذا المعرض منذ عامين، وكانت الجزئية الأولى منه بعنوان "الجندي الكوني"، ويمكن أن أسميها ببداية البحث، ولكن خلال العامين عمدت إلى العمل على تطوير المشروع إلى أن وصلت إلى صيغته النهائية في "الحرب والرغبة"، في معرض تحليلي نقدي يقدم سخرية جادة في طرح جدلية الحرب والرغبة، ليس بعيداً عن الربط السيكولوجي ما بين القتل و"الآيروتيك"، وكأن ثمة تعبيراً جنسياً ما في الحرب، والقتل، وحتى الانتصار.

وهنا يقول د. عيسى ديبي: يقدم الحروب في معرض "الحرب والرغبة" أعمالًا تعيش بالمفهوم المجازي بين العنف والإيروسية كحالة جمالية، تسلط الضوء على العلاقة المركبة بين الشهوة والعنف كعمل حربي رجولي له أصوله في تأريخ الحرب والانتصار والهزيمة، وبناء على ذلك فهو يؤسس لعلاقة متوترة أيضًا بين المجسم والمشاهد أو المتلقي أو المتعامل مع هذه الأعمال المهجنة، فإذا تأملنا المجسم الذي هو على شكل "صاروخ" مثلًا، إذا اعتبرنا من المشاهدة الأولى أن هذا العمل يذكرنا بالصواريخ فنرى أن الفنان استعمل اللون "الزهري" أو "الماجنطا" الذي هو رمز الأنوثة والإثارة والرومانسية تمت أدلجته من خلال برنامج تسويقي غربي مع بداية القرن الـ19 في المملكة المتحدة وأصبح اليوم متعارفًا عليه كلون نسوي بامتياز، فهل نعتبر أن اختيار بشار لهذا اللون والشكل جاء صدفة أم أنه أراد أن يربط بين اللون كرمز اقتصادي جيوسياسي جندري ومع تأرخة الحرب كعمل ذكوري مهيمن، أو أراد أن يقدم صاروخًا "نسويًا"، إذا أردنا أن نقترح هذا من باب الدعابة الجمالية، وهذا السؤال طرحه الفنان في عمله المجسم على شكل قلب رومانسي قام بتلوينه باللون الأحمر الفاقع، فأعاد صياغة اللعبة العسكرية كموضوع مثير للشهوة والإيروسية. ماذا يعني أن نصهر مجموعة من العناصر العسكرية البلاستيكية في أشكال مستوحاة من الحرب والحب.

وأضاف ديبي: إن أعمال بشار المهجنة موجودة الآن في مركز الجماليات الإيروسية التي تعمق التوتر بين العنف والشهوة كعمل حربي، أسس له الفنان من خلال محاولته أن يحاكي الطفولة كأب يضع إستراتيجيات اللعب من ابنه "عمر" في لعبة الحرب، فكان ما نتج عن الإستراتيجيات البريئة!

وكشف الحروب لـ"أيام الثقافة": أنه في هذا المعرض يستخدم ألعاب الجنود التي يتسلى بها الأطفال في معاركهم المفترضة، وأضاف: أوظف هذه الألعاب في المعرض باستعادة لطفولتي، ومن خلال ابني الذي كان له دور كبير في هذا المجال حين شاركته اللعب بالجنود، وخوض المعارك التمثيلية.

وشدد الحروب: في هذا المعرض طرحت تساؤلاتي بخصوص الحرب، وبخصوص الرغبة المرتبطة فيها على المستوى العالمي، ففي أعمالي لا أؤطر نفسي مكانياً، بل أسعى لطرح قضايا كونية .. أتمنى أن يكون المعرض أكثر إدهاشاً لدى المتلقي من خلال الموضوع المطروق، وعلى مستوى الشكل والتقنيات المستخدمة المتنوعة، وهي تقنيات مختلفة في عالم الفن المعاصر منه والتقليدي وتوظيفه لخدمة ثيمة بعينها، مؤكداً أن "الفكرة لا يجب أن تكون أسيرة لمادة فنية بحد ذاتها، فالأفكار حرة، وتوظيفها في أكثر من شكل فني يعكس هذه الحرية بشكل أو بآخر".

وختم الحروب حديثه لـ"أيام الثقافة" بالقول: أنا أرى أن حروب العالم كلها ليست إلا مجرد "لعبة" .. "لعبة" يمارسها الأقوياء ضد الضعفاء، وحين يمتلك هؤلاء الضعفاء القوة فإنهم يمارسون "اللعبة" ذاتها التي تمارس عليهم من قبل الأقوياء الآن.

وبشّار الحروب؛ فنّان فلسطينيّ من مواليد العام ١٩٧٨، حاصل على درجة الماجستير في الفنون المعاصرة من بريطانيا العام ٢٠١٠؛ وحاز على العديد من الجوائز المحلية والدولية أبرزها الجائزة الاولى في بنيالي الفنّ الآسيويّ الخامس عشر ببنغلادش في العام ٢٠١٢.

وعرضت أعمال الحروب في فلسطين، وعلى مستوى العالم، في متاحف ومهرجانات ومؤسّسات مختصّة بالفنون المعاصرة، حتى بات وهو الذي حصل على العديد من الإقامات الفنيّة الدوليّة في كل من نيويورك، ولندن، والنرويج، والمغرب، وتونس، واحداً من أبرز الأسماء الفلسطينية العاملة في حقل الفنون البصرية على المستوى الدولي. 

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024