الرئيسة/  مقالات وتحليلات

الفيتو الأمريكي ماذا بعد؟!

نشر بتاريخ: 2017-12-19 الساعة: 18:53

د فوزي علي السمهوري لم يشكل الفيتو الأمريكي مفاجأة نظرا لتاريخها باتخاذ  المواقف المنحازة لدولة العدوان والاحتلال الإسرائيلي على مر العقود. 
ولكن الرئيس ترامب اراد إرسال رسائل عديدة من خلال الإيعاز بإستخدام الفيتو ومنها: 
أولا : أن أمريكا بكفة وباقي العالم بالكفة الأخرى، وما على دول العالم إلا أن تنصاع لمنطق القوة والعربدة الأمريكية وإلا ما معنى أن ترفض قرارا دوليا مقابل إجماع باقي الدول أعضاء مجلس الأمن ؟ 
ثانيا : العناد والإصرار على اتخاذ المواقف والقرارات الخاطئة حتى في تلك التي يمكن أن تشكل انقلابا على السياسات والقرارات للإدارات الأمريكية السابقة، متجاهلة أن هذه السياسة ستؤدي مستقبلا لانفضاض دول حليفة عن المحور الأمريكي كما ستؤدي إلى زعزعة مصالحها السياسية والاقتصادية والعسكرية والاستراتيجية على امتداد خارطة العالم وبالتالي ستؤدي إلى بداية الانهيار الأمريكي في قيادة العالم وفقا لمصالحها. 
ثالثا : التأكيد على أن الرئيس الأمريكي ترامب وإدارته بشكل خاص لا تفهم إلا لغة المصالح ولغة القوة العسكرية والسياسية على حد سواء  تنفيذا لشعار امريكا اولا وما فشلها في التعامل مع ملف كوريا الشمالية إلا مثال واضح. 
وما كان للرئيس الامريكي أن يصدر أوامره باستخدام الفيتو لولا القرارات الهشة التي صدرت عن اجتماع وزراء الخارجية العرب واجتماع القمة لمنظمة التعاون الإسلامي ، التي خلت من أي قرار عملي يشكل ضغطا حقيقيا على الإدارة الأمريكية باستهداف مصالحها السياسية او الاقتصادية او حتى بالتلويح بامكانية انتهاج هذا السلوك في حال استمرار التعنت الأمريكي وانحيازه المطلق للكيان الصهيوني على حساب الحق الفلسطيني والحق العربي والإسلامي والحقوق الأساسية التي كفلها ميثاق الأمم المتحدة والعهود والمواثيق الدولية. 
رابعا : إدراكه الكامل عن عجز القيادات العربية والإسلامية بالرغم من التأييد والدعم الكبير من دول الاتحاد الأوروبي والصين وروسيا وباقي الدول الصديقة من القفز عن خلافاتها والتوافق على موقف موحد ، مما حفزه للاستمرار في سياسته العدائية للشعب الفلسطيني طليعة الشعب العربي والأمة الإسلامية وشعوب العالم الديمقراطي والحر. 
مواجهة السياسة الأمريكية التي ترمي إلى فرض سياسة الأمر الواقع كما يراها مجرم الحرب نتنياهو وزمرته فيما يتعلق بإنهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وتمكين الشعب الفلسطيني من اقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس ، تتطلب اتخاذ عدد من  الإجراءات منها : 
أولا : الدعوة لعقد قمة عربية عاجلة شريطة الإعداد الجاد لتحقيق شروط نجاحها والتوافق على قراراتها السياسية والاقتصادية دون تردد او خوف من ردات الفعل الامريكية فليس باستطاعة  الرئيس ترامب ان يواجه تكتلا عربيا موحدا وعلى رأسها   المقاطعة الاقتصادية وتجميد صفقات السلاح وغيرها إضافة إلى خفض مستوى التمثيل الدبلوماسي وصولا إلى قطعها. 
ثانيا: العمل مع الدول الإسلامية والصديقة لاستصدار قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة تؤكد على ضرورة تنفيذ القرارات الدولية وخاصة قرار التقسيم رقم 181 وقرار رقم 194 الخاص بتمكين اللاجئين الفلسطينيين العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام 1948.
ثالثا: العمل على عزل دولة الاحتلال الإسرائيلي وفرض العقوبات وصولا إلى طردها من عضوية الأمم المتحدة في حال اصرارها وتعنتها بادامة الاحتلال ورفض تنفيذ القرارات الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية وإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية وقلبها القدس 
رابعا: تفعيل تنفيذ قرار مجلس الامن الذي اعترف " بإسرائيل " عضوا في الأمم المتحدة استنادا لقرار التقسيم الجائر رقم 181 مما يعني تلقائيا الاعتراف بالدولة العربية الفلسطينية المستقلة على الحدود المنصوص عليها في ذلك القرار عضوا عاملا بالأمم المتحدة .
خامسا: تحريك القضايا ضد قيادات الكيان الصهيوني السياسية والعسكرية في المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبتهم على جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبوها  ضد الشعب الفلسطيني هذه الجرائم موثقة في تقرير جولدستون وفي الجرائم المرتكبة في مخيم جنين عام 2002 وفي استمرار العقوبات الجماعية الماثلة حتى الآن في الحصار المفروض على قطاع غزة إضافة إلى امتلاكها أسلحة نووية وأسلحة تدمير شامل. 
سادسا: الطلب من الحكومة السويسرية الدعوة لاجتماع عاجل للدول الموقعة على اتفاقيات جنيف بهدف تعيين دولة حامية تشرف على الأرض المحتلة ولضمان عدم إجراء أي تغيير تشريعي أو ديمغرافي أو أي إجراء آخر يؤثر على الأرض أو على حياة السكان. 
قد يرى البعض أن هذا حلم ولكن أقول غن هذا يمثل برنامج عمل قابل للتطبيق ولكن بحاجة إلى إرادة سياسية من القيادات العربية خاصة وفي حال العمل وفقا لذلك تكون هذه الدول قد خطت الخطوة الرئيسية للانتقال من مربع المفعول به إلى مربع الفاعل والمؤثر على الساحة العالمية.

 

far

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024