الرئيسة

في ذكرى رحيل درويش... عاشق فلسطين...ورائد المشروع الثقافي الحديث

نشر بتاريخ: 2017-08-09 الساعة: 09:43

ولد محمود درويش في 13/3/1941 في قرية البروة الفلسطينية التي تقع في الجليل شرق ساحل عكا، وطرد من البروة مع أسرته في السادسة من عمره تحت دوي القنابل عام 1947، ليجد نفسه مع  عشرات آلاف اللاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان، قبل ان تعود اسرته لتسكن في قرية دير الأسد، ومن ثم انتقلت الى قرية اسمها الجديدة وامتلكت فيها بيتاً.

وفي حيفا، عاش درويش عشرة سنوات، اكمل خلالها دراسته الثانوية، ثم عمل محررا في جريدة "الاتحاد"، وكان ممنوعا من مغادرة حيفا. وفرضت عليه الاقامة الجبرية في حيفا. وانتسب إلى الحزب الشيوعي وعمل في صحافة الحزب وأبرزها صحيفة الاتحاد، والجديد التي أصبح فيما بعد رئيس تحريرها. اتهمته حكومة الاحتلال القيام بنشاط معاد لدولة إسرائيل؛ فطورد واعتقل خمس مرات 1961م، و1965، و1966، و1967، و1969، وفرضت عليه الإقامات الجبرية حتى العام 1970.

وفي عام 1970، توجه إلى الاتحاد السوفييتي للدراسة. وكانت موسكو أول مدينة أوروبية وأول مدينة كبيرة يعيش فيها. وكانت القاهرة محطته الثانية، حيث كان حدثا مهما في حياته،  وكان يصفها "ترسخ قرار خروجي من فلسطين وعدم عودتي إليها. ولم يكن هذا القرار سهلاً. كنت أصحو من النوم وكأنني غير متأكد من مكان وجودي". والتقى خلالها بنجيب محفوظ ويوسف ادريس وتوفيق الحكيم. وتمت ملامح تحول في تجربة درويش الشعرية وكأن منعطفا جديدا يبدأ.

وفي بيروت، عاش درويش من عام 1973 حتى العام 1982، واحتلت بيروت مكانة خاصة في قلبه قبل ان تندلع الحرب، ووصف حياته في بيروت بانها كانت ورشة أفكار ومختبراً لتيارات أدبية وفكرية وسياسية، متصارعة ومتعايشة في وقت واحد، وكتب فيها اجمل دواوينه الشعرية "هذا انتحار العاشق".

وفي باريس، واصل درويش اصدار مجلة الكرمل بناء على طلب القائد الرمز ابو عمار، وأصدر الكرمل من قبرص التي كان يحررها من باريس. ويصف درويش اقامته في باريس
"كانت باريس عبارة عن محطة أكثر منها إقامة أو سكناً. لا أعرف. لكنني أعرف أنه في باريس تمت ولادتي الشعرية الحقيقية. وإذا أردت أن أميّز شعري، فأنا أتمسك كثيراً بشعري الذي كتبته في باريس في مرحلة الثمانينيات وما بعدها. هناك أتيحت لي فرصة التأمل والنظر إلى الوطن والعالم والأشياء من خلال مسافة، هي مسافة ضوء. فأنت عندما ترى من بُعد، ترى أفضل، وترى المشهد في شموليته. علاوة على أن باريس جمالياً تحرّضك على الشعر والإبداع. كل ما فيها جميل. حتى مناخها جميل. في باريس كتب في وصف يوم خريفي: "أفي مثل هذا اليوم يموت أحد؟".

وفي رام الله، عاد درويش إلى "جزء" من فلسطين وليس إلى "جزء" شخصي بل إلى "جزء" من وطن عام، ووصف درويش عودته بقوله "وقفت طويلاً أمام خيار العودة. وشعرت بأن من واجبي الوطني والأخلاقي ألا أبقى في المنفى. فأنا أولاً لن أكون مرتاحاً، ثم سأتعرض إلى سهام من التجريح لا نهاية لها، ثم سيقال إنني أفضل باريس على رام الله أو على غزة".  

ولكون وقت درويش في رام الله كان مشغولا، ومشاغل الحياة الوطنية واليومية تسرق وقت الكتابة. كان يمضي نصف وقته في رام الله والنصف الآخر في عمان وفي بعض الأسفار. في رام الله أشرف على إصدار مجلة "الكرمل"، وفي عمان كان عمله الجاد الذي لم يختلف عن حياته في بيروت وباريس والقاهرة، واصدر جملة من الاعمال منها: الجدارية 2000، حالة حصار 2002، لا تعتذر عما فعلت 2004، كزهر اللوز أو أبعد 2005، في حضرة الغياب 2006، أثر الفراشة 2008، معظم هذه الدواوين كتبت بين عمان ورام الله.

وتوفي درويش في الولايات المتحدة الأمريكية يوم السبت 9 أغسطس 2008 بعد إجراء عملية القلب المفتوح في المركز الطبي في هيوستن، التي دخل بعدها في غيبوبة أدت إلى وفاته. وري جثمانه الثرى في 13 أغسطس في مدينة رام الله حيث خصصت له هناك قطعة أرض بالقرب من قصر رام الله الثقافي، وشيد عليها متحف يحمل اسم الشاعر محمود درويش، ليصبح منبرا ثقافيا فلسطينيا.

وتبقى ذكرى درويش منارة سنوية للفلسطينين، فهو "عاشق فلسطين" و"رائد المشروع الثقافي الحديث"، والقائد الوطني اللامع والمعطاء. 

 

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024